تونس مستاءة من تصنيفها ضمن الدول “عالية المخاطر” في تبييض الأموال وتمويل الإرهاب

0

 عبرت تونس عن استيائها من قرار مفوضية الاتحاد الأوروبي إدراجها في قائمة الدول “عالية المخاطر” في مجال تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، واصفة القرار”بالمجحف والمتسرع وأحادي الجانب”.
واعتبرت وزارة الشؤون الخارجية التونسية في بيان أصدرته، مساء أمس (الأربعاء)، أن المسار الذي اتبعته المفوضية الأوروبية في اتخاذ هذا القرار كان “مجحفا ومتسرعا”، باعتبار أن المفوضية، في ظل غياب منظومة تقييم مالي خاصة بها، تبنت “بصفة آلية” تقريرا صادرا عن مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والحال ـ يضيف البيان ـ أن تونس التي خضعت بصفة طوعية لمتابعة هذه المجموعة كانت قد اتفقت معها على خطة عمل، قطعت خطوات هامة في انجازها، تتضمن جملة من التعهدات تهدف إلى تطوير منظومتها التشريعية والمالية قبل متم سنة 2018.
وجددت تونس، في هذا البيان، تمسكها بالطابع الاستراتيجي لعلاقاتها مع الاتحاد الأوروبي والتزامها بمواصلة مسار الإصلاحات الجوهرية، معبرة عن أملها في أن يتم في القريب العاجل سحب اسمها من هذه اللائحة في ضوء الجهود الحثيثة التي تبذلها الحكومة التونسية في علاقة بالتزاماتها الوطنية والدولية ومع مجموعة العمل المالي.
وأعربت عن الأمل في أن يتم العمل مستقبلا على تفادي مثل هذه القرارات أحادية الجانب التي تتعارض مع أسس الشراكة المتميزة التي يعمل الطرفان على تدعيمها.
ومن جهة اخرى، اعتبر بيان الوزارة، أن اعتراض 357 نائبا في البرلمان الأوروبي من مختلف الكتل على هذه اللائحة، يعد “تقديرا واضحا للجهود الكبيرة التي ما فتئت تبذلها تونس لإرساء مؤسساتها وتعزيز منظومتها التشريعية والمالية من اجل مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب”.
ويذكر أن البرلمان الأوروبي كان قد صنف في جلسة عامة، تونس ضمن القائمة السوداء لتبييض الاموال وتمويل الارهاب، وفق ما ورد على الموقع الالكتروني للبرلمان الاوروبي.
وأكد وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي عقب لقائه اليوم الأربعاء بقصر قرطاج، مع الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، “مواصلة بذل كل الجهود لاستبعاد تونس من التصنيفات الظالمة”، معتبرا أن تصنيف بلاده في هذه القوائم “لا يراعي الخصوصيات الاقتصادية لتونس والإصلاحات الهيكلية الجاري إنجازها”.
وتعليقا على هذا القرار قال باتريس برغاماني سفير الإتحاد الاوروبي بتونس “إن تصنيف تونس ضمن القائمة السوداء للبلدان، التي يمكن أن تكون عرضة أكثر لتبييض الأموال وتمويل الإرهاب ليس بالعقوبة أو العقوبة الجديدة.”
واعتبر المسؤول الأوروبي أن الأمر “يتعلق بفرصة للمضي نحو نجاعة ويقظة أكبر في مقاومة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب”، مضيفا “وسنعمل معا مع السلطات التونسية لسحب اسم تونس من هذه القائمة قبل الصيف القادم”. 
وأضاف برغاماني، في تصريح لوسائل الإعلام، بتونس، أن تصويت البرلمان الاوروبي، اليوم، ليس في علاقة بتصنيف تونس ضمن القائمة السوداء “للملاذات الضريبية” في وقت سابق. 
