سنة 2018 : العلاقات المغربية-الروسية تتعزز بشراكات اقتصادية وتجارية قوية وهامة

0

رضا السقاط: شهدت العلاقات المغربية الروسية ،على المستويين الاقتصادي والتجاري خلال سنة 2018 ،طفرة نوعية، حيث شكلت هذه السنة محطة بارزة في استمرار التعاون الثنائي بين البلدين وتوطيد سبله على جميع المستويات.

وتعد روسيا أحد أهم شركاء المغرب في المجال التجاري، إذ يبلغ حجم المبادلات التجارية بين البلدين مليارين ونصف المليار دولار سنويا، مما يجعل المغرب الشريك الثاني لروسيا في افريقيا والعالم العربي، حيث عرفت المبادلات التجارية المغربية خلال السنة ،التي نودعها ،تطورا كبيرا على هذا المستوى.

فالزيارة التاريخية التي قام بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى روسيا في مارس 2016 أعطت زخما مهما لمسلسل الشراكة بين البلدين، وذلك عبر إقامة شراكة استراتيجية معمقة ،من خلال التوقيع على 16 اتفاقية همت مختلف مجالات التعاون الثنائي، معلنة بذلك على وضع خطة طريق دقيقة وواضحة المعالم للبرامج المستقبلية في مسار العلاقات المتميزة بين البلدين.

وترمي الشراكة الاستراتيجية المغربية الروسية الى توطيد العلاقات التي يحرص قائدا البلدين على أن تكون متكاملة وتلامس كافة المجالات، وأن هذا الخيار الاستراتيجي نابع من إرادة المغرب الراسخة في تنويع شراكاته، وكذا تعبير عن الدور المحوري لروسيا كقوة تعرف تطورا متزايدا وريادة في مجالات تعزز وضعها على المستوى الدولي.

كما مكنت أشغال اللجنة المشتركة العليا التي عقدت في المغرب، في أكتوبر الماضي، من تحديد العديد من البرامج التي تهم التعاون الثنائي بين البلدين في العديد من القطاعات من قبيل الطاقة والمعادن، والصيد البحري، والفلاحة، والصناعة والتجارة والتكنولوجيا الحديثة، والسياحة والاستثمار والثقافة.

وفي هذا الصدد، كان وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي السيد ناصر بوريطة، قد أكد أن علاقات التعاون القائمة بين المغرب وروسيا عرفت تطورا إيجابيا في مختلف المجالات، منذ الدورة الأخيرة للجنة المشتركة المنعقدة بموسكو، وذلك بفضل تبادل الزيارات من مستوى عال والتوقيع على شراكة استراتيجية معمقة بين البلدين.

وأشاد السيد بوريطة ،الذي ترأس إلى جانب وزير الفلاحة الروسي ديميتري باتروشيف أشغال الدورة السابعة للجنة المشتركة المغربية-الروسية للتعاون الاقتصادي والعلمي والتقني، أن المبادلات الاقتصادية قد عرفت “تطورا يبعث على الارتياح”، كما هو الشأن بالنسبة للقطاعات الرئيسية من قبيل الفلاحة والطاقة والسياحة والصناعة.

وتزامن هذا اللقاء مع الذكرى الـ 60 لإرساء العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وروسيا، والتي عرفت طيلة السنوات الأخيرة تطورا يقوم على الصداقة المتينة والتعاون المثمر والاحترام المتبادل.

وكإجراء لتعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين ،قررت الحكومة المغربية خلال السنة الجارية حذف الرسوم الجمركية على القمح الروسي، حيث تم الإعلان عن هذا الاجراء أثناء اجتماعات اللجنة الحكومية المشتركة بين المغرب وروسيا للتعاون الاقتصادي والعلمي والتقني، والذي دخل حيز التنفيذ ابتداء من الأول من نونبر الماضي، لتنتقل الرسوم الجمركية من 135 في المائة إلى 0 في المائة.

وقد أعربت روسيا، عن ارتياحها الكبير لهذا القرار، مؤكدة على أهميته لتطوير المبادلات التجارية للمنتجات الزراعية بين البلدين وزيادة اهتمام الشركات الروسية بالسوق المغربية ،مشيرة الى أن التعاون الروسي المغربي في المجال الفلاحي “يحتل مكانة مهمة في العلاقات بين البلدين، وهو من أكثر القطاعات تطورا وديناميكية على مدى السنوات الماضية”.

