ماكي سال: مهندس الإقلاع الذي أقنع السنغاليين

0

حسن أوراش: تمكن المرشح الرئاسي ماكي سال الذي برز منذ انطلاق الحملة الانتخابية لرئاسيات 24 فبرابر الجاري باعتباره المرشح الأوفر حظا، من إقناع السنغاليين للمرة الثانية بعدما أعادوا انتخابه من الدور الأول لولاية من خمس سنوات.

فقد اختار السنغاليون طريق الاستمرارية مع رئيس تحالف (بينو بوك ياكار) الذي أنهى ولايته الرئاسية الأولى من سبع سنوات على وقع جيد.

ولد ماكي سال في فاتيك، وشغل منصب عمدتها ما بين سنتي 2009 و2012، وارتقى في المناصب على نحو استثنائي مقارنة بالفاعلين من جيله، حيث راكم مسارا سياسيا غنيا باشره منذ شبابه في صفوف حزب الرئيس السابق، عبدولاي واد، الحزب الديمقراطي السنغالي، الذي ترقى معه في المراتب وشغل مناصب مهمة في الحكومة.

وتولى ماكي سال منصب الوزير الأول ما بين 2004 و2007، كما ترأس الجمعية الوطنية السنغالية (2007-2008). وتولى منصب وزير المعادن والطاقة والهيدروليك (2001-2003)، ووزير دولة وزير الداخلية والجماعات المحلية، الناطق باسم الحكومة (غشت 2003- أبريل 2004).

“عندما توليت منصب الوزير الأول (يوم 21 أبريل 2004)، كنت أبلغ من العمر 41 سنة، لم يكن لي وهج سيك (ادريسا، سلفه)، ولكن واد أعدني لهذا المنصب بعد أن جعلني من قبل ليس فقط وزيرا للداخلية، وإنما ناطقا باسم الحكومة”، يقول ماكي سال في سيرته الذاتية (السنغال في القلب).

بعد إبعاده من منصبه كرئيس للجمعية الوطنية، انسحب ماكي سال من الحزب الديمقراطي السنغالي سنة 2008، وأسس حزبه (التحالف من أجل الجمهورية) حيث استعد للعودة لتدبير الشأن السياسي من باب رئاسة الجمهورية.

خلال مشاركته الأولى في الانتخابات الرئاسية سنة 2012، تمكن ماكي سال، وهو مهندس متخصص في الجيولوجيا، من الفوز على زعيمه السابق عبدولاي واد، بعدما حل ثانيا في الدور الأول بنسبة 58ر26 من الأصوات مقابل 81ر34 في المائة لفائدة الرئيس واد. وفاز ماكي سال في الدور الثاني ب80ر65 في المائة من الأصوات مقابل 20ر34 في المائة مستفيدا من أصوات المرشحين الخاسرين في الدور الأول.

على المستوى الاقتصادي، يظل مخطط (السنغال الصاعد) الذي تم إطلاقه سنة 2014، الورش الضخم للبنيات التحتية من أجل تحفيز التنمية الاقتصادية، أهم ما ميز الولاية الأولى لماكي سال.

وفي واقع الأمر، فقد حول هذا المخطط البلد إلى ورش مفتوح ضخم ومكنها من بنيات تحتية أساسية، وواكبته العديد من المبادرات السوسيو-اقتصادية من ضمنها التغطية الصحية الشاملة، والبرنامج الاستعجالي للتنمية الجماعاتية، وتطوير القطب الحضري لديامنياديو، وبرنامج تحديث المدن.

ومن ضمن المشاريع التي ميزت الولاية الأولى لماكي سال هناك القطار السريع الإقليمي الذي يربط دكار بالمدينة الجديدة لديامنياديو، ومركز عبدو ضيوف الدولي للمؤتمرات، والبنايات الوزارية، والحظيرة الصناعية، والمطار الدولي بليز ديان دو نياس، الذي يعد جوهرة تم تشييدها جنوب دكار.

وبعد أربع سنوات من تنفيذ مخطط السنغال الصاعد، تحسنت أداءات الاقتصاد السنغالي، وانتقل معدل النمو من 6ر4 في المائة سنة 2014 إلى 8ر6 في المائة مع متم سنة 2017، فيما يتوقع أن يكون قد بلغ 7 في المائة سنة 2018. كما أن الشطر الثاني من هذا المخطط (2019-2023) الذي تم إطلاقه متم سنة 2018 من باريس عبأ التزامات بقيمة 14 مليار دولار.

وعلى المستوى السياسي والإصلاحي، فتح ماكي سال سنة 2016 ورشا لتعديل الدستور ضم 15 نقطة على رأسها تقليص فترة الولاية الرئاسية من سبع سنوات إلى خمس سنوات، وعدم جواز قضاء أكثر من ولايتين متتاليتين. وهو التعديل الذي خضع لاستفتاء يوم 20 مارس 2016. ووصف ماكي سال الإصلاح الدستوري ب “الأعمق في تاريخ البلاد”، حيث تم التصويت عليه “نعم” ب64ر62 في المائة من الأصوات، مقابل 36ر37 في المائة ل “لا”.

وفي أبريل 2018، صادقت الجمعية الوطنية على قانون آخر هو قانون الرعاية الانتخابية الذي يفرض على كل مرشح يرغب في الترشح للرئاسيات جمع ما لا يقل عن 8ر0 في المائة وما لا يزيد عن 1 في المائة من توقيعات الناخبين المسجلين في السجل الانتخابي.

وقد دافعت الأغلبية عن هذا القانون الذي ترى فيه إجراء “لإنقاذ الديمقراطية ووسيلة فعالة لإبعاد الترشيحات “غير الجدية”، فيما اعتبرته المعارضة وجزء من المجتمع المدني مناورة لادستورية لقطع الطريق أمام مرشحين محتملين.

وحسب ماكي سال، فإن اعتماد إجراء الرعاية الانتخابية في الرئاسيات “يهدف إلى الحيلولة دون احتمال تعطيل المنظومة الانتخابية”. وأشار إلى الصعوبات التي تم تسجيلها خلال تشريعيات 30 يوليوز 2017 التي شاركت فيها 47 لائحة وتحالفا حزبيا، وهو ما طرح مشاكل في تنظيم وإجراء هذه المحطة الانتخابية في الظروف المأمولة.

وبعد اعتماده في رئاسيات فبراير الجاري، يبدو أن قانون الرعاية الانتخابية كان قرارا صائبا من جانب الرئيس ماكي سال. فمن ضمن 30 مرشحا في البدء، تمكن خمسة مرشحين فقط من تجاوز عتبة الرعاية الانتخابية، ما انعكس إيجابا على جودة النقاشات وتنظيم الاقتراع الانتخابي.

هكذا إذن، يبدو أن السنغاليين الذين أعادوا انتخاب ماكي سال لولاية جديدة من خمس سنوات، قد صادقوا على الأوراش التي أطلقها الرجل واختاروا الاستمرارية مع مهندس إقلاع عرف كيف يدافع عن حصيلته ويقنع السنغاليين برؤيته لسنغال مزدهر وصاعد.

الحدث/ و م ع

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.