إسبانيا : البطالة والهجرة أهم القضايا التي يتمحور حولها النقاش في الانتخابات التشريعية ليوم 10 نونبر

0

سناء الوهابي: عادت قضايا البطالة والهجرة بقوة إلى البرامج الانتخابية للأحزاب السياسية الرئيسية التي تتنافس للفوز في الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها يوم 10 نونبر وذلك في سياق موسوم بارتفاع مخاطر حدوث ركود اقتصادي عالمي وأزمة في تدفقات الهجرة التي لا تزال واحدة من بين أكثر القضايا التي تشغل بال الأوربيين .

وعلى الرغم من أن المبادرات والإجراءات المقترحة في التعاطي مع هاتين المعضلتين ( البطالة والهجرة ) تختلف من مرشح إلى آخر إلا أن الأحزاب السياسية الإسبانية تتقاسم جميعها الرغبة في استقطاب أصوات الناخبين خلال هذه الاستحقاقات الحاسمة ومن تم تركز على مثل هذه القضايا الشائكة التي تظل محورية ضمن انشغالات الدولة الإسبانية وتشكل بالتالي إحدى التحديات الآنية والمستقبلية التي تواجهها .

وباهتمامهم بمثل هذه القضايا الشائكة يظهر المرشحون وعيا كبيرا اتجاه انتظارات الناخبين الذين يتوقعون إجابات ملموسة واستراتيجيات فعالة وإصلاحات هيكلية طموحة من أجل دعم وتعزيز خلق فرص الشغل والثروة وتحسين مستوى عيش المواطنين مع تقليل الفوارق الاقتصادية والاجتماعية بالإضافة إلى إيجاد حلول لمعضلة الهجرة وضبطها .

ويراهن الحزب العمالي الاشتراكي ( يسار ) بقيادة بيدرو سانشيز رئيس الحكومة المنتهية ولايتها خلال هذه الحملة الانتخابية على تقديم ” مشروع تقدمي عقلاني ” يسعى من خلاله إلى البحث عن ” حلول مبتكرة لمختلف الإشكالات التي تعرفها البلاد ” خاصة في قضايا البطالة والهجرة في أفق ” الاستجابة للحاجيات الحقيقية للمجتمع الإسباني ولانتظاراته ” .

وفي قضايا البطالة والتشغيل يلتزم الحزب العمالي الاشتراكي في برنامجه الانتخابي الذي أعده لخوض غمار هذه الاستحقاقات بإجراء تعديلات على إصلاح قانون الشغل لعام 2012 مع وضع قانون تنظيمي جديد للعمال يتماشى ومتطلبات وحاجيات القرن 21 بالإضافة إلى الزيادة في الحد الأدنى للأجور فضلا عن تعديل النظام العام للعمال المستقلين .

ويؤكد الاشتراكيون الذين تعطيهم مختلف استطلاعات الرأي الفوز في نوايا التصويت خلال انتخابات 10 نونبر على اعتماد سياسة اقتصادية تتوافق مع الالتزامات التي تعهدت بها بالفعل الحكومة المنتهية ولايتها وفقا لأهداف التنمية المستدامة ال 17 بحلول عام 2030 مع التزامهم بتنفيذ الإصلاحات الضرورية لدعم وتعزيز النمو الاقتصادي إلى جانب الزيادة في خلق فرص الشغل وضمان الانتقال البيئي المتوازن والعادل فضلا عن تعزيز التماسك الاجتماعي وتقليص العجز العمومي وكذا تقليص الدين العام بالإضافة إلى تحسين الاستدامة المالية على المدى المتوسط .

