الدراسة متعددة الأبعاد للتنمية بالمغرب توصي بتحقيق انسجام أكبر بين السياسات العمومية والاستراتيجيات القطاعية

0

 أوصت الدراسة متعددة الأبعاد للتنمية بالمغرب، التي أعدها مركز التنمية التابع لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، بضرورة العمل على تحقيق انسجام أكبر بين السياسات العمومية والاستراتيجيات القطاعية بالمغرب من أجل فعالية أكبر في عمل الدولة.
وأبرزت هذه الدراسة، التي قدم نتائجها السيد ماريو بيزيني، مدير مركز التنمية التابع لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، اليوم الاثنين بالرباط، خلال لقاء ترأسه رئيس الحكومة السيد سعد الدين العثماني، أن تحقيق ذلك يتطلب ضمان أن تكون الرؤية التنموية بالمغرب محددة في أهداف ذات أولوية واضحة ومتقاسمة، وذلك، على الخصوص، عبر اعتماد وثيقة تتضمن توجهات السياسة العامة على المدى الطويل.
وأوصت الدراسة بأن يستجيب اعتماد الاستراتيجيات القطاعية لعدد من المعايير ضمنها الحرص على أن تكون كافة الاستراتيجيات تتوفر على رؤية، وأن تكون لكل منها ميزانية وآفاق محددة مع تحديد من البداية الفاعلين المعنيين ومسؤولياتهم في تفعيلها، مع الأخذ بعين الاعتبار عند اعتماد استراتيجيات جديدة الاسترايتيجات القائمة.
كما أكدت على ضرورة تعزيز الميكانيزمات المؤسساتية للتنسيق في تفعيل الاستراتيجات القطاعية، ودعم اتخاذ القرار عبر نظام مندمج لتتبع إنجاز الاستراتيجيات، وتطوير ثقافة التقييم والمساءلة داخل الإدارة فضلا عن تقوية الموارد البشرية.
وأشارت الدراسة متعددة الأبعاد للتنمية بالمغرب على أن إصلاح الميزانية يمثل أيضا مناسبة لضمان تناغم أفضل بين الاستراتيجيات القطاعية والسياسات العمومية.
وبخصوص قطاع التربية، أبرزت الدراسة أن المغرب سجل تأخرا في هذا المجال مقارنة مع بعض البلدان كتونس وتركيا، مشيرة إلى أن المعدل المتوسط لسنوات التمدرس لساكنة تفوق أعمارها عن 25 عاما يبلغ 4.3 أعوام مقابل 8 سنوات في تونس و10 سنوات في تركيا.
وأوصت الدراسة بجعل الموارد المالية التي يتم استثمارها في قطاع التربية أكثر إنتاجية وتحسين تدبير الموارد البشرية، ومواصلة الجهود في مجال البنيات التحتية وبرامج الدعم المدرسي القائمة، وتعزيز نظام التكوين الأساسي والمستمر للأساتذة وملاءمة تكوين التلاميذ لحاجيات السوق، ودعم الحكامة متعددة الأبعاد لتدبير المنظومة التربوية وتطوير نظم التقييم الخاصة بالأطر الإدارية والتربوية.
وأكدت الدراسة أنه يتعين على المغرب من أجل رفع مستوى التكوين أن يضع تخطيطا أمثل للحاجيات وتوزيعا أفضل للموارد البشرية مع جعل المسارات المهنية للأساتذة ذات جاذبية وكذا وضع استراتيجية للدعم المدرسي لفائدة التلاميذ الذين يواجعون صعوبات بهدف تقليص معدل الهدر المدرسي. مبرزة أن تحسين ظروف الاشتغال وإقرار تعويض عن الحركية والأداء يمكنه أن يجذب كفاءات جديدة نحو مهنة التدريس.
وشدد التقرير، من جانب آخر، على ضرورة حل إشكالية عدم الملاءمة بين التكوين وحاجيات سوق الشغل، مبرزا الحاجة إلى تطوير شعب أكثر تلاؤما مع حاجيات الاقتصاد، وتعزيز التكوين المهني ووضع ميكانزمات فعالة لاستباق حاجيات السوق.
وأوصت الدراسة بمضاعفة الجسور بين مختلف وحدات التعليم الجامعي والتكوين المهني لتيسير إعادة توجيه التلايمذ، وكذا العمل على تتبع الخريجين الجامعيين مع تقييم معدل الاندماج في سوق الشغل بالنسبة لكل جامعة وشعبة دراسية، مشيرة إلى أن تطوير تمويل التعليم العالي يمكن أن يدعم تفعيل الإصلاحات المقترحة.
وبخصوص التنافسية الصناعية، أبرزت الدراسة أنه يتعين على المغرب تقوية تنافسية مقاولاته الصناعية عبر ثلاثة دعائم تتمثل في دعم الابتكار، وانبثاق قطاع لوجستيكي مهيكل وذي جودة، واستخدام مكثف لمعايير الجودة من قبل المقالاوت والدولة والمستهلكين.
وخلصت الدراسة إلى أن تقوية التنافسية الصناعية وتعزيز التكوين وتحقيق التناغم في الاستراتيجيات القطاعية تمثل الرافعات الثلاث الأساسية للنهوض بالتنمية بالمغرب.
وتم البدء في إنجاز هذه الدراسة متعددة الأبعاد للتنمية بالمغرب في شهر فبراير 2016، وتمخض عنها صدور تقريرين الأول في شهر يوليوز 2017 الذي ارتكز على تشخيص دينامية التنمية بالمغرب، والثاني جرى تقديمه اليوم وهو يرتكز على تحليل معمق للإكراهات الرئيسية المحددة في التقرير الأول وتناول ثلاثة محاور تتعلق بالتنافسية الصناعية لإعطاء دفعة للتحول الهيكلي، والتكوين والملاءمة مع حاجيات الاقتصاد، وتناغم الاستراتيجيات القطاعية.
وتعتبر هذه الدراسة متعددة الأبعاد للتنمية بالمغرب الدراسة الثالثة من نوعها التي تنجز في إفريقيا، بعد الدراستين المنجزتين بكل من كوت ديفوار والسنغال.

الصورة من الارشيف

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.