بالإضافة إلى تأثيره على قطاع الصحة، يؤثر وباء كوفيد-19 على النمو الاقتصادي العالمي لعام 2020، فقد اعتبر صندوق النقد الدولي أنه لا يزال “من الصعب توقع” مدى تأثير فيروس كورونا المستجد على الاقتصاد العالمي، مشيرا إلى أن ذلك يعتمد على نطاق الجائحة وطرق تعامل الدول المتضررة معها.
وقال المتحدث باسم الصندوق، جيري رايس، خلال مؤتمر صحافي، إن نمو الاقتصاد العالمي في عام 2020 سيكون حتما أدنى مما كان عليه قبل عام (2,9 في المائة)، “لكن إلى أي درجة سيتراجع، من الصعب توقع ذلك في هذه المرحلة بسبب الشكوك” المحيطة بانتشار فيروس كورونا المستجد، مضيفا أن ذلك يعتمد على الاجراءات التي تتخذها الحكومات ودرجة فعاليتها، وكذا مدى تنسيق الجهود لاحتواء الجائحة.
من جهتها، قالت رئيسة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجييفا، الأسبوع الماضي، إن الوباء “لم يعد قضية إقليمية بل مشكلة عالمية تتطلب استجابة عالمية”، وبالرغم من أن البنك أطلق برنامج قروض لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم الأكثر تأثرا بالوباء العالمي، ويعتزم إنفاق 120 مليار أورو إضافية هذا العام لشراء سندات حكومية وسندات شركات في إطار برنامجه الهائل للتيسير الكمي، إلا أن ذلك لم يطمئن المستثمرين.
من جهة أخرى، أثار المنع الموقت لدخول المسافرين القادمين من أوروبا إلى الولايات المتحدة، الذي أعلن عنه ترامب مساء الأربعاء، صدمة في جميع أنحار القارة، مما أدى إلى تسجيل تراجع هام في أبرز البورصات الأوروبية، لا سيما بباريس (ناقص 5,11 في المائة)، ولندن (ناقص 4 في المائة)، وفرانكفورت (ناقص 5,81 في المائة)، ومدريد (ناقص 5 في المائة). وهكذا، سجلت البورصة الفرنسية، التي شهدت انهيارا تاريخيا في أدائها، انخفاضا في مؤشر (كاك 40) الفرنسي، أحد أهم مؤشرات البورصة في باريس لأكبر 40 شركة فرنسية، بنسبة 12.28 في المائة، وهو الانخفاض الأكبر في تاريخه، كما أنهى مؤشر “فوتسي” البريطاني، أحد أكبر مؤشرات الأسهم في بريطانيا، ويضم أسهم أكبر 100 شركة بريطانية في بورصة العاصمة لندن، تعاملاته بانخفاض 9.81 في المائة، وهو الانخفاض الأسوأ له منذ شهر أكتوبر عام 1987. أما قطاع السياحة فقد سجل انخفاضا بنسبة 1 في المائة إلى 3 في المائة من الوافدين السياحيين في العالم عام 2020 وخسارة 30 إلى 50 مليار دولار، وبالنظر إلى حجم الوباء، تتأثر سلسلة قيمة السياحة العالمية بأكملها، بما فيها النقل الجوي والبحري، ونقل الركاب، ووكالات الأسفار، ومنظمي الرحلات السياحية، ومؤسسات الإقامة، والمطاعم، والمراكز الترفيهية، ومحلات الهدايا التذكارية.
ومن المتوقع، وفقا للتقديرات الأولية من منظمة السياحة العالمية، أن ينخفض عدد السياح الوافدين إلى العالم من 17 في المائة إلى 3 بالمائة في عام 2020، مما سيؤدي إلى خسارة محتملة من 30 مليار دولار إلى 50 مليار دولار من عائدات السياحة العالمية. وتعد آسيا، البؤرة الرئيسية لهذا الوباء، المنطقة الأكثر تضررا حيث انخفض عدد الوافدين بنسبة 9 إلى 12 في المائة، فيما حظرت الصين، أكبر مصدر سياحي في العالم، تسويق السفر ودعت إلى إلغاء جميع البرامج السفرية المحجوزة بعد 27 يناير 2020.
وفي إفريقيا، أصبح تأثير الفيروس جليا في قطاع السياحة، فعلى الرغم من أن القارة تزن حوالي 6 في المائة فقط من السياح الوافدين من العالم، إلا أن عمليات الإلغاء تتزايد في الدول السياحية الرئيسية في القارة، لاسيما المغرب، ومصر، وتونس وجنوب إفريقيا.
وفي عام 2019، اجتذب كل من المغرب ومصر 13 مليون سائح، في حين استقبلت تونس 9,4 مليون سائح ولديها آفاق سياحية جيدة لعام 2020. وفي المغرب، بدأ أصحاب الفنادق في مراكش والدار البيضاء يشعرون بآثار الوباء بشدة، خاصة وأن فرنسا وإسبانيا هما أكبر دولتين مصدرتين للسياح إلى المغرب. من جهة أخرى، كان للحظر المفروض على دخول الأوروبيين الولايات المتحدة لمدة شهر تأثير سلبي على قطاع السياحة، حيث أفاد رئيس اتحاد منظمي الرحلات السياحية في فرنسا، رينيه مارك شيكلي، بأن “هذا القرار هو أسوأ الأخبار لشركات الطيران وللفاعلين في القطاع”.
وفي هذا الصدد، تدعو منظمة السياحة العالمية إلى تقديم الدعم المالي والسياسي لإجراءات التحفيز التي تستهدف السياحة في الاقتصادات المتضررة، وهي التدابير التي يطالب بها مهنيو الصناعة في البلدان الإفريقية.