المغرب والصين في 2019: دينامية سياسية وتبادلات مكثفة على أكثر من صعيد

0

شهدت العلاقات الصينية المغربية خلال السنة التي تشارف على الانتهاء، دينامية وتبادلات مكثفة على مختلف الواجهات الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية والاعلامية، ارتكازا على الزخم الذي ضخته الزيارة التاريخية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى الصين في 2016، والارتقاء بالعلاقات إلى مستوى شراكة استراتيجية، وكذا الانخراط الفاعل للمملكة في مبادرة “الحزام الطريق”.

وسعت الصين، العملاق الآسيوي، والمغرب، البلد الرائد قاريا، إلى تعزيز علاقاتهما الدبلوماسية وتعاونهما سواء على المستوى المركزي أو اللامركزي من خلال إرساء شراكات بين الجماعات المحلية، وتبادل زيارات المسؤولين السياسيين ورجال الأعمال والصحافيين، فضلا عن الحضور البارز للوفود الدبلوماسية والحكومية في المنتديات ذات الطابع الدولي والإقليمي التي احتضنتها الصين طيلة سنة 2019.

وارتباطا بالموضوع، قالت وانغ جينيان، الأستاذة الباحثة بمعهد دراسات غرب آسيا وإفريقيا التابع لأكاديمية العلوم الاجتماعية الصينية، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن 2019 يعتبر عاما هاما في العلاقات الصينية المغربية، حيث شهد تطورات ملحوظة في العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية.

وأشارت في هذا الصدد إلى كثافة تبادل الزيارات الرفيعة المستوى للمسؤولين الصينيين والمغاربة والتي تسهم في تعزيز العلاقات الدبلوماسية والسياسية بين البلدين، منها زيارة مسؤولين برلمانيين صينيين الى المغرب، وحضور وفد مغربي رفيع المستوى المنتدى الدولي الثاني للتعاون في مبادرة الحزام والطريق، واجتماع المنسقين لقمة بكين لمنتدى التعاون الصيني الإفريقي في بكين، مبرزة أن كل هذه الزيارات كانت “مثمرة” وأعطت دفعة للتعاون بين البلدين.

وذكرت أنه في المجال الاقتصادي، ازداد حجم الاستثمار الصيني في المغرب ب81 في المائة وارتفع حجم الاتفاقيات الجديدة ب54 في المائة خلال النصف الأول لعام 2019، وذلك وفقا لاحصاءات وزارة التجارة الصينية.

أما التبادلات السياحية والثقافية التي تعتبر مجالا هاما في العلاقات بين البلدين، أبرزت وانغ جينيان أنه بعد إعفاء المغرب المواطنين الصينيين من التأشيرة، شهد عدد السياح الصينيين للمغرب زيادة بصورة ملحوظة، كما نما عدد المتعلمين المغاربة للغة صينية في معاهد كونفوشيوس في الرباط والدار البيضاء والمدن الاخرى.

وأعربت الأستاذة الباحثة عن تطلعها إلى المزيد من التطورات في العلاقات الصينية المغربية في العام المقبل، الذي سيشهد إقامة أنشطة متنوعة تتعلق بالثقافة والصناعة التقليدية والتراث الثقافي غير المادي، في إطار الاتفاق بين الحكومتين على تبادل إقامة سنة ثقافية وسياحية بكلا البلدين.

وفي إطار دينامية العلاقات بين البلدين التي ميزت السنة، شارك وفد مغربي رفيع، في الدورة الثانية لمنتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي، التي انعقدت في بكين في أبريل الماضي، برئاسة ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، والذي حضر لقاء رفيع المستوى ترأسه الرئيس الصيني شي جين بينغ بحضور رؤساء دول وحكومات وممثلي بعض الدول المعنية بالمبادرة.

وعكست دعوة القيادة الصينية المغرب لحضور هذا الاجتماع الرفيع المستوى، العلاقات المتميزة بين البلدين و الإشعاع والمكانة التي تحظى بها المملكة والدور والأهمية التي توليها بكين للرباط من أجل تفعيل مبادرة “الحزام والطريق” على أرض الواقع.

