صورية مقيت.. نموذج ملهم لمغربية تدافع عن حقوق المهاجرات في ألمانيا

0

 تيمجردين فاطمة : تنشط صورية مقيت، الباحثة والفاعلة الجمعوية المغربية المقيمة في المانيا، على أكثر من جبهة ما بين البحث العلمي والعمل التطوعي والاندماج والتنمية، لكنها تظل حاضرة بقوة في قلب معركة الدفاع عن حقوق المرأة المهاجرة في ألمانيا بصفة عامة والمغربية بصفة خاصة.

عندما وطأت قدماها ألمانيا لاول مرة في بداية التسعينات بعد حصولها على الباكالوريا، كانت مقيت، المنحدرة من مدينة القنيطرة، تأمل في دراسة الطب، لكن شاءت الظروف أن تتجه الى دراسة علم الاجتماع بجامعة ترير (غرب) حيث حصلت على دبلوم الدراسات العليا في التنمية الدولية وبعدها دكتوراه في علم الاجتماع.

شقت صورية مقيت مسارها المتميز منذ مرحلة دراستها الجامعية حيث انخرطت في العمل التطوعي في اطار الحركة الطلابية، وتمكنت بفضل نشاطها من الحصول كأول مغربية على جائزة الأكاديمية الألمانية للبحث العلمي والتبادل الثقافي (الداد) سنة 1998 في جامعة ترير.

كما ترأست خلال هذه الفترة لجنة الطلبة الأجانب في البرلمان الطلابي للجامعة، وكانت عضوا مؤسسا للمركز الدولي الجامعي بنفس الجامعة، وعضوا بمركز الثقافات المتعددة بمدينة ترير، وبمجلس الهجرة للمدينة.

تقول مقيت في بوح لوكالة المغرب العربي الانباء، بمناسبة ثامن مارس ، إنها عندما قدمت الى المانيا في بداية التسعينات، جل الاحزاب الالمانية كانت تعتبر أن المانيا ليست بلد هجرة ، لكن مع بداية سنة 2000، تم منح الجنسية الالمانية للمولودين في المانيا وفي سنة 2005 تم وضع قانون للهجرة كما تم اصدار البطاقة الزرقاء للبحث عن العمل بعد ضغط ارباب العمل من اجل جلب يد عاملة مؤهلة.

وتضيف الفاعلة المغربية التي تعمل حاليا رئيسة مشاريع في “المنظمة الالمانية للمهاجرات واللاجئات”، انه حاليا ، تم الاقرار بان المانيا مجتمع هجرة ، لكن مع تنامي اليمين المتطرف الشعبوي، هناك الكثير من التحديات التي تواجه المهاجرات على الخصوص في المانيا.

وتحمل صورية مقيت هاجس الدفاع عن الاقليات وعن المهاجرات اللاتي يتعرضن للتمييز بغض النظر عن انتماءهن العرقي او الجواز الذي تحملنه، إذ تعتبر ان “كل فرد هو شخصية فريدة، الاختلاف لا يبرر التمييز في الحقوق”.

ولفتت الى أنه من بين مظاهر التمييز التي تعاني منها المهاجرات عدم حصولهن على نفس الاجرة مثل الرجل بالرغم من كفاءتهن ، ناهيك عن معاناة المهاجرة المغربية في محيطها الخاص من بعض المشاكل المرتبطة بالفكر الذكوري مثل تقسيم الادوار التقليدية بالرغم من إقامتها في بلد يقر بالمساواة بين الجنسين.

ونبهت الباحثة المغربية أيضا الى مشكل تعاني منه المغربيات من الجيل الأول حيث تعيش أغلبهن أوضاعا نفسية صعبة بحسب عدد من الدراسات،مبرزة انه بعد مغادرة الأبناء لبيت العائلة ، تجد أغلب النساء أنفسهن ضحية للعزلة، مؤكدة على ضرورة التفكير في مشاريع خاصة بحالتهن حتى لا يشعرن بالإقصاء.

