بهيجة سيمو: التعريف بمنجزات المرأة المغربية يعد اعترافا بمكانتها داخل حركية المجتمع وما تشمله من تحولات

0

أكدت بهيجة سيمو، مديرة الوثائق الملكية، أن التعريف بالمنجزات التي حققتها المرأة المغربية يعد اعترافا بمكانتها داخل المنظومة الحضارية والتنموية والاقتصادية، وكذلك داخل حركية المجتمع المغربي وما تشمله من تحولات وتطورات.

وأضافت سيمو، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء بمناسبة تخليد اليوم العالمي للمرأة (8 مارس)، أن هذا الاحتفال السنوي يعد “وقفة مع الزمن” لتقييم منجزات النساء المغربيات على عهد صاحب الجلالة الملك محمد السادس على العديد من الأصعدة، مبرزة أن الخطوات الجبارة التي قطعتها المرأة المغربية جعلتها تحظى بالتقدير والاعتراف على الصعيدين الوطني والدولي.

وفي هذا الصدد، أبرزت السيدة سيمو، التي توصف ب”حارسة الذاكرة الوطنية المغربية”، أن التاريخ كعلم من العلوم الإنسانية يعد من المجالات التي أقبلت عليها الدارسات المغربيات وتألقن فيه، من منطلق رغبتهن في معرفة الماضي في جميع أبعاده وباعتباره تخصصا يتيح فهم الحاضر، ويؤهل المرء لتكوين تصور حول آفاق المستقبل.

وعن تجربتها الشخصية، تقول سيمو إن اهتمامها بالتاريخ كان نابعا من شغفها بمعرفة بلادها معرفة عميقة. فبالنسبة لها، “التاريخ لا يقوم فقط بترتيب الأحداث وسردها، بل يعتمد في تحليله فلسفة الأفكار وتطور المجتمعات وأنماط عيشها وثقافتها. وهو كتابة للماضي تأتي على شكل سرد محكم يقوم على حجة الوثيقة المكتوبة والإيكونوغرافية واللوحات الزيتية والمسكوكات والأعمال المتحفية واللقى الأركيولوجية، لتركيب صورة عنه ونقلها بكل أمانة للقارئ”.

أما عن تخصصها في التاريخ العسكري بالتحديد، تقول السيدة سيمو إن ذلك جاء انطلاقا من اهتمامها بالتحولات السياسية الهامة التي عرفها العالم عموما والمغرب بشكل خاص خلال القرن التاسع عشر، مبرزة أنه “في خضم التيه والحيرة التي تنتاب كل باحث مبتدئ حول اختيار موضوع البحث، استقر رأيي في النهاية على الاشتغال على الجيش المغربي”.

وأوضحت أن الظرفية التاريخية التي حدد فيها الموضوع وهي فترة الثمانينيات “كانت عاملا أساسيا في اتخاذ القرار، وبلورة الاختيار، وحسم مادة التردد، اعتبارا لما كانت تتناقله وسائل الإعلام الوطنية والدولية آنذاك وأنا في بلاد الغربة أتابع دراستي العليا، عن بطولات جيشنا الوطني وتضحياته في سبيل الدفاع عن الأقاليم الجنوبية للمملكة”. في إطار هذا الجو المشحون بالحماس الوطني – تضيف سيمو – قامت بالمساهمة في دراسة جوانب من المؤسسة العسكرية المغربية في القرن التاسع عشر باللغة الفرنسية لنيل الدكتوراه سنة 1987 بجامعة السوربون تحت عنوان : “الإصلاحات العسكرية بالمغرب من سنة 1844 إلى 1912”.

وإيمانا منها بالعلاقة القائمة بين التاريخ والوثيقة سواء في الماضي أو الحاضر، أبرزت الاهتمام الذي توليه مديرية الوثائق الملكية للوثيقة التاريخية على صعيد الحفظ والنشر والقراءة لأنها “هي الأثر المادي الذي يمكننا ويمكن الأجيال القادمة من معايشة التاريخ والغوص في الذاكرة والتشبع بالقيم للنهل من معين الحضارة والثقافة المغربيتين الأصيلتين”.

وسجلت في هذا السياق، أن عناية صاحب الجلالة الملك محمد السادس بالوثائق الملكية وجمع الرصيد العلوي الشريف وتوفير المتطلبات التقنية والعلمية الحديثة لحفظه وفق شروط التوثيق وإقرار قوانين الوثيقة، نابعة من حرص جلالته الشديد على الحفاظ على هذا الموروث الزاخر الذي يعد مفخرة لجميع المغاربة. كما تندرج في إطار مشروع ثقافي كبير ينسجم مع التوجهات الكبرى للمملكة.

وتبعا لذلك، تضيف سيمو، تنخرط مديرية الوثائق الملكية في هذا المشروع الكبير لتقوم بما تقوم به دور الأرشيف الحديثة وفق ديناميكية لا تعتمد في صيرورة عملها على المفهوم المنحصر في تخزين الوثائق فحسب، بل تسعى المديرية لكي ترقى إلى دار من دور الوثائق التي يقوم عملها على تجميع الوثائق وتنمية مخزونها وترتيبها وحفظها ورقمنتها والعمل على إخراجها إسهاما في إغناء البحث العلمي وتطوير الإنتاج التاريخي.

وفي هذا السياق، تعمل المديرية جاهدة على تسليط الضوء على بعض القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدبلوماسية من خلال جمع وثائقها وتقديمها للباحثين المؤرخين، إسهاما في تطوير البحث العلمي التاريخي. وأصدرت بهيجة سيمو العديد من المؤلفات عن التاريخ المغربي، من بينها “البيعة، ميثاق مستمر بين الملك والشعب”، و”الصحراء المغربية من خلال الوثائق الملكية”، و”العلاقات المغربية الفرنسية، تاريخ ممتد عبر العصور”. وأكدت بهيجة سيمو أن وصفها ب”حارسة للذاكرة الوطنية المغربية” يشعرها بالمسؤولية وبثقل الأمانة ” لأن المؤتمن عليه نفيس باعتباره مرتبطا بكينونة الدولة، ذلك أن الوثائق هي أساس من أهم أسس الذاكرة، بل يمكن القول إنها الحافظ للذاكرة. والشعوب التي لا تاريخ لها ولا ذاكرة هي شعوب بلا عمق حضاري ولا هوية ثقافية”.

واعترافا بعطائها وتقديرا لجهودها في مجال اشتغالها، تم تكريم السيدة سيمو من عدة جهات جامعية وأكاديمية وأخرى فاعلة في الحقل الاجتماعي، كما تم توشيحها بالعديد من الأوسمة الملكية وأخرى دولية، وهي المبادرات التي أكدت أنها استنهضت همتها وحفزتها على المزيد من العطاء.

كما تجلت هده الثقة في تكليف السيدة بهيجة سيمو بالإشراف على العديد من المعارض الهامة، ولاسيما كمندوبة عامة لمعرض “المغرب الوسيط، امبراطورية بين إفريقيا وإسبانيا”، في مرحلتيه الفرنسية بمتحف اللوفر بباريس، والمغربية بمتحف محمد السادس للفنون المعاصرة بالرباط سنة 2014، ومعرض “مواقع خالدة من باميان إلى تدمر” أبي رقراق في أكتوبر 2018، ومعرض “روائع الكتابة بالمغرب مخطوطات نادرة” بمعهد المغرب العربي بباريس سنة 2017.

الحدث/ و م ع

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.