وأكد بوريطة، بهذه المناسبة، أن الجانب الصيني يعتبر المغرب كفاعل مهم في تنفيذ مشروعها الاستراتيجي الكبير “الحزام والطريق”، مبرزا أن مشاركة المغرب في هذه المبادرة تؤكد المؤهلات التي تتوفر عليها المملكة من أجل تنفيذ هذا المشروع سواء ما يتعلق بالاستقرار السياسي أو الموقع الجغرافي أو الدينامية الاقتصادية.

كما شارك وفد مغربي ترأسه وزير الصحة السابق أناس الدكالي، في الدورة الثانية للمنتدى العربي-الصيني للتعاون في المجال الصحي، التي انعقدت في غشت الماضي ببكين، بحضور وزراء الصحة للبلدان العربية، والجانب الصيني، وممثلين عن جامعة الدول العربية، ومنظمات ومؤسسات دولية وخبراء.

واستعرض الدكالي أمام المشاركين في هذا الحدث السياسة الصحية بالمغرب، وضمنها “مخطط الصحة 2025″، وكذا الإصلاحات الأساسية التي بدأها القطاع في السنوات الأخيرة، كما أجرى، على هامش هذا المنتدى، مباحثات مع نظيره الصيني ما شيا وي، تمحورت حول تعزيز التعاون بين البلدين في مجال الصحة، وخاصة ما يهم الطب عن بعد، وتطوير “الصحة الرقمية”، والاستثمار في البنيات التحتية الاستشفائية في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

وفي سياق حضور المغرب في الملتقيات الرفيعة بالصين، شارك المغرب في اجتماع وزاري رفيع إلى جانب الصين و54 دولة إفريقية، في 24 يونيو الماضي، لتتتبع تنفيذ نتائج قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني-الإفريقي (الفوكاك) الذي انعقد في شتنبر 2018 بالعاصمة الصينية.

ومثل المغرب في هذا الاجتماع الوزاري وفد هام ترأسه كاتب الدولة لدى وزير الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي المكلف بالاستثمار السابق، عثمان الفردوس، أكد خلاله على أهمية تنسيق ودعم تنفيذ توصيات قمة (الفوكاك)، والدفع بالبرامج والمشاريع التنموية المتضمنة في مخطط عمل قمة منتدى التعاون الصين – إفريقيا للأعوام 2019 – 2021.

كما كان المغرب حاضرا في أشغال المنتدى العالمي للمحامين، الذي استضافته مدينة قوانغتشو حاضرة مقاطعة قوانغدونغ بجنوبي الصين، يومي 9 و10 دجنبر، استعرض خلاله وزير العدل، محمد بنعبد القادر، الإصلاحات الواسعة التي شهدتها منظومة القضاء بالمغرب في مختلف المجالات.

وأوضح الوزير، الذي كان يتحدث أمام العديد من وزراء العدل الآسيويين ومسؤولي الاتحاد الدولي للمحامين، وممثلي جمعيات إقليمية للمحاميين، أن المغرب منخرط في إطار الإصلاح الإداري، في عملية للتحول العميق والشامل لمنظومته القضائية، مبرزا أن نزع الطابع المادي للإدارة القضائية يشكل أحد الركائز الأساسية لهذا التحول.

وأجرى بنعبد القادر، على هامش أشغال هذا المنتدى، مباحثات مع نظيره الصيني في إطار اجتماع ثنائي خصص لتعزيز التعاون القضائي بين البلدين، والذي توج بتوقيع اتفاق شراكة يهم أنشطة تقاسم الخبرات وبناء القدرات.

