اليوم العالمي للإذاعة: مناسبة للاحتفال بوسيلة إعلام تعزز التنوع الثقافي والتعددية

0

محمد إدسيموح: يحتفل العالم، غدا الخميس (13 فبراير)، باليوم العالمي للإذاعة الذي اختير له هذه السنة شعار “أنا الإذاعة.. أنا التنوع”، وذلك للاحتفاء بوسيلة إعلام تتيح تنوعا في الآراء والتصورات يكفل التصدي للتحديات المستجدة وتوسيع دائرة الاستفادة من المعلومات والمعارف.

وتعد الإذاعة وسيلة إعلام فعالة ومتاحة للجمهور في كل أنحاء العالم، لاسيما المجتمعات النائية والفئات الهشة، كما تعد فضاء أثيريا للتفاعل والنقاش العام بين فئات المجتمع، باختلاف توجهاتها ومداركها الفكرية ومستوياتها الاجتماعية، علاوة على أهمية الإذاعة بوصفها وسيلة للتواصل في حالات الطوارئ والكوارث الطبيعية.

وقد انخرطت الإذاعة في موجة التغييرات التكنولوجية الحديثة، حيث أصبحت تعتمد وسائل النطاق العريض والهواتف النقالة، ساعية بذلك إلى تقديم خدمات إذاعية مبتكرة.

كما تكيفت هذه الوسيلة الإعلامية مع متغيرات الألفية الثالثة على نحو يتصدى للهيمنة التي تفرضها وسائل التواصل الاجتماعي، تماشيا مع توجهها نحو تعزيز التفاعل المفضي إلى الإنصات لصدى الجمهور والرقي بالحوار الإيجابي.

وقد بدأ الاحتفال باليوم العالمي للإذاعة سنة 2011، حيث أطلقت اليونسكو عملية تشاور واسعة النطاق شهر يونيو 2011، شملت مؤسسات البث العام والخاص، الدولي منه والمحلي، وكذا وكالات الأمم المتحدة، وصناديقها وبرامجها، والمنظمات غير الحكومية ذات الصلة بالموضوع، والأوساط الأكاديمية، والمؤسسات والوكالات الإنمائية الثنائية، فضلا عن الوفود لدى اليونسكو واللجان الوطنية، لتعلن يوم 13 فبراير، اليوم الذي أنشئت فيه إذاعة الأمم المتحدة في 1946، يوما عالميا للإذاعة، وذلك خلالها مؤتمرها العام في دورته الـ 36 يوم 13 فبراير سنة 2011.

وتروم اليونسكو من خلال الاحتفال باليوم العالمي للإذاعة لهذه السنة ترسيخ التفاهم بين مختلف فئات المجتمع عن طريق التداول الحر للأفكار، بكل الوسائل المتاحة. وتحرص الهيئة الأممية، تبعا لذلك، على تحسين أداء الإذاعة باستمرار، والحفاظ على استقلاليتها وتعدديتها، وذلك بغية تفعيل مقاربة التنوع في النقاش العام.

وبمناسبة اليوم العالمي للإذاعة لهذه السنة، وجهت المديرة العامة لليونسكو، أودري أزولاي، رسالة أبرزت فيها أن تنوع قنوات البث مثل موجتي (إي.إم) و(إف.إم) والموجات الطويلة، والكم المتزايد من الإذاعات الرقمية والمحطات عبر الإنترنت والمدونات الصوتية، يقابله تنوع في المحتوى والبرامج الإذاعية المنتجة، وتعدد الآراء، وأشكال التعبير الثقافي، والحساسيات المعبر عنها.

وأشارت المسؤولة الأممية إلى أن الإذاعة أصبحت، من خلال الحرية التي توفرها، وسيلة فريدة لتعزيز التنوع الثقافي، لاسيما في ما يتعلق بالمحطات الإذاعية المجتمعية التي تنقل هموم وانشغالات العديد من الفئات الاجتماعية التي لولا الإذاعة لما استطاعت إسماع صوتها والتأثير بهذا القدر على الرأي العام.

كما نوهت بدور الإذاعة باعتبارها وسيلة إنسانية تساهم في مكافحة التحيز والتمييز، إذ تدعو المستمعين إلى توسيع آفاقهم، واكتشاف وجهات نظر جديدة، وتعزيز التفاهم بين الثقافات.

وأكدت السيدة أزولاي حرص اليونسكو على تعزيز مشاركة المرأة في الصناعة الإذاعية، إذ تساعد مؤشرات المساواة بين الجنسين في وسائل الإعلام على قياس مدى مراعاة هذه المساواة في وسائل الإعلام والمحتوى الإعلامي، كما تتيح تقييم التقدم المحرز والمجالات التي تستلزم بذل المزيد من الجهود.

ودعت في رسالتها، إلى تجسيد التنوع في المحتوى الإذاعي، وفي معدي هذا المحتوى، أي التقنيين والمبرمجين والصحفيين ومهندسي الصوت، الذين يتفرد كل منهم بدوره في هذا الصدد، مؤكدة على أهمية تنوع الصناعة الإذاعية باعتبارها تجسيدا لتشعب مجتمعاتنا وثرائها.

من جانبه، أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في رسالة له بذات المناسبة، أن الإذاعة من بين وسائل الاتصال التي تساهم في التقريب بين الناس، وتحتفظ بمكانة خاصة داخل كل مجتمع محلي كمصدر يسهل الوصول إليه لاستقاء الأخبار والمعلومات المهمة، مشيرا إلى أن منتجاتها تزخر بتنوع رائع من حيث أشكالها ولغاتها، وهو تنوع يتجلى حتى في صفوف المهنيين الإذاعيين أنفسهم.

كما أبرز أن الإذاعة تعد مصدرا للابتكار، حيث كانت لها الريادة في إنتاج برامج التفاعل مع الجماهير وبث المحتوى المستمد من المستخدمين قبل عقود من شيوع هذه الممارسة، داعيا إلى الاعتراف بالدور المستديم الذي تؤديه الإذاعة في تعزيز التنوع والمساعدة في بناء عالم أكثر سلما وشمولا للجميع.

رغم ما كان يتنبأ به عدد من خبراء الإعلام والمتتبعين بتراجع دور الإذاعة وغيرها من وسائل الإعلام التقليدية أمام المد الجارف للتحول الرقمي بما يحيل عليه من تحول نحو وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، جاءت الإحصائيات لتكذب هذه التوقعات وتؤكد على الاهتمام المتزايد للمستمعين بالإذاعة، وذلك بعد توجه الأخيرة نحو مواكبة التقدم التكنولوجي والبث الرقمي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.