تخليد الذكرى 86 لمعركة بوغافر البطولية : مناسبة لاستحضار ملاحم الكفاح الوطني في سبيل الحرية والاستقلال

0

تخلد أسرة المقاومة وجيش التحرير وساكنة إقليم تنغير، غدا الثلاثاء، الذكرى 86 لمعركة بوغافر المجيدة التي خاض غمارها أبناء قبائل آيت عطا المجاهدة دفاعا عن حرية الوطن وعزته وكرامته.

وأكدت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، في بلاغ لها، أن هذه المعركة تعتبر محطة بارزة في تاريخ كفاح الشعب المغربي بقيادة العرش العلوي المجيد في سبيل الحرية والاستقلال وتحقيق السيادة الوطنية والوحدة الترابية.

وأبرزت أن القوات الاستعمارية الفرنسية حاولت يوم 13 فبراير 1933 التوغل في الجنوب الشرقي المغربي والسيطرة على منطقة صاغرو وإخضاع قبائل آيت عطا التي شكلت سدا منيعا أمام توسعها، حيث شنت أول هجوم على المجاهدين الذين لجأوا إلى جبل صاغرو باعتباره منطقة استراتيجية تتيح لهم مواجهة القوات الاستعمارية الفرنسية لوعورة التضاريس، مبرهنين ومعلنين بذلك عن رفضهم الخضوع للمحتل الأجنبي الذي لم يفلح رغم أسلحته الفتاكة وجيوشه الجرارة وعتاده المتطور في تشتيت صف المجاهدين وتفكيك وحدتهم المتراصة بفضل إيمانهم القوي بعدالة قضيتهم وتمسكهم المتين بمبادئهم وأفكارهم الوطنية وقيمهم الدينية.

وأوضحت أنه في شهادة حول ضراوة المعارك وشراستها، يقول أحد الضباط الفرنسيين وهو النقيب دوبورنازيل “كان هناك تقدم ملموس لكن بعدما تحملنا خسائر فادحة، وبالليل كنا نختبئ بين الصخر ولا نستطيع التقدم مع أن أمامنا عدد كبير من الأعداء، حينئذ طلبنا الدعم أثناء الليل”.

وفي نفس السياق، يقول الأكاديمي الفرنسي هنري دوبوردو “لم يستطع الهجوم تحقيق هدفه لأن المقاومة كانت على أشدها ضارية ومنظمة وكشفت عن وجود رئيس وعن تنظيم محكم طويل”.

واعتبرت المندوبية السامية أنه في مواجهة المقاومة الشعبية الباسلة وصمودها واستماتة المجاهدين وشجاعتهم التي استحال معها على القوات الاستعمارية اقتحام جبل بوغافر، لم تجد قوات الاحتلال بدا من التراجع وإعادة ترتيب خططها في محاولة لتصحيح أخطائها ولتدارك إخفاقاتها في هذه المعركة، فاضطر الجنرال “هوري”، وهو القائد العام للقوات الفرنسية إلى استدعاء الجنرالين “كاترو” و”جيرو”، وتولى بنفسه تدبير العمليات بقصف مواقع المجاهدين ومحاصرتها باستعمال المدفعية والطيران طيلة المدة من 21 إلى 24 فبراير 1933 في محاولة فاشلة ويائسة لإرغام المقاتلين وعائلاتهم على الاستسلام.

وأمام هذه الروح القتالية العالية، اضطر قائد منطقة مراكش للتخلي عن القيادة بعد إصابته بجروح خلال المعارك، وتوالت الهجومات على معاقل المقاومين واستمر القصف ليل نهار واشتد الحصار بعد أن أغلقت كل الممرات والمعابر، غير أن ذلك لم يزد المجاهدين إلا إصرارا وثباتا على المقاومة والكفاح، إذ ازداد حماسهم بعد شيوع خبر مصرع الضابط الفرنسي “بورنازيل”، وما واكب ذلك من ارتباك وتصدع في صفوف القيادة العسكرية الفرنسية التي تأكدت من عجزها على حسم الموقف عسكريا فعمدت إلى فرض حصار اقتصادي.

