إيطاليا : سباق تشكيل الحكومة ينحصر بين الشعبويين واليمين المتطرف وسط قلق أوروبي

0

بعد أن وضعت الانتخابات التشريعية أوزارها وخلقت المفاجأة بصعود تاريخي للشعبويين واليمين المتطرف، بدأت حركة خمس نجوم ورابطة الشمال في التنافس من أجل تشكيل الحكومة بعدما استبعد الحزب الديمقراطي التحالف مع هذين الحزبين، وهو ما يثير قلق الأوروبيين الذين يتخوفون من ميلاد حكومة إيطالية مناوئة لسياسات الاتحاد.

فخلال اجتماع عقد أمس الاثنين لتعيين الأمين العام الجديد للحزب الديمقراطي عقب استقالة ماثيو رينزي الأسبوع الماضي على إثر الهزيمة القاسية التي مني بها حزبه بحصوله على 18,72 في المائة من الأصوات، استبعد قياديون بالحزب التوصل لاتفاق مع حركة خمس نجوم التي حصدت أزيد من 32 في المائة من الأصوات أو رابطة الشمال ( 17,37 في المائة) لتشكيل ائتلاف حكومي، لتبقى المنافسة محصورة بين الشعبويين واليمين المتطرف.

وقال نائب الأمين العام للحزب الديمقراطي موريزيو مارتينا “سنواصل خدمة المواطنين من المعارضة ، “لقد كانت هزيمتنا واضحة و نحن نحترم كثيرا اختيار الإيطاليين” ، معتبرا أن تشيكل حكومة جديدة متروك الآن لأولئك الذين حصلوا على أكبر عدد من الأصوات و نالوا شرف تولي السلطة في البلاد”.

بالمقابل، قال رئيس رابطة الشمال ، خلال الاجتماع الأول للمجلس الوطني للرابطة عقد مساء أمس إن “الإيطاليين لم يصوتوا لنا لإعادة ماثيو رينزي أو باولو جنتيلوني إلى الحكومة” . كما يرفض زعيم تحالف اليمين رئيس الوزراء السابق سيلفيو برلسكوني بشكل قاطع اختيار رابطة الشمال التحالف أو التعاون مع حركة خمس نجوم.

هذا الوضع السياسي المفتوح على كل الاحتمالات، حسب مراقبين يتجه بإيطاليا إلى مأزق لا يمكن التنبؤ بتداعياته الاقتصادية و السياسية المقلقة بالنسبة لأوروبا التي راهنت على فوز زعيم حزب (فورتسا إيطاليا) سيلفيو برلسكوني أو الأمين العام للحزب الديمقراطي ماثيو رينزي لوقف زحف اليمين المتطرف والشعبويين.

و إلى حين تشكيل ائتلاف حكومي من عدمه ستواصل الحكومة الحالية برئاسة باولو جنتيلوني (يسار الوسط) مهمة تصريف الأعمال، لكونها لا تحتاج لثقة البرلمان بعد هذه الانتخابات ، أما إذ استحال تشكيل الائتلاف فيمكن أن يدعو رئيس الجمهورية إلى إجراء انتخابات جديدة.

وبمجرد تنصيب رئيسي مجلسي النواب والشيوخ يوم 23 مارس الجاري، سيشرع رئيس الجمهورية سيرجيو ماتاريلا في المشاروات الرسمية لتشكيل الحكومة ، ليتم بعد ذلك التصويت في البرلمان على منح الثقة لرئيس الوزراء الجديد في حال التوصل إلى ائتلاف حكومي لم يعرف بعد مكوناته.

وتتجه الأنظار الآن إلى الرئيس الإيطالي ، الذي يخول له دستور البلاد أن يقوم بدور الحكم ، فهو وحده المكفول له قرار اختيار رئيس وزراء و تفويضه مسؤولية تشكيل حكومة جديدة، والتي يطلق عليها (حكومة الرئيس)، ما قد يدفع رابطة الشمال وحركة خمس نجوم إلى الاتفاق على تشكيل ائتلاف حكومي لقطع الطريق على هذه الحكومة. هذا التحالف بين اليمين المتطرف و الشعبويين يثير مخاوف الدول الأوروبية التي تراقب بتوجس تطورات الوضع السياسي في ثالث أكبر اقتصاد في أوروبا خاصة بعد التصريحات الداعية إلى مغادرة الاتحاد الأوروبي في حال رفضت بروكسل إعادة التفاوض بشان قوانينها المتعلقة بالضرائب والهجرة”. وفي خطوة استباقية ، لمنع تشكيل ائتلاف حكومي بين الرابطة و الحركة ، يسعى برلمانيون أوروبيون لجمع توقيعات لحث الحزب الديمقراطي الإيطالي على دعم حكومة يقودها زعيم حركة خمس نجوم ومرشحها لرئاسة الوزراء لويجي دي مايو، لإعاقة قيام حكومة يمين-وسط يتزعمها أمين عام رابطة الشمال، ماتيو سالفيني، المناهض للمشروع الأوروبي.

ويرى بعض المسؤولين الأوروبيين، أن سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه ملف الهجرة واللجوء ساهمت بشكل كبير في صعود اليمين في أوروبا، معتبرين أن نتيجة الانتخابات التشريعية الإيطالية ترجع إلى إخفاق الاتحاد في إصلاح نظام الهجرة، مما أدى إلى تحمل روما العبء الأكبر من المهاجرين.

ضبايبة المشهد السياسي الجديد الذي أفرزته الانتخابات البرلمانية واحتمال الدخول في مسلسل طويل وشاق لتشكيل حكومة جديدة، ترهن المصير السياسي والاقتصادي لإيطاليا ، و كذا علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي الذي يأمل في تشكيل حكومة غير معارضة له تجنبه السيناريو البريطاني الذي لا زال يعاني من تداعياته.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.