وحرص الجانب الصيني، من جهته، على القيام بزيارات متعددة للمغرب في إطار هذه الدينامية التي تشهدها العلاقات بين البلدين، حيث قام وفد صيني ترأسه نائب وزير اللجنة الوطنية الصينية للصحة، يو شيوجون، بزيارة عمل للمملكة في شهر شتنبر المنصرم، اتفق خلالها مع وزير الصحة السابق أناس الدكالي، على تسريع المحادثات بشأن وضع اللمسات الأخيرة على مشروع اتفاق يتعلق بإنشاء مركز للطب التقليدي بالدار البيضاء، سيكون بمثابة مركز مرجعي للبلدان الإفريقية في إطار مبادرة “الحزام والطريق”.

وفي نفس الشهر، زار الرئيس المدير العام لمجموعة “سي تريب”، ليانغ جيان زانغ، المغرب، أجرى خلالها محادثات مع وزير السياحة والنقل الجوي والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي السابق، السيد محمد ساجد، تمحورت حول سبل تطوير التدفقات السياحية بين البلدين.

وبمناسبة هذه الزيارة وقع ليانغ جيانغ مع المدير العام للمكتب الوطني المغربي للسياحة، عادل الفقير، شراكة للتسويق المشترك في القطاع السياحي تهدف إلى الزيادة في التعريف بالوجهة المغربية في الصين، وبالخصوص عبر الحملات الإشهارية الرقمية، تمتد لثلاث سنوات.

وتعتبر وكالة “سي تريب” أكبر وكالة أسفار رقمية بالصين ب30 ألف موظف ورقم معاملات يفوق 4 مليارات دولار، مستفيدة من معرفتها الدقيقة بزبنائها الذين يبلغ عددهم 300 مليون، فيما تعتبر الصين سوقا ذات إمكانات هائلة بالنسبة للسياحة المغربية، بعدما انتقل عدد السياح القادمين من هذا البلد من 10 آلاف سائح في 2015 ليصل إلى حوالي 170 ألف في 2018، فيما تتطلع المملكة إلى استقطاب 500 ألف سائح صيني.

ولم تكن العلاقات البرلمانية في منأى عن هذه الدينامية السياسية بين البلدين، حيث قام وفد برلماني صيني رفيع، برئاسة نائب رئيس الجمعية الشعبية الوطنية، كاو جيانمينغ، بزيارة للمغرب في أبريل الماضي، أجرى خلالها مباحثات مكثفة مع مسؤولي مجلسي النواب والمستشارين همت دور الديبلوماسية البرلمانية في تدعيم والارتقاء أكثر بمستوى العلاقات بين البلدين، إلى جانب مباحثاته مع رئيس الحكومة السيد سعد الدين العثماني حول النهوض بالعلاقات المغربية الصينية.

وفي شتنبر، زار أيضا وانغ مين، نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية باللجنة الوطنية للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، المغرب، على رأس وفد برلماني هام، وبحث مع مسؤولي البرلمان المغربي سبل تعزيز التعاون البرلماني المشترك من خلال تبادل الزيارات وتقاسم الخبرات، وتكثيف التنسيق في المحافل البرلمانية الإقليمية والدولية حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

على صعيد التبادلات الإعلامية التي تعد إحدى الواجهات الأساسية في تعزيز العلاقات بين البلدين، عقد المدير العام لوكالة المغرب العربي للأنباء، السيد خليل الهاشمي الإدريسي، يوم 29 أكتوبر الماضي بالرباط، جلسة عمل مع نائب وزير مكتب الإعلام بمجلس الدولة الصيني السيد غوو ويمين، همت سبل تعزيز وتطوير الشراكات بين وكالات الأنباء المغربية والإفريقية من جهة، ووكالة الأنباء الصينية من جهة أخرى.

وأشاد غوو، في هذا السياق، بتجربة التعاون الغنية التي تجمع بين وكالة المغرب العربي للأنباء ووكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) والتي تشكل نموذجا يحتذى في هذا المجال، مشيرا إلى أن حضور وكالة المغرب العربي للأنباء بإفريقيا، والفيدرالية الأطلنتية لوكالات الأنباء الإفريقية، كفيلان بمساعدة الصين على تطوير شراكات عبر المغرب مع دول إفريقية أخرى.