أما الحزب الشعبي ( يمين ) الذي يعد الغريم التقليدي للحزب العمالي الاشتراكي والذي سيأتي حسب استطلاعات الرأي في المركز الثاني خلال هذه الانتخابات التشريعية التي تعد الرابعة منذ عام 2015 فيؤكد بشكل خاص على ضرورة تعميق إصلاح القانون المؤطر لسوق الشغل لعام 2012 لاسيما في المفاوضة الجماعية بالإضافة إلى تخفيض مساهمات الضمان الاجتماعي مع اعتماد إعفاءات ضريبية على أرباح المقاولات والشركات التي يحدثها العاطلون عن العمل لفترات طويلة وذلك على مرحلة زمنية تستمر لسنتين .

كما يطمح الحزب الشعبي في برنامجه الانتخابي إلى تقوية ودعم القدرة التنافسية للاقتصاد الإسباني من خلال تحسين الإنتاجية وتشجيع القطاعات الاقتصادية الواعدة والتي تحقق قيمة مضافة مهمة بالإضافة إلى تعزيز فعالية التحفيزات الضريبية .

وبدوره يراهن حزب ( سيودادانو ) الذي يمثل وسط اليمين والذي تعطيه استطلاعات الرأي الرتبة الرابعة في انتخابات 10 نونبر على إلغاء العقود المؤقتة للعمل وتشجيع العقود ذات الأجل الطويل الأمد مع تسهيل عملية إحداث المقاولات والتخفيض من الضريبة على الدخل بالإضافة إلى تحسين القدرة التنافسية للشركات الإسبانية إلى جانب اعتماد ميثاق دولة حول القطاع الصناعي بهدف تشجيع خلق فرص الشغل والثروة .

بينما يقترح برنامج حزب ( بوديموس ) الذي يمثل أقصى اليسار زيادة في الحد الأدنى للأجور لتصل إلى 1200 أورو وكذا الرفع من الإعانة الخاصة بالأشخاص العاطلين عن العمل بنسبة 70 في المائة إلى جانب وضع مخطط للتشغيل خاص بالعاطلين الذين تجاوز سنهم 45 سنة مع اعتماد إصلاح جديد لسوق الشغل وتشجيع إحداث المشاريع وتحفيز الفاعلين والمستثمرين على الرفع من قيمة استثماراتهم .

ومن جهته يعد الحزب اليميني المتطرف ( فوكس ) في برنامجه الانتخابي بدعم وتعزيز عملية إعادة بناء الاقتصاد الإسباني كمصدر رئيسي لخلق فرص الشغل ودعم إنشاء المقاولات ومساندة العاملين لحسابهم الخاص بالإضافة إلى تشجيع عملية تشغيل العاطلين عن العمل الذين تفوق أعمارهم 50 سنة وكذا الذين يعانون من البطالة لفترات زمنية طويلة فضلا عن اعتماد آليات جديدة لتحفيز سوق العمل عبر اقتراح إعفاءات من الرسوم الاجتماعية في مجال تشغيل الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 24 سنة بحد أقصى مدته سنتان .

وفيما يتعلق بقضية الهجرة فإن مقترحات مختلف الأحزاب السياسة الممثلة لليسار أو لليمين تعكس كما حدث خلال انتخابات أبريل الماضي نفس المواقف التقليدية سواء بالنسبة لأنصار الهجرة المنظمة والمنتظمة أو لمؤيدي تشديد الإجراءات بتدابير أكثر صرامة في التعاطي مع هذه المعضلة .

فالأساسي في هذا الموضوع بالنسبة للحزب العمالي الاشتراكي هو تشجيع ” سياسة أوربية في مجال الهجرة ” تستهدف إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والبحر الأبيض المتوسط مع تكثيف الجهود في مجال مكافحة الاتجار بالبشر وتنظيم وتسهيل حركية المهاجرين المنتظمة بالإضافة إلى احترام مبادئ وقيم حقوق الإنسان مؤكدا على أن هذه هي الأولويات الأساسية التي يشتغل عليها مناضلو الحزب والتي سيتم تنفيذها في حالة فوزه خلال الاستحقاقات القادمة .