وأمام تنامي مشاعر كراهية الاجانب، تشدد موقيت على ضرورة اهتمام السياسيين داخل البرلمان الالماني بمشاكل المهاجرين والبحث عن حلول لها، معتبرة انه لا يمكن لمهاجر او مهاجرة في ألمانيا، اكبر قوة اقتصادية في اوروبا، بعد العمل لمدة 45 سنة اللجوء في اخر المطاف الى منظمات خيرية طلبا للمساعدة.

وتسجل مقيت بأسف أن 41 في المائة من المغاربة في المانيا لا يتوفرون على تحصيل مهني وبالتالي يعتبرون يد عاملة غير مؤهلة ، مما يعرضهم للفقر والهشاشة الاجتماعية ، مشيرة الى ان 34 في المائة من المهاجرين المغاربة مهددون بالهشاشة وتزداد معاناة المرأة بهذا الخصوص حيث لا تتاح لها دائما فرصة اكمال دراستها.

وتحرص صورية مقيت المسكونة بهاجس ازالة الصور النمطية المرتبطة بالمغاربة ، سواء في إطار عملها في المنظمة الالمانية للمهاجرات واللاجئات او في شبكة الكفاءات المغربية كرئيسة لها سابقا ورئيسة فخرية حاليا، على تسليط الضوء على كفاءات مغربية تمكنت من رسم طريقها في المانيا بنجاح ومن الاندماج والاسهام في تنمية هذا البلد.

وفي هذا الاطار، أشارت الى أن المنظمة الالمانية للمهاجرات واللاجئات أصدرت يومية تتضمن بورتريهات حول نساء يدافعن عن المرأة في العالم ومن بينهن الكاتبة وعالمة الاجتماع المغربية فاطمة المرنيسي التي دافعت عن المرأة بدون قطيعة مع الثقافة العربية الاسلامية وبدون اصطدام مع الرجل.

وتجسد موقيت الوجه المشرق لمغاربة ألمانيا من بين كفاءات أخرى، إذ كانت المغربية ، العربية والمسلمة الوحيدة التي حظيت بشرف التوشيح من قبل الرئيس الألماني يواكيم غاوك بوسام الجمهورية في 8 مارس 2016 ، ضمن 24 سيدة ألمانية فاعلة في حقول عدة تتوزع بين العمل الإنساني والاجتماعي وثقافة الحوار والاندماج والدفاع عن حقوق الأقليات والتصدي للعنصرية.

ولا تخفي موقيت اعتزازاها بهذا التتويج بالنظر الى السياق الذي جاء فيه، قائلة “تم تتويجي في الوقت الذي كان فيه الحديث عن المغاربة بشكل سلبي على خلفية احداث كولونيا ، فاحسست بنوع من رد الاعتبار للمهاجر المغربي خاصة مع حضور الصحافة الالمانية التي قلما تهتم بالهجرة المغربية”.

وترى أن “التتويج كان بالنسبة لي تكريما للمراة المغربية ، لاني كنت الوحيدة التي تمثل ولاية زارلاند (غرب) التي اعترفت بعملي في مجالات الاندماج والهجرة وحوار الديانات.

واعتبرت أن هذا التتويج هو أيضا اعتراف بالجهود التي بذلها مغاربة المانيا على امتداد أزيد من خمسين سنة ، وهو عمر الهجرة المغربية إلى الديار الألمانية، من أجل إعادة بناء ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية وإغناء ثقافتها.

وأشارت بنبرة مؤثرة الى أن هذا الوسام تهديه الى روح والدتها المتوفاة التي كانت حصلت على وسام في المغرب تقديرا على تفانيها في العمل كممرضة، مبرزة أن أمها تشكل بالنسبة لها قدوة للمضي قدما في العمل التطوعي والجمعوي.

وقد ساهمت موقيت من خلال عملها كأمينة عامة لمركز (راميش) ، في تعزيز مكانة هذه المؤسسة المعترف بها في مجال الحوار وتعدد الثقافات والتعليم والتربية والاندماج ومحاربة التمييز والعنصرية على صعيد ولاية زارلاند .

والى جانب التزامها بالعمل الجمعوي ، تساهم موقيت في مجال البحث العلمي ، إذ شاركت بالتعاون مع معهد الهجرة والثقافات في جامعة أوزنابروك ، في إصدار مؤلف علمي يؤرخ ويوثق للهجرة المغربية في ألمانيا.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.