ومن جهته، أكد الهاشمي الإدريسي أن تكثيف العلاقات مع الصين لايمكن أن تنجح إلا من خلال تنويعها خاصة في مجالات الإعلام والاتصال، داعيا إلى تفكير مشترك بين الصين والفيدرالية الأطلنتية لوكالات الأنباء الإفريقية لبلورة نموذج تعاون جديد.

كما قام وفد إعلامي مغربي، يترأسه مصطفى الخلفي، وزير الاتصال والعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني والناطق الرسمي باسم الحكومة السابق، بزيارة للصين من 1 إلى 10 دجنبر المنصرم، بدعوة من جمعية الصحفيين لعموم الصين، للاطلاع على التجربة الاعلامية الصينية والتحولات الرقمية للمشهد الاعلامي بهذا البلد.

وأجرى الوفد المغربي لقاءات مع مسؤولين صينيين، أبرزهم نائب مدير مديرية غرب آسيا وشمال إفريقيا بوزارة الخارجية الصينية، جيانغ فينغ، إلى جانب زيارات ميدانية لمجموعات رائدة في مجال استخدام التكنولوجيا الرقمية ومؤسسات إعلامية وطنية ومحلية في بكين وتشيامن وغوانتشو وشنغهاي.

واجهة أخرى حرص البلدان على تعميق تعاونهما فيها وهي الجانب العلمي، حيث شارك مدير المعهد الصيني للأبحاث الاقتصادية، جاستين ييفو لين، وهو أيضا كبير الاقتصاديين ونائب رئيس البنك الدولي سابقا، في إلقاء محاضرة بأكاديمية المملكة المغربية، في يونيو الماضي، حول نظريته العلمية “الاقتصاد البنيوي الجديد”.

كما خصصت أكاديمية المملكة المغربية مؤخرا الجلسة الرابعة لدورتها الـ46 لموضوع “آسيا أفقا للتفكير: الصين ، تجارب في التحديث والتنمية”، فيما استضافت رحاب كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية –عين الشق في مارس الماضي، 17 جامعة صينية، من أجل عرض خدماتها البيداغوجية رغبة في استقطاب أكبر عدد ممكن من الطلبة المغاربة الراغبين في الحصول على شهادات دراسية عليا من قبيل الاجازة أو الماستر أو الدكتوراه.

وفي ذات السياق، وقعت جامعة عبد المالك السعدي وجامعة القاضي عياض بمراكش، مع مجموعة “هواوي” الصينية، الرائدة في مجال الحلول التكنولوجية، في مارس الماضي بالمغرب، على اتفاقيتي شراكة للتكوين في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لفائدة أساتذة وطلبة المؤسسات التابعة لهاتين الجامعتين.

وبخصوص التعاون اللامركزي بين البلدين، قام وفد مغربي من وزارة الداخلية وجمعيات الجماعات الترابية برئاسة خالد سفير، الوالي المدير العام للجماعات المحلية بوزارة الداخلية، بزيارة عمل إلى الصين، من 23 إلى 28 شتنبر الماضي، وذلك للبحث مع المسؤولين الصينيين فرص التعاون في مجالات المدن الذكية والتعاون اللامركزي الدولي.

وبهذه المناسبة، وقع سفير، في بكين، مذكرة تفاهم بشأن التعاون اللامركزي الدولي، بين وزارة الداخلية وجمعية الصداقة للشعب الصيني مع البلدان الأجنبية التابعة لمجلس الدولة لجمهورية الصين الشعبية، ممثلة بنائبة رئيسها السيدة لين يي، وذلك بحضور عزيز مكوار، سفير المغرب في الصين، وامحند لعنصر، رئيس مجلس جهة فاس – مكناس ورئيس جمعية جهات المغرب.