وهكذا، ستتم مراقبة منابع المياه ونقط عبور المجاهدين والمقاومين، وقد ترتب عن تطويق المنطقة وحصارها كثرة الوفيات في صفوف الأطفال والشيوخ، ولم يكن لهذه الوضعية أن تثبط همم وعزائم المجاهدين أو تنال من صمودهم وثباتهم إلى أن قر العزم على الدخول في حوار مع القبائل الثائرة يوم 24 مارس 1933 وإعلان الهدنة وبدء المفاوضات مع القائد البطل عسو باسلام، زعيم المجاهدين والرجل المتمرس، والمجاهد المغوار الذي بفضل حنكته السياسية وخبرته القتالية، قاد المعارك والعمليات النضالية ضد الجيوش الاستعمارية الجرارة.

وقد أسفرت هذه المفاوضات عن قبول وضع السلاح من جانب المجاهدين وفق شروط تضمن حرية قبائل آيت عطا وتصون كرامتهم وكرامة عائلاتهم.

وشددت المندوبية السامية على أن معركة بوغافر، التي خاض غمارها أبناء قبائل آيت عطا والقبائل المجاورة دفاعا عن الحرية والكرامة والعزة وصون مقدسات الوطن ووحدته الترابية، تعتبر من بين الصفحات المشرقة والخالدة في سجل تاريخ بلادنا الحافل بالأمجاد والبطولات، وستظل هذه المعركة معلمة وضاءة بارزة تستلهم منها الأجيال الجديدة الدروس والعبر، وتنهل من معينها قيم الوطنية الخالصة وروح المواطنة الإيجابية للإسهام في مسيرات الحاضر والمستقبل.

وقالت إن أسرة المقاومة وجيش التحرير، وهي تخلد هذه الذكرى الغراء على غرار مثيلاتها من الذكريات الوطنية المجيدة، تتوخى أن تكون هذه المناسبة محطة جديدة لتقوية ارتباط الشباب والأجيال الجديدة بذاكرتهم التاريخية الوطنية لاستلهام مضامينها وقيمها الخالدة للمساهمة في تعزيز مكتسبات الأمة وصيانة الوحدة الترابية ومواجهة تحديات التنمية الشاملة والمستدامة والمندمجة إعلاء لصروح المغرب الجديد تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.

كما تستحضر باحتفائها بهذه الذكرى العظيمة، التي يحق لكل المغاربة الاعتزاز بحمولتها الوطنية ورمزيتها وقيمتها التاريخية الخالدة، ملاحم الكفاح الوطني في سبيل تحقيق الاستقلال والوحدة الترابية، مستلهمة قيم الصمود والتعبئة الوطنية العامة والالتحام الوثيق بين الشعب المغربي من أقصى تخوم الصحراء إلى أقصى ربوع الشمال، ومجددة التعبير عن التجند الدائم والمستمر صيانة للوحدة الترابية الراسخة التي لا تزيدها مناورات الخصوم إلا وثوقا وقوة وإشعاعا.

وأكدت المندوبية أن أسرة المقاومة وجيش التحرير، وهي تخلد بإكبار وإجلال الذكرى 86 لمعركة بوغافر المجيدة، “لتجدد موقفها الثابت من قضية وحدتنا الترابية وتعلن استعداد أفرادها لاسترخاص الغالي والنفيس في سبيل تثبيت السيادة الوطنية بأقاليمنا الجنوبية المسترجعة ومواصلة الجهود والمساعي الحثيثة لتحقيق الأهداف المنشودة والمقاصد المرجوة في بناء وطن واحد موحد الأركان، قوي البنيان ينعم فيه أبناؤه بالحرية والعزة والكرامة”.

الحدث/ و م ع

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.