اليوم العالمي لحقوق الإنسان: التفاوتات الاقتصادية حجرة عثرة في وجه إعمال حقوق الإنسان

0

عماد أوحقي: يخلد المجتمع الدولي، غدا الثلاثاء (العاشر من دجنبر)، اليوم العالمي لحقوق الإنسان، في وقت تزداد فيه التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية اتساعا في جميع أنحاء العالم، مما يعوق التمتع بالحقوق المدنية والسياسية.

وبالنظر إلى جميع الإنجازات التي تحققت في مجال حقوق الإنسان خلال العقدين الماضيين، فإن واقع الحال يشي بأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لا تزال تحظى بالمركز الثاني بعد الحقوق المدنية والسياسية.

ومن الظاهر أن عالم الاقتصاد والفيلسوف الهندي، أمارتيا كومار سن، كان محقا حين لاحظ أن “استبعاد كل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية من جوهر منظومة حقوق الإنسان وإبقاء المجال حكرا على الحرية وغيرها من الجيل الأول من الحقوق، إنما هو محاولة لرسم خط على الرمل ما يلبث أن يزول”.

وفي هذا السياق، أوضحت أستاذة العلوم الاقتصادية والقانونية، سهام إخميم، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن “توزيع الثروة والدخل بشكل عشوائي وغير متكافئ، إلى جانب البطالة، هي إحدى الظواهر التي يعاني منها العالم الاقتصادي الذي نعيش فيه”.

وأشارت إلى أن العولمة أصبحت تكرس مفهوم “الغني يزداد غنا والفقير يزداد فقرا”، حيث تنامت الفجوة بين الطبقات الاجتماعية وارتفعت حدة التفاوتات في الدخل والثروة، وهو ما يهدد بشكل جدي ومقلق إعمال وتحقيق حقوق الإنسان.

وفي هذا الصدد، أبرزت الأستاذة الجامعية أنه في مختلف أنحاء العالم، تتمتع الأسر الغنية بمزايا أكثر في مجالات عدة كالصحة والتعليم وغيرها من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية مقارنة بالأسر الفقيرة، وهو معطى يظهر مجتمعات غير متكافئة بشكل متزايد ويهدد فرص الأشخاص في بلوغ التنمية المستدامة وزيادة الرفاهية.

وأضافت أن الإنسان يعيش، اليوم، في عالم يعاني من ضغوطات متفاوتة تشبه تلك التي كانت تخيف البورجوازية الوطنية الأوروبية في نهاية القرن التاسع عشر، وتكبح تعطشه الأبدي للسعادة والرفاهية.

وفي إشارة إلى أن الدول ملزمة باحترام حقوق الإنسان وحمايتها وضمانها، أكدت الباحثة بجامعة الحسن الثاني بالمحمدية على ضرورة الانخراط الفعلي والجاد لكل الفاعلين، كل من موقعه، لضمان توزيع عادل للثروة والسعي إلى تقليص التفاوتات باعتماد سياسات ضريبية تساعد على تحقيق ذلك.

وفي هذا السياق، أشار المقرر الخاص المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان، فيليب ألستون، في تقريره حول تعزيز وحماية جميع حقوق الإنسان، المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما في ذلك الحق في التنمية، إلى أن السياسات الضريبية التصاعدية يمكن أن تؤدي دورا مهما في معالجة مسألتي التفاوت والفقر.

كما أكد على ضرورة اعتبار التدابير المناسبة لإعادة توزيع الثروة من خلال السياسات الضريبية وغيرها من السياسات المالية، جزء لا يتجزأ من الالتزام بضمان الاحترام الكامل لحقوق الإنسان في المجتمع بأسره.

تبقى، إذن، مسألة الالتزام بالحد من التفاوتات الشديدة، وإيلاء الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية القدر نفسه من الأهمية والأولوية الذي تحظى به الحقوق المدنية والسياسية والاعتراف بالحق في الحماية الاجتماعية، وتنفيذ سياسات مالية تهدف بالتحديد إلى الحد من التفاوت، وتنشيط الحق في المساواة وتجسيده على أرض الواقع، ووضع المسائل المتعلقة بإعادة توزيع الموارد في صميم المناقشات المتعلقة بحقوق الإنسان، أبرز التحديات للحد من التفاوتات الاقتصادية لضمان التمتع الفعلي بحقوق الإنسان.

وهكذا، يظل اليوم العالمي لحقوق الإنسان، الذي يرمز لليوم الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة في عام 1948 الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، مناسبة للدعوة والتأكيد على أن حقوق الإنسان بشتى تجلياتها هي غير قابلة للتصرف، حيث يحق لكل شخص أن يتمتع بها كإنسان، بغض النظر عن العرق أو اللون أو الدين أو الجنس أو اللغة أو الرأي السياسي أو غيره أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو المولد أو أي وضع آخر.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.