إيمان بروجي : تحتفي القمة الإفريقية للحكومات المحلية (أفريسيتي)، التي تنظم للمرة الثانية في المغرب بعد قمة مراكش 2009، بعيد ميلادها العشرين. ويعكس هذا اللقاء الإفريقي المهم الرغبة القوية والالتزام غير المسبوق لمجموع الدول الإفريقية من أجل مدن مستدامة ومبتكرة ومتضامنة.
وتشكل هذه الدورة الثامنة من قمة أفريسيتي (المنظمة بمراكش من 24 إلى 28 نونبر الجاري) موعدا لا محيد عنه للجماعات الترابية الإفريقية وذكرى مهمة تخلد عشرين سنة بعد تنظيم أول قمة لأفريسيتي. وبهذه المناسبة، ستكون المدينة الحمراء مرة أخرى القلب النابض لإفريقيا تسير على طريق التقدم.
واستطاعت هذه القمة، التي تنظم كل ثلاث سنوات وأطلقت بأبيدجان في الكوت ديفوار سنة 1998، أن تكتسي أهمية كبرى خلال عشرين سنة وأصبحت بدون منازع أكبر تظاهرة ديمقراطية بالقارة. وتحمل هذه التظاهرة عاليا صوت إفريقيا المحلية، التي ستكون في صلب المقاربة الجديدة المميزة للتنمية المستدامة.
وتهدف هذه الدورة، المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حول موضوع “الانتقال نحو مدن ومجالات ترابية مستدامة: دور الجماعات الترابية في إفريقيا”، إلى تحقيق هدفين أساسين يتمثلان في تحديد استراتيجيات مشتركة وجيهة لتحسين ظروف العيش على المستوى المحلي والإسهام في إقرار السلم، وتحقيق اندماج ووحدة إفريقيا انطلاقا من المجالات الترابية.
وبالفعل، فإن مستقبل القارة الإفريقية وتطورها يمر بشكل متزايد عبر مدنها ومجالاتها الترابية، إذ أن العولمة والتوسع الحضري السريع هما أهم توجهين يميزان هذا التطور ولهما وقع كبير على تنمية المجتمعات الإفريقية، إذ يبعثان على تساؤل حول مدى فعالية نماذج النمو والتنمية المتبعة حاليا في السياق الإفريقي، وحتى أيضا حول إمكانية إعادة النظر في طرق التفكير في التنمية المستدامة بالقارة.
وباختيار موضوع الانتقال نحو مدن ومجالات ترابية مستدامة لقمة أفريسيتي 2018، تعلن الجماعات الترابية الإفريقية انخراطها في قطيعة تبرر استعجالية إحداث تغيير عميق في نماذج النمو والتنمية وفي إطار التفكير المتبع في تنمية القارة، بغية تحقيق التحول الهيكلي الذي تطمح له أجندة 2063 للاتحاد الإفريقي.
وستناقش القمة الأبعاد المختلفة للانتقال، دون تجاهل الروابط التي يمكن أن تجمع بينها، لاسيما الروابط الديموغرافية، والإيكولوجية، والديمقراطية والسياسية، والاقتصادي والاجتماعية، والجيوسياسية، والثقافية والتواصلية.
وهناك إقرار متزايد بأن كسب أو خسارة معركة مكافحة التغيرات المناخية والفقر يتم على مستوى المدن والمجالات الترابية، ولهذا السبب أصبحت هذه الأخيرة فاعلا حاسما في تنزيل الأجندة الدولية المعتمدة من طرف الأمم المتحدة في 2015 و2016، لاسيما أجندة 2030 الخاصة بأهداف التنمية المستدامة، واتفاق باريس حول التغيرات المناخية، والمساهمات المحددة على المستوى الوطني لتنفيذ تلك الاتفاقية، فضلا عن الأجندة الحضرية الجديدة الدولية المعتمدة بمدينة كيتو بالإكوادور.
وقصد إثارة الوعي أيضا حول المسؤوليات الجديدة المناطة بهم واستكشاف الطرق والسبل الكفيلة بالوفاء كليا بتلك المسؤوليات، يدعو قادة الجماعات الترابية الإفريقية جميع الفاعلين المهتمين إلى التفكير معهم، خلال قمة أفريسيتي بمراكش، حول الاستراتيجيات التي يجب اعتمادها، والمسارات التي ينبغي سلكها للدخول من الآن في مسلسل الانتقال نحو مدن ومجالات ترابية مستدامة في إفريقيا.
وستشكل هذه التظاهرة كذلك مكانا تلتقي فيه إفريقيا المحلية مع عالم المقاولة بفضل معرض أفريسيتي، المنظم من 20 إلى 23 نونبر الجاري في إطار القمة، والذي سيشكل فرصة لإلقاء الضوء على انتظارات وطلبات الاستثمارات والولوج إلى الخدمات الأساسية بالمدن والمجالات الترابية الإفريقية للخدمات، أمام عروض المنتوجات والخدمات التي تقترحها المقاولات وباقي الفاعلين، مما قد يسفر عن مناقشة عقود تتعلق بالأعمال والأسواق والشراكات.
وسيناقش أكثر من 3000 منتخب محلي إفريقي مع منظمات شبابية، ومنظمات نسوية، وفاعلين من المجتمع المدني والقطاع الخاص، وعالم الجامعة والبحث وأوساط التعاون الدولي، التوجه الجديد الذي يقترحونه من أجل تنمية أكثر إنصافا واستدامة في إفريقيا.