ندوة علمية بالرباط تبحث ملامح تشابه العمارة الإسلامية في المغرب وسلطنة عمان

0

انطلقت، اليوم الثلاثاء بالرباط، ندوة علمية حول موضوع “العمارة الإسلامية في المملكة المغربية وسلطنة عمان: الترميم والأرشيف”، وذلك لاستجلاء أوجه تشابه العمارة الإسلامية في البلدين، وإبراز علاقة الترميم بالأرشيف للحفاظ على التراث المعماري.

وتروم هذه الندوة العلمية، التي تنظم على مدى يومين، تعزيز التبادل الثقافي بين البلدين، وتطوير سبل الشراكة والتعاون بينهما في مجال تدبير الأرشيف والتوثيق التاريخي، وتبادل الخبرات والتجارب في مجال البحث العلمي، والإدارة الرقمية للأرشيف، فضلا عن تنظيم الأنشطة الثقافية من ندوات علمية، ومعارض وثائقية بغرض تثمين الأرشيف والتحسيس بأهميته.

وتندرج هذه الندوة، التي تنظمها مؤسسة أرشيف المغرب، وهيئة الوثائق والمحفوظات بسلطنة عمان، بشراكة مع وزارة الثقافة والاتصال (قطاع الثقافة)، ومديرية التراث والمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، وكلية الآداب والعلوم الانسانية بالرباط، وسفارة سلطنة عمان بالرباط، في إطار تنفيذ مذكرة تفاهم بين مؤسسة أرشيف المغرب ونظيرتها في سلطنة عمان، وذلك لمد جسور التعاون بين البلدين وتبادل الخبرات وتثمين الأرشيف كمرجعية هوياتية وكرافعة تنموية.

وفي كلمة بالمناسبة، قال وزير الثقافة والاتصال السيد محمد الأعرج، إن مثل هذه اللقاءات الثقافية تستند على سجل عريق من التعاون بين المملكة وسلطنة عمان في مختلف المجالات، لا سيما مجال حماية التراث وتثمينه، مضيفا أن التعاون الثقافي بين البلدين سيكون في الوقت الراهن مفتوحا على آفاق يطبعها الغنى والتنوع وتراكم الخبرات.

وأشار الوزير إلى أن قطاع الثقافة بالمغرب ونظيره في سلطنة عمان انخرطا في تجربة ترميم القلاع والحصون العمانية منذ 1983-1984، مشيرا إلى أنه، ومنذ ذلك الحين، شددت المباحثات بين مسؤولي القطاعين على ضرورة تعزيز تجارب الترميم الناجحة بتجارب جديدة في مجال التراث المخطوط والمتاحف والمعارض والأنشطة الثقافية وكذا التراث غير المادي.

وبعد أن أشاد بهذه التظاهرة الغنية، أكد المسؤول الحكومي أن اعتماد مذكرة تفاهم بين مؤسسة أرشيف المغرب وهيئة الوثائق والمحفوظات بسلطنة عمان، يشكل امتدادا وتوسعا للتعاون الثنائي، مردفا أن هاتين المؤسستين ليستا مجرد أداتين لحفظ وتدبير الوثائق، بل فضاء لرصد خطوط التنمية والديمقراطية وحقوق الانسان، وبالتالي آليتين للتقييم والتصويب وإغناء المسارات التنموية التي يرعاها قائدا البلدين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس وصاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد.

من جانبه، أكد رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بسلطنة عمان، السيد حمد بن محمد الضوياني، أن تنيظم هذه الندوة العلمية يمثل مناسبة لإبراز العلاقة والترابط الوثيق بين الأرشيف والوثائق، وما تحتويه الذاكرة الوطنية من الوثائق والخرائط والدراسات والمعلومات، والتشابه القائم في الطراز المعماري الإسلامي الرابض على أرض سلطنة عمان والمغرب.

