وحقق الاقتصاد الإسباني هذه السنة، مدعوما بسوق الشغل الدينامي وتدفقات الهجرة المهمة، نموا يفوق معدل منطقة اليورو بثلاثة أضعاف، مما مك ن البلاد من تسجيل أفضل أداء في القارة العجوز.
ويتجه نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي في البلاد إلى تجاوز 3 بالمائة، وهو رقم يفوق بكثير متوسط دول منطقة اليورو، مما يعكس انتعاشا اقتصاديا ملحوظا في جنوب أوروبا.
ومرة أخرى، شكلت السياحة، الركيزة الأساسية للاقتصاد الإسباني، ركيزة رئيسية في هذا الأداء المتميز. ففي عام 2024، سجلت البلاد تدفقا غير مسبوق لأكثر من 82 مليون سائح أجنبي خلال الأشهر العشرة الأولى، مسجلة رقما قياسيا جديدا.
ووفقا لأحدث الأرقام الصادرة عن وزارة الصناعة والسياحة، حقق القطاع أكثر من 110 مليار يورو إلى غاية شهر أكتوبر، مدفوعا بالطلب الدولي القوي، مع وجود وجهات بارزة مثل جزر البليار وجزر الكناري وبرشلونة ومدريد، المشهورة بتراثها الثقافي ومطبخها الغني.
وتم تأكيد هذا الأداء الاقتصادي أيضا من خلال التصنيف السنوي الأخير لمجلة “ذا إيكونوميست” البريطانية، التي وضعت إسبانيا ضمن الاقتصادات الأكثر قدرة على الصمود في عام 2024.
ويتصدر البلد الإيبيري حاليا قمة التصنيف بفضل الإصلاحات الهيكلية وأداء السنة التي تشارف على الانتهاء، تليه أيرلندا والدنمارك واليونان وإيطاليا، مما يعكس انتعاشا اقتصاديا ملحوظا في جنوب أوروبا.
كما سجل سوق الشغل، الذي شهد ازدهارا أيضا، زيادة في عدد المنتسبين للضمان الاجتماعي بلغت 496,389 شخصا (+2,4 بالمائة)، وانخفاضا في عدد العاطلين عن العمل بلغ 148.813 شخصا (-5,44 بالمائة).
ومع ذلك، عانت إسبانيا هذا العام من الآثار المدمرة الناتجة عن أسوأ فيضانات منذ عقود. ففي نهاية أكتوبر، شهد جنوب شرق إسبانيا سيولا جارفة، مما أسفر عن مقتل 229 شخصا، 221 منهم في منطقة فالنسيا، وهي الأكثر تضررا من هذه الكارثة.
وقد تسببت الأحوال الجوية، وهي الأسوأ التي تم تسجيلها على الإطلاق، في حدوث فيضانات أثرت على آلاف المنازل، وأدت إلى تعطيل الأنشطة الزراعية وألحقت أضرارا كبيرة في البنية التحتية للنقل.
وبحسب محافظ بنك إسبانيا، خوسيه لويس إسكريفا، فإن هذه الفيضانات قد تؤدي إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 0.2 نقطة في الربع الرابع وزيادة التضخم بمقدار 0.15 نقطة.
ولمواجهة هذه الأزمة، رصدت الحكومة 16.6 مليار يورو لدعم المناطق المتضررة وأعلنت عن خط ائتمان بقيمة 5 مليارات يورو للشركات الصغرى والمتوسطة والعاملين لحسابهم الخاص والأسر، وذلك وفقا لنموذج مشابه للتدابير التي تم اعتمادها خلال جائحة كوفيد-19.
وبفضل الإصلاحات الهيكلية والتنويع التدريجي لاقتصادها، تتطلع إسبانيا إلى أن تصبح رائدة الاقتصاد الأوروبي، من خلال التشجيع على الابتكار وريادة الأعمال مع تعزيز أسس القدرة على الصمود على المدى الطويل في مواجهة المخاطر الاقتصادية والمناخية.
الحدث:ومع