وتهم مذكرة التفاهم التعاون بين الجماعات الترابية بكلا البلدين وخاصة في مجالات حماية البيئة، وتطوير الطاقات المتجددة، والنهوض بمناطق الأنشطة الاقتصادية، وتثمين التراث والمواقع السياحية والأركيولوجية، والمدن الذكية “سمارت سيتي”، والتنقل الحضري، وتقوية القدرات التقنية للمنتخبين والأطر الترابية.

كما حرص عدد من مسؤولي المدن والجماعات بكلا البلدين على مواصلة تبادل الزيارات وتعميق الشراكات. وفي هذا الصدد، وقع رئيس المجلس البلدي لمدينة الصويرة، هشام جباري، ويان غانغ، عمدة مدينة شنغزهو، في 22 مارس الماضي بهذه المدينة الواقعة بشرق الصين، على مذكرة تعاون بين المدينتين، تروم تعزيز علاقات الصداقة والتعاون وتبادل الخبرات في عدد من المجالات المهمة كالسياحة والثقافة والنقل والبيئة.

كما زار نائب حاكم إقليم سيشوان، نينغ وانغ، على رأس وفد هام، المغرب في يونيو المنصرم، أجرى خلالها مباحثات مع مسؤولين حكوميين ومنتخبين محليين تمحورت حول تبادل الخبرات وتعزيز التعاون الثنائي في ميادين مهمة كالطرق والقطاع الهيدروليكي.

وفي إطار التعاون بين البلدين، تم في أبريل الماضي ببكين، التوقيع على مذكرة تفاهم تروم إنجاز وتطوير مدينة “محمد السادس طنجة تيك”، بمناسبة منتدى “الحزام والطريق” للتعاون الدولي، بين مؤسسة تهيئة طنجة تيك (سات)، والمقاولة الصينية “تشاينا كومنكيشن كونستركشن كومباني ليمتيد انترناشنل” (سي سي سي سي) وفرعها “تشاينا رود أند بريدج كوربورايشن” (سي ار بي سي).

ويأتي هذا البروتوكول الاتفاق، الذي تم توقيعه من قبل عثمان بنجلون بصفته رئيس مؤسسة تهيئة طنجة تيك، ونائب رئيس شركة “تشاينا كومنكيشن كونستركشن كومباني ليمتيد انترناشنل” (سي سي سي سي)، ليانغ كينغشان، وسان ياو غيو، نائب رئيس (سي ار بي سي)، تجسيدا للإرادة المشتركة للمجموعات الثلاث لإنجاز وتطوير “مدينة محمد السادس طنجة تيك”، من خلال تفعيل كافة الوسائل اللازمة للمضي قدما في تجسيد مراحل المشروع تماشيا مع الرؤية الاستراتيجية لحكومتي البلدين.

وعلى إثر ذلك، قام وفد من الشركة الصينية (سي سي سي سي)، في يونيو الماضي بزيارة ميدانية لورش تشييد المدينة الصناعية “محمد السادس طنجة تيك”، الواقعة بجماعة العوامة جنوب مدينة طنجة.

كما وقعت غرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة طنجة – تطوان – الحسيمة، على مذكرة تفاهم مع مركز التكوين التابع لمجلس إنعاش التجارة الدولية بالصين، تروم خلق روابط متينة بين المؤسستين لانعاش الاستثمار والتجارة عبر تنظيم معارض ومؤتمرات وتبادل بعثات اقتصادية وتكوينات للرفع من معاملات الاستيراد والتصدير بين البلدين، وذلك بمناسبة انعقاد مؤتمر غرف التجارة والصناعة لدول “مبادرة الحزام والطريق” لسنة 2019، في شتنبر الماضي ببكين.

وفي مجال الأعمال، افتتحت المجموعة الصينية “سيتيك ديكاستال” المختصة في إنتاج قطع غيار السيارات من الألومنيوم، بالقنيطرة، أول مصنع لها بالمغرب، في 26 يونيو الماضي، باستثمار مالي بلغ 350 مليون أورو. ويأتي افتتاح مصنع “سيتيك ديكاستال” بالمغرب تتويجا لاتفاقية الإطار واتفاقية الاستثمار الموقعة بين المملكة والصين لإنشاء وحدة لإنتاج إطارات العجلات من الألومنيوم بالمنطقة الصناعية المندمجة “أتلانتيك فري زون” بالقنيطرة، بطاقة إنتاجية سنوية تبلغ 6 ملايين وحدة.