وتابع أن القواسم المشتركة والأدوار المتشابهة لهذا الطراز المعماري دفع بالبلدين لتبادل الخبرات العلمية والمهنية في مجال الترميم والصيانة للمعالم الأثرية من التحصينات والقلاع والحصون العمانية، وهو إدراك قائم على ضرورة المحافظة على ما تم إنجازه في مختلف مجالات الحياة العلمية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والعمرانية.

وأضاف أن سلطنة عمان والمملكة المغربية أولتا إرثهما التاريخي عنايتهما الخاصة للحفاظ على الحضارة التليدة وما تزخر به من إنجازات حضارية إنسانية تعد محل فخر واعتزاز، معتبرا أن هذا اللقاء يشكل فرصة لاستعراض قواسم العمل المشترك، والوقوف عليها وتعريف أفراد المجتمع في البلدين بما يزخر به البلد الآخر وما تحقق من منجزات شكلت علامة بارزة في نهضة البلدين.

أما مدير مؤسسة أشيف المغرب، السيد جامع بيضا، فقد أكد أن المباني التاريخية التي تؤثث حواضر وقرى البلدان تعتبر عنصرا حيويا لاستلهام الهوية وتعزيز طموحات البلدين، مضيفا أن هذه المعالم يمكن، إذا تم توظيفها وتأهيلها، أن تساهم في التنمية الاقتصادية للمملكة، في إطار ما أصبح اليوم يسمى بالصناعات الثقافية.

وشدد على أن من مصلحة البلدان التي تتوفر على مواقع تاريخية عريقة، أن تعمل على صيانتها وحفظها بمثابة ثروة وطنية تتوارثها الأجيال، معتبرا أن الحفاظ على قيمتها التاريخية يتم بالضرورة بالحيلولة دون تخريبها أو تشويه ملامحها، وبالعمل الجاد على ترميمها من قبل ذوي الخبرة في علوم التراث والترميم حسب المعايير التي أصبحت تؤطرها اليوم علوم دقيقة ومواثيق دولية ومنظمات دولية.

بدوره، قال رئيس جامعة محمد الخامس بالرباط، السيد محمد غاشي في كلمة تليت بالنيابة، إن العمران يجسد أهمية بالغة في الحضارة الإنسانية بما يؤديه من أدوار اجتماعية واقتصادية، وينهض به من وظائف فنية وجمالية تعكس هوية الإنسان الحضارية، وقيمه الثقافية والاجتماعية والبيئية والفنية، مضيفا أن الأمم المتحضرة تسعى دوما إلى إنشاء المباني التاريخية الدالة على عمق تمدنها، وأصالة حضارتها، مع توفير الأرشيف الذي يوثق لها، وينعش ذاكرتها، ويربط ماضيها بحاضرها.

وللمحافظة على هذا الإرث الحضاري بالصيانة والترميم والتوثيق التاريخي والفني والوظيفي، يقول السيد غاشي، يتعين إيلاء عناية فائقة للأرشيف، لما له من أهمية بالغة في حفظ الذاكرة الجماعية، وصيانة الموروث الثقافي والحضاري المتعلق بها، عبر تحقيق تراكم كمي ونوعي يراعي الجمع والتصنيف، والدراسة والنشر في إطار من التكامل المعرفي، والتنسيق المهني، موردا أن جامعة محمد الخامس باعتبارها مركز إشعاع ثقافي وحضاري ومعرفي، تعمل من خلال المؤسسات التابعة لها على التوعية والتحسيس بأهمية التراث العمران ي، خاصة من خلال إنجاز الدراسات والأبحاث العلمية حوله، وتشجيع وتطوير البحث العلمي في هذا المجال.

وتميزت هذه الندوة العلمية، التي حضرها باحثون وخبراء مختصون، بتنظيم معرض وثائقي متخصص يحكي فن العمارة الإسلامية في المملكة وسلطنة عمان، ويعرض الجوانب التاريخية في البلدين، كما يضم مجموعة من الوثائق والصور التاريخية والمخطوطات القيمة وعمليات الترميم التي تبين جزء من التاريخ العريق الذي يزخر به البلدان.

ومع

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.