حزب ميركل يحسم مسألة القيادة ويوحد صفوفه لكن لاتزال أمامه تحديات كبيرة

0

فاطمة تيمجردين: على عكس التوقعات، تمكن الحزب المسيحي الديمقراطي الالماني (يمين وسط) الذي شهد صراعات حول زعامته، من حسم مسألة القيادة وتوحيد صفوفه وتحديد تدابيره السياسية في المستقبل، في ختام مؤتمره العام الذي عقده نهاية الأسبوع الماضي في مدينة لايبتسيغ، (شرق) ، لكن لاتزال تواجهه تحديات كبيرة في مواجهة تراجع نتائجه في الانتخابات المحلية وتقدم اليمين المتطرفتدني شعبيته في استطلاعات الرأي .

بعد عام على تسليم المستشارة الالمانية أنغيلا ميركل قيادة حزبها المسيحي الديمقراطي لخليفتها المفضلة أنيغريت كرامب كارنباور، وجدت هذه الاخيرة نفسها في قلب معركة شنتها ضدها فصائل داخل حزبها مشككة في قدرتها على قيادة الحزب خلال فترة ما بعد ميركل ، وارتفاع أصوات تطالب بالتصويت على اختيار المرشح القادم لمنصب المستشار، مما أدى الى تنامي التوتر في صفوف المسيحيين الديمقراطيين كاد يعصف بوحدتهم. ووجهت انتقادات لكارنباور أسابيع قبل انعقاد مؤتمر الحزب، بسبب أخطاء ارتكبتها وتراجع نتائج الحزب في انتخابات محلية، وتنامي شعبية منافسها على الزعامة فريدريش ميرتس، رئيس الكتلة البرلمانية الأسبق للتحالف المسيحي.

غير أنه على عكس التكهنات، تمكنت زعيمة الحزب التي تشغل أيضا منصب وزيرة الدفاع، من رفع التحدي وجر حزبها الى بر الأمان بفضل خطاب ألقته في افتتاح أشغال المؤتمر حيث أعلنت فيه استعدادها للاستقالة إذا لم تحصل على دعم حزبها مخاطبة حوالي ألف مندوب “إذا كنتم ترون أن ألمانيا التي أريدها ليست هي التي تريدونها … فينبغي لنا أن ننهي المسألة اليوم . هنا والان واليوم ، لكن إذا كنتم ترون أنه ينبغي لنا أن نسير في هذا الطريق معا ، فلنشمر عن سواعدنا ونبدأ العمل”، فكان جواب المندوبين الوقوف والتصفيق لها في إشارة الى تجديد الثقة في زعيمتهم.

وتمكنت كانباور أيضا من إسكات منتقديها خلال فعالية المؤتمر، إذ أن منافسها فريدريش ميرتس، من الجناح المحافظ في الحزب والذي ينتقد أيضا سياسة المستشارة الالمانية، أظهر ولاءه لزعيمة الحزب في كلمة ألقاها خلال المؤتمر قائلا “إنها ألقت خطابا نضاليا وشجاعا وبأهداف محددة نحو المستقبل ونحن جميعا ممتنون لها” مضيفا “نحن موالون لرئيستنا وقيادتنا الحزبية الحاليةو للحكومة الفدرالية”.

وأعلنت رئيسة الحزب في خطابها عن التدابير السياسية التي تريد اتباعها في المستقبل، قائلة “لايكفي أن نكون في خدمة لاصلاح البلاد، نحن بحاجة الى أن نصبح ورشة للمستقبل، هذا هو هدفنا ، وهذا ما نريد أن نقوم به معا”.

وحددت بوضوح موقف حزبها إزاء عالم متغير يثير انشغال الكثير من الافراد حيث تطرقت في هذا الصدد الى الرقمنة والذكاء الاصطناعي والابتكار ، والتعليم وسياسة دفاعية جديدة.

واعتبر معلقون أن كارنباور أثبتت في المؤتمر الحزبي،أنها تريد التعلم من أخطائها، وأنها محاربة شرسة لكنهم يرون أنه يتعين عليها الآن عليها استخدام هذا الزخم لبداية جديدة حيث يجب عليها بصفتها وزيرة للدفاع أن تظهر أنها تستطيع إدارة موقف حكومي صعب وأن تكون طرفا فاعل ا على الساحة الدولية أيض ا، وكزعيمة للحزب ، عليها أن تظهر أنها تستطيع إعادة تموقع الحزب بأجندة حديثة لاسيما أنها تواجه منافسين على أهبة الاستعداد ينتظرون الفرصة السانحة وأية أخطاء جديدة من جانبها للانضمام إلى السباق للحصول على منصب المستشار.

وتجدر الإشارة إلى أن كارنباور لديها استحقاق تقليدي للترشح لمنصب المستشارية بصفتها رئيسة الحزب، إلا أن منتقديها يدعون إلى أن يكون لأعضاء الحزب الكلمة الأخيرة في هذا الشأن.

غير أن غالبية مندوبي الحزب رفضوا خلال المؤتمر إجراء تصويت مباشر من قبل الأعضاء على مرشح الحزب لمنصب المستشار في الانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رفضت غالبية المندوبين طلبات مماثلة قدمتها دوائر حزبية لاختيار مرشح الحزب للمستشارية عن طريق استصدار قرار من الأعضاء أو إجراء استطلاع بين الأعضاء أو الانتخاب المباشر.

وكان شباب الحزب المسيحي في طليعة المؤيدين لإجراء التصويت على مرشح الحزب للمستشارية، وهو الاقتراح الذي اعتبر أنه يمثل إهانة لوزيرة الدفاع أنغريت كرامب-كارنباور التي تولت رئاسة الحزب المسيحي خلفا لميركل، خصوصا وأن رئيس الحزب المسيحي الديمقراطي يتمتع باستحقاق تقليدي للترشح لمنصب المستشار.

واعتبر معلقون أن خليفة ميركل ربحت معركة، لكن الحرب لم تنته بعد، مشيرين الى أنه من خلال عرضها الاستقالة، واجهت زعيمة كارنباور بشجاعة منتقديها، لكن طريقها المحتمل إلى المستشارية لا يزال طريقا شائكا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.