كما قامت بعثة من الاتحاد العام لمقاولات المغرب، ضمت بالخصوص نائب الرئيس فيصل مكوار، ورئيس لجنة آسيا كريم عمور، بزيارة عمل إلى بكين في مارس الماضي، لتعزيز التعاون الاقتصادي بين مقاولات البلدين، حيث عقدت جلسة عمل مع نائب الرئيس والمدير العام لمنظمة أرباب الأعمال الصينية، المجلس الصيني لترويج التجارة الدولية، تمحورت حول تعزيز نشاط المقاولات الصينية والمغربية في كلا البلدين.

كما حرص المغرب على تقديم مناخ الأعمال وفرص الاستثمار بالمغرب لفائدة مقاولين ورجال أعمال صينيين، وذلك خلال ورشة نظمها الإتحاد الصيني الدولي لرواد الأعمال، في 23 يوليوز في بكين، في إطار تعزيز التعاون الصيني- الإفريقي.

واستعرض سفير المغرب لدى الصين، عزيز مكوار، خلال هذا اللقاء، المزايا التي تتمع بها المملكة سواء من حيث الموقع الجغرافي الاستراتيجي أو الاستقرار الأمني والسياسي أو ما يتعلق بانفتاح الإقتصاد المغربي من خلال اتفاقيات التبادل الحر التي تربطه على الخصوص بالاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، فضلا عن الدور الريادي الذي يضطلع به المغرب في إفريقيا.

وفي الشأن الثقافي والسينمائي، بصمت المملكة على حضور متميز في فعاليات الدورة الـ26 لمعرض بكين الدولي للكتاب 2019، الذي نظم من 21 إلى 25 غشت الماضي، من خلال رواق مغربي ضم أربعة دور نشر عرضت أكثر من 100 عنوان في مجالات متنوعة منها 60 إصدارا جديدا لسنة 2019، حيث حظي الرواق بإقبال مكثف من قبل الزوار الصينيين.

وتميز هذا الحدث بتوقيع اتفاقيتين مهمتين لتبادل نشر الترجمة بين دار النشر المغربية “ملتقى الطرق” ونظيرتها الصينية “طنجيل أوف بيبل”، وهي من أهم دور النشر الصينية، على أن يتم إصدار هذه الكتب المترجمة بمناسبة تنظيم فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء لعام 2020.

كما أشرت السينما الصينية على حضور متميز في فعاليات الدورة الـ 18 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش مؤخرا بالمشاركة بالفيلم الصيني الطويل “بورتريه موزاييك” للمخرج زهاي يي شيانغ، وكذا في الدورة الثالثة عشرة للمهرجان الدولي لفيلم المرأة بسلا التي نظمت ما بين 16 و21 شتنبر الماضي، من خلال المشاركة بالفيلم الروائي الطويل “الوداع الأول” للينا وانغ، وتنظيم لقاء مفتوح حول موضوع ” الانفتاح الثقافي المتبادل بين الصين والمغرب ” مع التركيز على حضور المرأة كموضوع في السينما الصينية، وذلك في إطار الأنشطة السنوية للنادي السينمائي لجمعية أبي رقراق.

كما شاركت الفرقة الموسيقية الصينية “بيجينغ غواوا“، المؤلفة من 12 طفلا يرتدون الزي التقليدي الصيني، في حفل افتتاح الدورة الـ20 لمهرجان وليلي الدولي لموسيقى العالم التقليدية، في غشت الماضي، وذلك بتقديم عرض فني بديع، مستمد من التقاليد الخالصة لهذا البلد الآسيوي، إلى جانب مشاركة 14 فنانا صينيا شابا في فعاليات الدورة الـ 13 للمهرجان الدولي أطفال السلام التي انعقدت في بداية غشت بالرباط.

