اسطنبول تتجمل في الربيع بساطا من الألوان الزاهية لزهرة التوليب

0

خالد أبوشكري: بأكثر من لون وشكل تحولت المنتزهات والفضاءات الخضراء ومفترقات الطرق في الحاضرة التركية اسطنبول بساطا من زهرة التوليب سيدة أزهار فصل الربيع والأكثر جمالا.

وككل فصل ربيع تتزين المدينة بزهرة ”الل ال ه“ (التوليب بالتركية) على مساحات ممتدة من الألوان بين وردي وأصفر وبرتقالي وأحمر وكذلك الأبيض والأزرق والأرجواني والأسود.

ويعتبر الأتراك زهرة التوليب رمزا وطنيا فتجدها منتشرة في كل مكان كزخارف في الفسيفساء والسيراميك والأوشحة والأواني الفخارية والنوافير والأبواب علاوة على كونها موضوعا رئيسيا في الفن والشعر والقصص والحرف اليدوية (السجاد) والخوذات وشواهد القبور.

وتفرض هذه الزهرة الأنيقة وجودها طوال شهر أبريل على جانبي البوسفور في الضفتين الأوربية والآسيوية وحتى على طول الطرق السريعة وحواف المسارات متيحة للمسافرين مناظر طبيعية خلابة أكثر سحرا وجمالا .

ولزهرة التوليب أنواع كثيرة وآلوان شتى وهي من الفصيلة الزنبقية، وفي لغة الزهور، تختلف رموزها باختلاف لونها ولكن بشكل عام ، ترمز للحب والمشاعر الجياشة وللسلام والسكينة.

وإذا كانت موجودة في كل مكان جزء من ثقافة المجتمعات فإن زراعة زهرة التوليب تجارة مربحة للغاية خاصة في هولندا حيث تحقق عائدات بأزيد من 5ر1 مليار أورو وفق يزن ينيجون المخرج التركي للفيلم الوثائقي ”زهرة التوليب: نور الشرق” والذي يتناول المسار التاريخي لهذه الزهرة.

ومنذ العام 2006 يخصص في اسطنبول معرض خاص لزهرة التوليب التي يولي الأتراك لها مكانة متميزة ويعتبرون أن الفضل يعود للامبراطورية العثمانية في انتشارها بدرجة واسعة عبر العالم خصوصا في أوربا في القرن ال 16.

ويرون أن الأتراك الرحل المنحدرين من جبال بامير هم الذين نقلوها من آسيا الوسطى للأناضول خلال موجة الهجرات التركية.

هي ”هدية تركيا للعالم“ وفق اسماعيل حاكي غولال عضو اللجنة العلمية لمؤسسة اسطنبول لزهرة التوليب.

وارتبط السلاطين العثمانيون عاطفيا بهذه الزهرة وزينوا بها ملابسهم ووضعوها على عمامتهم ومن هنا جاء أصل هذه الكلمة “توليبان” (عمامة باللغة التركية).

وعلى مدار السنوات الأخيرة أصبحت هذه الزهرة تظـهر في الساحات مع حلول الربيع وشمسه المشعة. وتتولى المصالح البلدية وضع الملايين من بصيلاتها ذات المنشأ المحلي ورعايتها كأنما لتجديد الذاكرة الجماعية للاسطنبوليين وجميع الأتراك بسحر هذه الزهرة التي علقوا بها منذ قرون.

وتبدأ الدورة المزهرة لزهرة التوليب في وقت مبكر من شهر أبريل وتتواصل حتى منتصف شهر مايو قبل أن تذبل أوراقها وتنطفأ في الصيف في سكون على أن تعود بكامل جمالها مرة أخرى كل ربيع مجددة الفرح وسحر الألوان في كامل الأرجاء.

وكما هو الحال كل سنة يصبح متنزه إميرجان الممتد على مساحة خمسة كلمترات مربعة على مضيق البوسفور المكان المفضل لعشاق هذه الأزهار مع تواجد ما لا يقل عن 3 ملايين زهرة من 190 نوعا تغطي المكان راسمة زخارف بديعة وسمفونيات من الالوان تكسر صخب المدينة ورمادية فصل الشتاء القاسي.

وبالمثل ، في ميدان السلطان أحمد ، المعلمة الأكثر شهرة في اسطنبول، حيث يقابل المسجد التاريخي الذي يحمل نفس الأسم كاتيدرائية آيا صوفيا تحول هذا الفضاء لبساط متنوع الألوان تحفة للناظرين من خلال ترتيب متناسق ل 565 ألف زهرة توليب على مساحة 1734 متر مربع.

والشيء نفسه في حديقة جولهان الشهيرة على مقربة من قصر توبكابي تم وضع 930 ألف زهرة من 53 نوعا.

ولم تنس بلدية اسطنبول المتنزهات الصغيرة والمتوسطة من حصتها من هذه الزهرة لبهجة أنظار السكان والزوار.

وكانت مدينة إسطنبول التركية تزينت العام الماضي، بـ 30 مليون زهرة توليب، تم غرسها أو وضعها جاهزة في أرجاء المدينة ضمن فعاليات مهرجان إسطنبول الدولي العاشر للتوليب، الذي أقامته بلدية المدينة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.