تعيين رئيس جديد للحكومة: أو حل الفرصة الأخيرة

0

انتهت أمس الجمعة المهلة التي منحها الرئيس التونسي قيس سعيد لـ 38 من الأحزاب السياسية والكتل البرلمانية الممثلة في مجلس نواب الشعب التونسي (البرلمان)، لتقديم مرشحين يتم اختيار “الشخصية الأقدر” من بينهم لتولي منصب رئيس الحكومة.

جميع تلك الأحزاب تقريبا قدمت كتابيا مرشحيها “الأقدر” لشغل منصب رئيس الحكومة. وإذا كانت المرحلة الأولى قد انتهت، فإن الثانية التي تنتهي يوم الاثنين المقبل قد تكون مضنية.

وبالنظر إلى تعدد الترشيحات المقدمة، فإن اختيار مرشح توافقي قادر على جمع 109 أصوات اللازمة في البرلمان، من شأنه أن يكون معقدا نظرا للاختلافات القائمة بين الأحزاب السياسية الفاعلة التي ما فتئت في إطار سعيها للتموقع، تلجأ إلى طرح شروط تستعصي تلبيتها في بعض الأحيان.

ولئن كانت المهلة التي حددها رئيس الجمهورية قيس سعيد للأحزاب السياسية والكتل البرلمانية الـ 38 التي وجهت إليها مراسلات رسمية، قد انتهت، فإن الشك يظل قائما، فيما تزداد حدة لعبة التأثير.

وحتى قبل استكمال هذه العملية، ويتم الاختيار النهائي، تحدثت تسريبات عديدة عن أسماء شخصيات ت عتبر “توافقية وقادرة على كسب ثقة النواب في البرلمان”.

معظم تلك الأسماء، التي جرى تداول الحديث عنها تبعث على الاعتقاد بأن الحسم سيكون صعبا في الأيام المقبلة، وقد يتطلب الأمر الانتظار إلى اللحظة الأخيرة لمعرفة اسم الشخصية التي ستتولى تشكيل الحكومة المقبلة.

وفي الواقع، فقد تم اقتراح ما لا يقل عن 21 مرشحا لشغل منصب رئيس الحكومة، من طرف الأحزاب والكتل البرلمانية، طبقا للمراسلات التي وجهها رئيس الجمهورية.

ويبدو أن أربعة أسماء على الأقل تحظى بموافقة معظم الأحزاب السياسية بما في ذلك حركة النهضة (إسلامي) و “قلب تونس” و “تحيا تونس” و “مشروع تونس” و “البديل” فضلا عن بعض الكتل النيابية مثل “الإصلاح الوطني” وكتلة “المستقبل”.

ويتعلق الأمر على التوالي بفاضل عبد الكافي (وزير التنمية الأسبق الذي استقال في عام 2016)، وحكيم بن حمودة (وزير التنمية والمالية الأسبق في 2013-2014)، و رضا بن مصباح (سفير تونس حاليا في بروكسل) ومنجي حامدي (وزير الخارجية الأسبق 2013-2014).

ولم يقدم الحزب الدستوري الحر بزعامة عبير موسي أي مرشح، في حين أن أحزابا وكتلا أخرى رشحت أسماء لا تحظى بأي فرصة لاختيارها.

وعلى الرغم من أن أمام الرئيس التونسي فترة تمتد إلى غاية يوم الاثنين 20 يناير الجاري، للإعلان رسميا عن اسم الشخصية التي اختارتها مختلف الأحزاب المعنية، فإنه يتعين على البلاد أن تنتظر لمدة لا تقل عن شهر، قبل أن تكون الحكومة المقبلة جاهزة للعمل.

ذلك، أنه ستكون أمام المرشح الذي يقع عليه الاختيار، مدة شهر قابلة للتجديد مرة واحدة، لاستكمال مشاوراته، وتشكيل حكومته والحصول على ثقة البرلمان.

وهذا يعني، أن البلاد ستكون في مواجهة فترة جديدة من الانتظار والترقب، وسيتعين على الحكومة المكلفة بتصريف الأعمال، التي طالتها عدة استقالات، أن تواصل تسيير شؤون البلاد إلى غاية شهر مارس المقبل، دون أن تكون قادرة على مباشرة إصلاحات أو اتخاذ قرارات جريئة.

وفي انتظار خاتمة الفصل الثاني من عملية تشكيل حكومة ما بعد الانتخابات، فإن البلاد تعيش وفقا للعديد من المراقبين، “على وقع انزعاج سياسي، وأزمة ثقة مع تفاقم المخاوف، والتوترات الاجتماعية”.

وفي مواجهة هذا الانتظار والترقب، اضطر رئيس الحكومة المكلف بتصريف الأعمال يوسف الشاهد، أمس الخميس، إلى توجيه منشور إلى الوزراء وكتاب الدولة ورؤساء الجماعات المحلية والمؤسسات والمنشآت العمومية.

وقد حرص الشاهد على التأكيد في هذا المنشور على أهمية تأمين تواصل عمل المصالح والمرافق العمومية.

وجاء المنشور واضحا حيث دعا الشاهد، هؤلاء المسؤولين الى الحرص “على استمرارية عمل كل المصالح والمؤسسات الراجعة لهم بالنظر وجميع المرافق العمومية التي يشرفون عليها قصد توفير الخدمات العامة، وذلك اعتبارا لحساسية المرحلة التي تمر بها البلاد وتحدياتها”.

ويأتي هذا التذكير على الخصوص بعد استقالة الوزير المكلف بمتابعة الإصلاحات الكبرى، توفيق الراجحي، أول أمس الأربعاء، والذي لم يتردد في التنبيه إلى تداعيات تمديد مهمة حكومة تصريف الأعمال، والتي وصفها بأنها “خطيرة ولا تتلاءم مع متطلبات الظرفية الاقتصادية والاجتماعية والمالية”.

كما أن الرئيس قيس سعيد أكد من جهته، على ضرورة “ضمان استمرارية كل المرافق وحسن سيرها”، مشددا على أن الدولة التونسية يجب أن تعلو فوق كل الاعتبارات الظرفية.

ولا يخفى بعض المراقبين نوعا من التشاؤم إزاء حالة الانسداد التي تشهدها الحياة السياسية وآثارها على الحياة الاقتصادية والاجتماعية.

ففي الوقت الذي تتطلب فيه العديد من الملفات معالجة عاجلة، والإصلاحات لم تعد قابلة للانتظار، وبينما تبذل تونس جاهدة مساعي لتعبئة الموارد الخارجية لاستكمال ميزانية عام 2020، علما بأن صندوق النقد الدولي يشترط تنفيذ الإصلاحات لدفع ما تبقى من أقساط القرض للممنوح للبلاد في إطار آلية التسهيل الممدد، فإن البلاد تنتظر.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.