وبخصوص التعاون الحزبي، أجرى وفد عن حزب الاستقلال، برئاسة نزار بركة الأمين العام للحزب، في مارس الماضي، ببكين، مباحثات مع مسؤولين بالحزب الشيوعي الصيني، تناولت سبل تعزيز علاقات التعاون بين الحزبين، وتوطيد الشراكة الاستراتيجية التي تجمع بين البلدين بإدراج البعد الحزبي والسياسي في هذه الشراكة.

ومن جهته، زار وفد عن التجمع الوطني للأحرار، برئاسة محمد أوجار، عضو المكتب السياسي للحزب، الصين في أوائل دجنبر، أجرى خلالها مباحثات مع مسؤولين كبار بالحزب الشيوعي الصيني، تمحورت على الخصوص، حول تعزيز الصداقة والتعاون بين الحزبين وكذا البلدين.

أما على صعيد التعاون النقابي، وقع الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب مذكرة تفاهم مع اتحاد نقابات العمال في مقاطعة هونان التابع لنقابة العمال لعموم الصين، في شتنبر بالرباط، تروم تبادل التجارب والخبرات في المجالات التنظيمية والمهنية للعمل النقابي، وتفعيل العمل المشترك والتشاور في قضايا العمال، فضلا عن إقامة دورات تدريبية ووضع برامج تكوينية مشتركة وكذا تبادل الزيارات بين وفود الاتحادين.

رياضيا، شهدت السنة حدثا غير مسبوق تمثل في الإعلان عن تنظيم رالي “الغزلات المغرب الصين” في صحراء منغوليا الداخلية، وذلك في سياق الاستعداد للاحتفال بسنة المغرب في الصين عام 2020.

وجاء هذا الإعلان خلال ندوة صحفية عقدت في 22 أكتوبر الماضي في بكين، بحضور سفير المغرب لدى الصين عزيز مكوار، والمدير العام للمكتب الوطني المغربي للسياحة، عادل الفقير، ومؤسسة رالي “عائشة للغزلات المغرب”، دومينيك سيرا، وعمدة مقاطعة نايمان تشي، بمنطقة منغوليا الداخلية، بو رين، وسون شياودونغ، نائب رئيس مجموعة “مي تايم”، المتخصصة في الصناعة الرياضية والراعية للحدث.

وأقيم الحدث الترويجي للرالي في نايمان بمنغوليا الداخلية من 23 إلى 26 أكتوبر، بمشاركة 10 فرق من 12 دولة مختلفة بما فيها الصين والمغرب، فيما سيتم تنظيم الحدث الرسمي في أكتوبر 2020.

كما عرفت السنة مشاركة المغرب في عدد من اللقاءات الرياضية ذات البعد الدولي في الصين منها على الخصوص، مشاركة المنتخب المغربي في منافسات الدورة السابعة للألعاب العسكرية العالمية التي نظمت بمدينة ووهان بوسط الصين في أكتوبر الماضي، حيث احتل المغرب المرتبة الـ20 في الترتيب العام من أصل 109 بلدا مشاركا، بعدما أحرز ما مجموعه 6 ميداليات، منها 3 ميداليات ذهبية، وواحدة فضية، و2 برونزية.

وتحمل سنة 2020 آفاقا واعدة في مسار تطوير العلاقات المغربية الصينية، حيث ستشهد أحداثا بارزة من بينها تنظيم سنة المغرب في الصين، وتظاهرة مماثلة للصين في المغرب، تتخلها عدد من الأنشطة المتنوعة، إضافة إلى إطلاق خط جوي جديد مباشر يربط الدار البيضاء وبكين، الذي طالما انتظرته أوساط رجال الأعمال ووكالات الأسفار الصينية لتيسير التبادلات أكثر بين البلدين.

الحدث/و م ع

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.