الكلينومينيا عارض منذر بأمراض نفسية متعددة يتعين أخذه على محمل الجد

0

سكينة أومرزوك: يعرف المحللون النفسيون الكلينومينيا بالرغبة الشديدة في ملازمة السرير لساعات طويلة، وعدم القدرة على مغادرته في الفترة التي تلي الاستيقاظ. يتعلق الأمر في الواقع بعارض ينذر محيط الشخص بالإصابة بالعديد من الأمراض النفسية.

إذ يمكن أن يمثل الشعور بعدم القدرة على الاستيقاظ والنهوض من السرير أحد أعراض مرض نفسي لا ينبغي الاستخفاف به، حيث يجب أن يشكل هذا الاضطراب الداخلي، الذي لا يدركه جيدا عموم الناس، إشارة تحذير لأقارب الشخص المصاب للكشف المبكر عن تطور أمراض نفسية معينة.

بالنسبة للشخص المصاب بهذه الأعراض، يصبح السرير المكان الأكثر أمانا ومكانا مطمئنا حيث يشعر بالأمان والرفاهية، مما يسمح له على وجه الخصوص بتجنب مواجهة صعوبات العالم الحقيقي أو الهروب من واقع مؤلم أو ميؤوس منه.

في هذا الصدد، أبرز البروفسور عبد الرزاق وناس، الأخصائي في الأمراض النفسية والعقلية بمستشفى الرازي بسلا، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الكلينومينيا تعد عرضا تتقاسمه العديد من الأمراض النفسية، حيث يحب أو يفضل الشخص البقاء معزولا لأسباب تخصه.

وأوضح البروفسور وناس، أنه عندما تستمر هذه الأعراض بمرور الوقت، فإنها تصبح مرضية، وتؤثر على حياة الشخص في علاقاته الشخصية والمهنية، وتعتبر هذه الحالة انطلاقا من هذه اللحظة عارضا مرضيا.

وبحسب البروفيسور، يمكن أن يمثل هذا العرض إما مرضا مقلقا في الحالة التي يخاف فيها الشخص من الخروج أو تحدث له فوبيا أو رهاب الصخب، أو مرض خطير، أي عرضا ينذر بالإصابة بالاكتئاب أو الفصام. وفي هذه الحالة، من المهم الوقوف على ما يرتبط بهذه الكلينومينيا من أعراض.

واعتبر البروفسور وناس أنه “عندما يكشف التحليل السيميولوجي، الذي تم إجراؤه، أن هذا العرض مصحوب بحزن مزاجي أو تثبيط نفسي أو أن الشخص المعني لم يعد يرغب في أي شيء ولم يعد يشعر بأي طعم للحياة، فإننا نتحدث، في هذه الحالة، عن الكلينومينيا التي تدخل في إطار الاكتئاب”.

من جانب آخر، يتابع البروفسور، “إذا لوحظ أن المريض المصاب بالكلينومينيا معزول أو يضحك أو يتحدث مع نفسه ولم يعد يعتني بنفسه، مع المكوث في غرفة مبعثرة على سبيل المثال، فيمكننا التحدث عن أمراض أكثر خطورة مثل الفصام أو مرض آخر”.

وفي ما يتعلق بالعلاج، فإنه يختلف، برأيه، حسب نوع الحالة المرضية التي يرتبط بها (الاكتئاب أو الفصام…)، موضحا أنه عقب إنجاز التحليل السيميولوجي، يكون بمقدور الطبيب النفسي الكفؤ معالجته بالطريقة الملائمة.

وبرأي أخصائي العلاج والمحلل النفسي، هاشم تيال، فإن الكلينومينيا لا تعد متلازمة نفسية في حد ذاتها، ولا يتعلق الأمر بمرض قائم بذاته، ولكن تعد عرضا خاصا يتم ربطه بأعراض أخرى يمكن أن تشكل مرضا نفسيا حقيقيا.

وأوضح الأخصائي أن الإصابة بالكلينومينيا تحيل على التمدد في السرير لمدة طويلة، “كما لو أننا ننجذب لهذا السرير ونجد صعوبة في مغادرته، دون الخلود حقيقة إلى النوم”، مبرزا أن الكلينومينيا يمكن أن تكون ضمن الأعراض المنذرة بمرضين نفسيين بارزين: الاكتئاب والفصام، وأيضا لدى الأشخاص المسنين.

وتابع بالقول إنها لا تعد اضطرابا في النوم، إذ وبالرغم من كون المرضى يعبرون عن تفضيلهم للنوم، إلا أنهم لا يقومون بذلك، مضيفا أنه حين تشخيص هذه الحالة لدى الشخص، يتعين في البدء التحقق من أن الأمر لا يتعلق باضطراب في النوم، ومن ثم تشخيص المرض الكامن وراء الحالة.

من جهتها، أبرزت الأخصائية الإكلينيكية في علمي النفس والجنس، سارة الكبير، أنه يتعين تنظيم وتطوير وهيكلة الكلينومينيا ضمن جدول سريري للتمكن من التشخيص الملائم لفائدة الشخص الذي يفضل قضاء أيامه مضطجعا على السرير.

ولاحظت الدكتورة الكبير أنه في حال كان الشخص بمزاج مكتئب ولا يتمكن من القيام بأنشطته أو يفقد شهيته، يمكن أن تكون هذه المؤشرات دليلا على إمكانية معاناة الشخص من الاكتئاب. أما في حال عانى الشخص من هلوسات فيمكن آنذاك أن نضع فرضية تطور ذهان أو فصام مخفي.

وأضافت الأخصائية أنه لا يمكن تقديم تفسير لهذا العرض في حال لم يكن ضمن مجموعة من الأعراض أو العوامل التي يمكن أن تمدنا بفرضية حول تشخيص ممكن.

من هذا المنطلق، يظهر جليا أن التمظهرات الإكلينيكية لهذا العرض، الذي يتم غالبا التقليل من أهميته، يمكن أن تخفي في الواقع اضطرابات أكثر خطورة يمكن أن تضر بحياة الشخص المصاب بالكلينومينيا، وذلك في غياب تدخل الأخصائي النفسي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.