أما الحزب الشعبي فيتخذ موقفا أقوى بشأن تدبير الهجرة حيث يعد بدعم وتعزيز ” سياسة الهجرة القانونية والمنظمة والمنتظمة المرتبطة بسوق الشغل ” بالإضافة إلى وضع خطة خاصة بمكافحة الهجرة غير الشرعية والتصدي لشبكات و ( مافيا ) الاتجار بالبشر مع تقوية وتكثيف التعاون مع بلدان المنشأ وكذا بلدان عبور المهاجرين غير الشرعيين إلى جانب توسيع قاعدة الاتفاقيات والمعاهدات الدولية الخاصة بشأن عودة المهاجرين غير النظاميين إلى بلدانهم .

من جهته اختار حزب ( سيودادانوس ) بزعامة ألبرت ريفيرا نهجا أكثر واقعية في التعاطي مع ملف الهجرة حيث يقترح ” اعتماد نظام خاص للتأشيرة حسب النقط ” وذلك بهدف استقطاب أفضل المهارات والكفاءات الأجنبية وتسهيل منح التأشيرات للباحثين والمستثمرين والمهنيين المؤهلين تأهيلا عاليا الذين يرغبون في تطوير أنشطتهم في إسبانيا مقابل مكافحة منظمات وشبكات الاتجار بالبشر .

أما حزب ( بوديموس ) فاعتمد ف برنامج الانتخابي مقاربة يراها أكثر إنسانية في تدبير تدفقات الهجرة من خلال تشديده على ضرورة تخفيف إجراءات لم شمل الأسر ومنع عملية ترحيل القاصرين الأجانب غير المصحوبين بذويهم ضدا على رغبتهم إلى بلدانهم وذلك في إطار احترام مقتضيات اتفاقية حقوق الطفل إلى جانب منح التأشيرات الإنسانية واعتماد المرونة في تدابير وإجراءات تصاريح الإقامة .

وبخلاف باقي الأحزاب السياسية الأخرى فإن حزب ( فوكس ) اليميني المتطرف الذي تتوقع استطلاعات الرأي فوزه خلال الانتخابات القادمة بما بين 14 إلى 21 مقعدا بمجلس النواب يضع ملف الهجرة ضمن أولوياته ويؤكد على ضرورة تشديد السياسة الإسبانية في تدبير إشكالية الهجرة غير الشرعية .

وبالإضافة إلى قضايا التشغيل والبطالة والهجرة تتضمن البرامج الانتخابية للأحزاب السياسية التي دخلت سباق التنافس في هذه الانتخابات عدة قضايا أخرى من بينها على الخصوص الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والقضايا المتعلقة بالتعليم والانتقال البيئي والصحة والسياسة الاجتماعية ومعاشات المتقاعدين بالإضافة إلى الأزمة في جهة كتالونيا .

وستتوجه أنظار الإسبان اليوم الاثنين إلى المناظرة التلفزية الوحيدة التي ستبث على الساعة العاشرة مساء ( حسب التوقيت المحلي ) بمختلف القنوات التابعة للمجموعة الخاصة ( آتريس ميديا ) والتلفزيون العمومي الإسباني والتي ستعرف مشاركة المرشحين الخمسة الرئيسيين لرئاسة الحكومة المقبلة .

ويتعلق الأمر بكل من بيدرو سانشيز الأمين العام للحزب العمالي الاشتراكي ورئيس الحكومة المنتهية ولايتها وبابلو كاسادو زعيم الحزب الشعبي وألبرت ريفيرا زعيم حزب ( سيودادانوس ) وبابلو إغليسياس زعيم حزب ( بوديموس ) بالإضافة إلى سانتياغو أباسكال زعيم حزب ( فوكس ) اليميني المتطرف الذين يتعين عليهم مناقشة وإبداء أرائهم اتجاه كل القضايا المرتبطة بسياسة التعايش في إسبانيا وكذا السياسات الاقتصادية والاجتماعية وقضايا الديموقراطية وتدبير الشأن العام والسياسة الخارجية للبلاد .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.