وأوضح أن البرلمان الأوروبي اتخذ هذا القرار بعلاقة مع تموقع تونس بالنسبة لمجموعة العمل المالي، التي تعمل منذ فترة طويلة على مقاومة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. وأضاف أن مجموعة العمل المالي لا تمثل الإتحاد الأوروبي، فقط، بل هي تمثل 35 بلدا إلى جانب، 15 بلدا من الإتحاد الأوروبي، وكذا الولايات المتحدة الامريكية والصين واليابان وكندا.
وأشار السفير الأوروبي إلى أن هذه المجموعة عملت مع المسؤولين الأوروبيين لتشخيص المخاطر وقدمت تقريرها وتوصياتها في هذا الشأن يوم 3 نوفمبر 2017.
وتابع “أنه لا مجال للتهييج الإعلامي والعصبية لأن المعلومة كانت متوفرة منذ يوم 3 نوفمبر 2017، ويتعلق الأمر، اليوم، ببساطة بتصويت البرلمان الأوروبي، الذي يتعين عليه بموجب التشريعات الأوروبية، نقل، هذا التصنيف الجديد، على مستوى القانون الداخلي الأوروبي”. 
وأضاف “نعلم جميعا أن مقاومة الفساد وتبييض الأموال تعد أولويات بالنسبة لتونس. وإننا لمقتنعون جميعا بضرورة مساعدة ومصاحبة تونس في حربها هذه، وبالتالي فإن الأمر يتعلق بفرصة للمضي نحو يقظة ونجاعة أكبر في مقاومة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب”، مشيرا إلى أنه يجب ضمان عدم غموض المسالك المالية وان لا يكون خلق الثروة غير حقيقي ويستغل الاقتصاد التونسي.
وأعلن المسؤول الأوروبي، لدى تطرقه مجددا للقائمة السوداء للملاذات الضريبية، “لقد سوينا هذه المسألة على أساس التزام الحكومة التونسية. واليوم وفي ما يتعلق بهذا الموضوع، الذي يعد أكثر جدية من التهرب الجبائي، والمتعلق بتبييض الأموال، نعلم أن تونس هي على الجانب الصحيح لكن يجب المضي قدما نحو التغيير وإقرار إصلاح هيكلي لمقاومة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب”.
ومضى قائلا إن “الالتزامات موجودة وإنني لمقتنع أننا معا سنعمل لمصاحبة ومعاضدة تونس في سعيها للإصلاح التشريعي والهيكلي مما سيسمح بالتوجه نحو مجموعة العمل المالي خلال الأسابيع القادمة والأشهر القادمة بإشارات جيدة للحصول في حدود الصيف المقبل أو حتى هذا الربيع على تصنيف جديد للبلاد”.
واعتبر المسؤول الأوروبي أن “كل ذلك رهين بانخراط السلطات التونسية”، مشيرا إلى أن “خروج تونس من القائمة السوداء للملاذات الضريبية يبرهن من جهة على إلتزام السلطات التونسية، ومن جهة أخرى، يؤكد رغبة الإتحاد الأوروبي في مواصلة التواجد إلى جانب تونس دائما”.
وكان الاتحاد الأوروبي قد أعلن في 5 دجنبر 2017 عن إدراج تونس ضمن القائمة السوداء “للملاذات الضريبية”. وأثار الإعلان جدلا في تونس، التي عبرت حينئذ عن “استغرابها واستيائها من تصنيفها، بصفة مجحفة، ضمن قائمة البلدان غير المتعاونة جبائيا، باعتباره لا يعكس إطلاقا الجهود التي تبذلها من أجل الالتزام بالمقتضيات الدولية للشفافية الجبائية”.
وفي 23 يناير الماضي اتخذ مجلس وزراء الاقتصاد والمالية الأوروبي، قرارا بسحب تونس من القائمة السوداء للبلدان غير المتعاونة جبائيا، وهو ما أثار ارتياحا في تونس. وقالت وزارة الشؤون الخارجية التونسية حينئذ إن هذا القرار يأتي “تتويجا للمساعي المكثفة التي قامت بها السلطات التونسية على المستوين السياسي والدبلوماسي، لحث مؤسسات الإتحاد الأوروبي على مراجعة قرارها”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.