وخلال السنة التي نودعها تم العمل على تنظيم ملتقيات دورية ومكثفة لرجال الأعمال شكلت فرصة سانحة لبلورة التوجه الرامي الى تنويع وتعميق المبادلات الاقتصادية والرقي بها الى مستوى العلاقات السياسية الجيدة التي تربط بين البلدين.

ومما يجسد ذلك الزيارة الأخيرة التي قام بها وفد من رجال الأعمال الروس يمثلون مختلف القطاعات للمغرب على هامش أشغال اللجنة المشتركة الروسية المغربية، حيث كانت لهم اتصالات مباشرة مع نظرائهم المغاربة الذين أعربوا من خلالها على أنه في المستقبل القريب ستكون هناك دينامية جديدة للمبادلات الثنائية، وتبادل الزيارات بين الفاعلين الاقتصاديين للرفع من حجم التبادل التجاري، وأن الشركات الروسية مهتمة أيضا بالاستثمار في المغرب وخاصة في مجالات الطاقة والكهرباء والتنقيب عن النفط والمواد والتجهيزات الطبية والسياحة.

وفي نفس السياق ،شهدت النسخة الثالثة لمهرجان المغرب بروسيا ،التي نظمت في ابريل المنصرم ، إقبالا منقطع النظير من طرف الجمهور الروسي.

وتميزت هذه الدورة ،التي أقيمت تحت شعار “تنويع مبادلاتنا التجارية”، من عرض 350 منتج جديد للسوق الروسي في قطاعات واعدة ،مثل النسيج والأحذية والتجميل والجلد الى غير ذلك.

وشهدت سنة 2018 اتخاذ سلسلة من الخطوات فيما يخص التعاون الاقتصادي والتجاري ،والمتمثلة في تفعيل مشاركة رجال الأعمال الصناعيين والمصدرين، إذ قام مجموعة من رجال الأعمال خلال سنة 2018 بزيارات عمل الى روسيا ،إما للمشاركة في منتديات اقتصادية، أو في المعارض التي أقيمت بكل من سان بطرسبورغ وموسكو، حيث كانت المشاركة المغربية مكثفة، عبر فيها العديد من رجال الأعمال المغاربة والروس عن تفاؤلهم بفرص التعاون بين روسيا والمغرب والآفاق الاقتصادية المتاحة حاليا في كلا البلدين.

وقد تم تجسيد هذا التفاؤل بالتوقيع على العديد من اتفاقيات الشراكة المهنية الثنائية الى جانب التعريف بثراء وتنوع منتجات الصناعات الغذائية الوطنية للعديد من المقاولات الروسية ،التي تعمل في هذا المجال.

واندرجت هذه الزيارة في إطار عملية استكشاف مؤهلات هامة للاستيراد وتعزيز المبادلات التجارية ،وفضلا عن تحديد فرص جديدة للشراكة بين المقاولات المغربية ونظيراتها الروسية و تطوير آليات التعاون المشترك بين الدولتين ،والذي شمل مجالات جديدة كالطاقة والغاز والطاقات المتجددة والتكنولوجيا والمسح الفضائي، فإن المغرب وروسيا عاقدان العزم على تعزيز وتقوية الشراكة الاقتصادية.

وفي ما يخص القطاع السياحي الذي عرف في السنوات الأخيرة تطورا ملحوظا، تمكن المكتب الوطني المغربي للسياحة بروسيا خلال هذه السنة من التوقيع على العديد من الاتفاقيات مع وكالات الأسفار والسياحية بروسيا، تهم وضع برنامج خاص بالوجهة السياحية المغربية، فضلا عن مشاركة المكتب في المعارض السياحية التي تقام بمختلف المدن الروسية وبرابطة الدول المستقلة.

وبدوره عرف النقل الجوي تطورا متميزا إذ ارتفعت الرحلات الجوية خاصة بمناسبة نهائيات بطولة كأس العالم روسيا 2018 ، إضافة الى الرحلات المنتظمة يوميا، التي أمنتها الخطوط الملكية المغربية خلال هذا العرس الكروي ،بتنظيم 30 رحلة طيران الى مدن موسكو وسان بطرسبورغ وكالينينغراد .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.