الدار البيضاء : تكريم الراحل جاك طوليدانو الرجل الذي وهب نفسه لخدمة السلم والثقافة

0

تم مساء أمس الاربعاء بمدينة الدار البيضاء تنظيم حفل تكريما للراحل جاك طوليدانو، الرئيس التنفيذي لمؤسسة التراث اليهودي المغربي والمتحف اليهودي ، الذي وهب حياته لخدمة السلم والثقافة ، و تميز بانخراطه الفاعل في الحياة الاجتماعية بالمغرب.

وخلال هذا الحفل ،الذي نظمته مؤسسة التراث الثقافي اليهودي-المغربي بعد مرور خمسة أشهر عن وفاة رئيس المتحف اليهودي في الدار البيضاء ، عدد أصدقاء وزملاء وأقارب الراحل ،عبر شهادات مؤثرة ، مناقبه الانسانية الكثيرة ،و نضاله المتواصل من أجل تحقيق التقارب بين الإسلام واليهودية.

و في مستهل هذا الحفل التكريمي ، الذي تميز بحضور شخصيات بارزة من عالم الاقتصاد والثقافة والإعلام ،ألقى السيد سيرج بيرديغو ، رئيس مؤسسة التراث الثقافي اليهودي-المغربي ، والسفير المتجول لجلالة الملك ،كلمة شدد من خلالها على أن “تكريم روح جاك توليدانو يأتي لإبراز شغف الراحل الشديد بالمغرب وملكه وشعبه”.

و قال السيد بيرديغو ، بنبرة جد مؤثرة ، “إنه لكي نحيي روح الفقيد جاك توليدانو ، أحد مؤسسي المتحف اليهودي في الدار البيضاء ، يجب أن نتطرق إلى نشاطه الملتزم والمتواصل خدمة لمجتمعه وطائفته ، وأن نثني على تضحياته الجليلة ، الذي قام بها بكل تفان ونكران ذات ، ومساعداته للمحتاجين و الفقراء ، علاوة على تقديمه الدعم الكامل لكل المبادرات والمشاريع ذات البعد الانساني “.

هي مناسبة يضيف ، بيرديغو ، “نستحضر فيها المكانة المرموقة التي حظي بها الفقيد في المجال الصناعي ، حيث ترك بصماته الواضحة في قطاع النسيج من خلال تشجيعه للابتكار ” ، مبرزا أن “صحفيا قال عنه ذات يوم ، إنه يكتب كمؤرخ ، لأنه ممثل لحضارة السفارديم المزدهرة قديما في المغرب “.

وبعد أن أشار الى أن جاك توليدانو ، قد شارك في نونبر من سنة 1975 في الحملة الدولية للدفاع عن مغربية الصحراء ، شدد السيد بيردوغو على أن الفقيد انخرط بكل روح وطنية في هذه المهمة المقدسة لحماية الوحدة الترابية للمملكة .

و استطرد قائلا ” يتعلق الامر هنا ، بحلقة مهمة في مسلسل التزامنا المشترك ،حيث كان علينا أن نقنع الصحفيين الجاهلين وغير المكترثين والمشككين و في بعض الأحيان المناوئين للوحدة الترابية ” ، مشيرا إلى أنه “على الرغم من الصعوبات التي واجهتنا ، فقد تكللت المهمة بالنجاح”.

وأضاف أن الراحل جاك توليدانو انخرط بكل قوة في تأسيس المتحف اليهودي في الدار البيضاء سنة 1997 ، ومؤسسة التراث الثقافي اليهودي-المغربي في عام 1995 ، حيث تولى الرئاسة التنفيذية بتفان وإحساس قوي بالمسؤولية قل نظيره.

في السياق ذاته ، أبرز السيد فهد يعتة ، مدير نشر أسبوعية (لانوفيل تربين)، و الصديق المقرب من عائلة توليدانو ، أن الراحل ” كان وطني متأصلا ، و متمسك جدا بانتمائه المغربي ، و متدفق العطاء “.

وقال إن “الراحل جاك توليدانو كان مناضلا عظيما ، وهب نفسه لتثمين التراث اليهودي المغربي وللبحث عن حل متوازن للنزاع في الشرق الاوسط”، مضيفا أن الفقيد ” لم ينس أبدا أصوله “.

ومن أقوى لحظات هذا الحفل ، الشهادة المؤثرة التي أدلت بها طالبة مغربية باحثة في جامعة كولومبيا بنيويورك ، والتي تمكنت من مواصلة دراستها في الولايات المتحدة بفضل مساعدة حظيت بها من قبل شخص فضل البقاء في الظل ، والذي لم يكن سوى الراحل جاك توليدانو.

“كنت على وشك اليأس ” ، تقول الطالبة فاطمة الزهراء تويليلة ، ” عندما أبلغت في صباح أحد الأيام بأن محتضني ، بعد أن سمع عن مسيرتي ، عرض علي دعم دراستي وأنه يفضل البقاء مجهولا ،(..) هذه الاتفاتة العفوية والثقة التي شرفني بها الراحل غمرتني بالسعادة ، وفي طريقي إلى الولايات المتحدة ، أقسمت أنني سأفعل كل ما في وسعي لأكون في مستوى هذا الاتفاتة الاستثنائية “.

وأضافت انه ” قبل أقل من عامين فقط ، التقيت أخيرا ، بمحتضني المجهول ، وهو رجل كان قبل فترة طويلة من ميلادي ، قد سخر حياته لتكريس التعايش بين الديانتين اليهودية و الاسلامية “.

و توفي جاك طوليدانو، في نونبر الماضي بباريس، عن سن 81 سنة على إثر أزمة قلبية.

وحظي الراحل باحترام كبير داخل الأوساط الاقتصادية بالمغرب، حيث تم اختياره، بعد تربع صاحب الجلالة الملك محمد السادس على العرش، ضمن الأعضاء التسعة للجنة الخبراء الاقتصاديين.

ووشحه جلالة المغفور له الحسن الثاني بوسام العرش بصفته مستثمرا في الصناعة، وبعدها أنعم عليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس بوسام العرش من درجة ضابط .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.