التغذية الذكية: نمط غذائي مرن يعد بتحقيق حلم الرشاقة والوقاية من أمراض مزمنة مجتمع وجهات

0

رافق الاهتمام المتزايد بالحصول على جسم متناسق والتمتع بوزن مثالي، ظهور العديد من أنواع الحميات الغذائية، التي اكتسب بعضها شهرة عالمية، كحمية دوكان وحمية شوربة الملفوف، غير أن أكثرية هذه الأنظمة الغذائية أثبتت عدم جدواها في خفض الوزن بشكل صحي، حيث تؤدي إلى إعادة اكتساب الوزن وحرمان الجسم من العناصر الغذائية الضرورية، مما قد يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة في بعض الأحيان.

وخلال السنوات الأخيرة، تحول الاهتمام بالرشاقة والوصول إلى القوام المثالي إلى هاجس يؤرق العديد من الناس. كما أصبح اللجوء إلى الطرق الجراحية لإنقاص الكيلوغرامات الزائدة الخيار الأمثل للأشخاص الذين لا تستهويهم الرياضة ولا يحبذون اتباع حميات غذائية تحرمهم من متعة تناول مأكولاتهم المفضلة.

وفي خضم هذا التنوع الكبير في الأنظمة والحلول الجراحية لتحقيق الرشاقة المنشودة، برز في الآونة الأخيرة توجه جديد يدعو إلى القطع مع “الريجيمات القاسية” التي تعتمد على تناول أقل قدر ممكن من السعرات الحرارية، واعتماد أنظمة لا ترتكز على الحرمان والتجويع، بل تنبني على مجموعة من القواعد الغذائية التي تسهم في التخلص من الوزن الزائد.

ومن بين الأنظمة الغذائية التي تلقى إقبالا متزايدا بالمغرب، ما يسمى ب”التغذية الذكية” التي وضعت أسسها الدكتورة غيثة عراقي، وهي نظام غذائي مرن يساعد أصحاب الأوزان الزائدة على تحقيق حلم الرشاقة دون حرمان. كما يتوخى تلقين أصحاب الأوزان العادية القواعد السليمة للتغذية التي تقيهم من الإصابة بالعديد من الأمراض المزمنة والخطيرة، وخاصة مرضي السكري والسرطان. وترتكز “التغذية الذكية” بالأساس، حسب الدكتورة عراقي، على تجنب المواد الغذائية التي يكون فيها مؤشر السكر مرتفعا (l’index glycémique)، أي المواد التي تؤدي إلى رفع نسبة السكر في الدم بشكل سريع، فكلما كان مؤشر السكر في مادة غذائية مرتفعا، كلما تسببت في السمنة. كما ينبني هذا النظام على جودة الأغذية أكثر من الكمية، وتوقيت تناولها الذي يجب أن يكون في أوقات محددة تحترم هرمونات الجسم، وخاصة هرمون الكورتيزول.

وأوضحت في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الأشخاص الذين يتبعون نظام “التغذية الذكية” لا يجدون أية صعوبة، لأن كل شخص بإمكانه تطبيق هذا النظام حسب وتيرة حياته ودون أي حرمان، فقط من خلال تطبيق 70 بالمائة على الأقل من قواعده، من قبيل كسر الأغذية ذات مؤشر سكر عالي بأخرى ذات مؤشر منخفض، مثل أكل التمر مع الجوز أو الحليب، وتناول الكسكس مع اللبن، بالإضافة إلى التوقف عن الأكل قبل الثامنة مساء (12 ساعة كمدة فاصلة بين وجبتي العشاء والإفطار)، وزيادة النشاط البدني، وشرب الماء حسب وزن كل شخص (30 ملل لكل كيلوغرام).

وأبرزت أن “التغذية الذكية” هي منهجية متكاملة طورتها بعد القيام بالعديد من الأبحاث على مدى سنوات، يؤدي تطبيقها إلى إنقاص الوزن بالأساس، ولكن أيضا ضبط مستوى السكر في الدم (خاصة لدى المصابين بداء السكري)، وخفض مستوى الدهون في الجسم وتقليل الالتهابات في الدم بهدف الوقاية من العديد من الأمراض المزمنة والخطيرة الناجمة بالأساس عن الارتفاع الفجائي المتكرر لمعدل السكر في الدم، وخاصة السكري والسرطان .

وشددت المتخصصة في التغذية الطبية على أن نتائج الحميات القاسية قد تظهر على المدى القصير، وجميع الناس الذين اتبعوا نظاما يتسم بالحرمان يعاودون، مهما كانت إرادتهم قوية، اكتساب الوزن المفقود خلال السنوات الأربع الموالية، بل وحتى خلال الأشهر الأولى التي تلي وقف الحمية ، “فنحن مبرمجون وراثيا على مكافحة الجوع، وعندما يستشعر الجسم أي نوع من النقص في المواد الغذائية أو السعرات الحرارية، يتخذ موقعا دفاعيا. وبعيد التوقف عن الحمية، يقوم باستعادة الوزن المفقود وتخزينه، أو ما يسمى بمرحلة +تأثير اليويو+”. وأضافت أنه “بالفعل تتيح الحميات القاسية فقدانا سريعا للوزن، لكنه يكون بشكل خاص فقدانا للعضلات وليس الشحوم، وهو ما يؤدي لاحقا إلى الإصابة بحالة من التعب، وتساقط الشعر، وضعف المناعة، وبطبيعة الحال استعادة الوزن المفقود في وقت لاحق”، موصية بشدة بتجنب هذه الريجيمات، وبالمقابل اتباع نظام أكثر مرونة يحترم احتياجات الجسم.

وعن أهمية التغذية في مجال الطب، أكدت الدكتورة غيثة عراقي أن الفترة التي قضتها في إطار مسارها المهني في قسم أمراض الروماتيزم، حيث تنتشر أمراض المناعة الذاتية بشكل كبير، جعلتها تدرك الأهمية القصوى للتغذية في الوقاية وعلاج العديد من المشكلات الصحية، لذلك اتجهت لدراسة التغذية الطبية التي أصبحت فيما بعد تخصصها بشكل كامل. ولتسهيل عملية تطبيق هذا النظام الغذائي، خاصة من قبل الأشخاص الذين لا يستطيعون القيام باستشارة طبية، أصدرت الدكتورة غيثة عراقي مؤلفا حول “التغذية الذكية” يضم جميع أسس منهجيتها، مع نماذج لقوائم أكل، ووصفات، ولوائح التسوق.

ولأن شغفها بالتغذية قادها أيضا إلى دراسة علم النفس الإيجابي وأسسه، لما لنفسية الإنسان وعواطفه من تأثير على الطريقة التي يأكل بها، أوضحت الدكتورة أن “الشخص الذي يأكل بأسلوب غير سليم ويفتقر إلى العناصر الغذائية اللازمة، غالبا ما يتوجه نحو الثلاجة بمجرد أن تصبح نفسيته سيئة، وشيئا فشيئا يصبح الأمر عادة +أنا لست على ما يرام، سأذهب لتناول الطعام+. وهذا ما يسمى “سلوكا تعويضيا”.

وإلى جانب مسارها المهني، تبدو الدكتورة غيثة عراقي نشيطة على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تسير مجموعة نسائية نشيطة على موقع (فيسبوك)، تهدف لدعم ومواكبة الأشخاص الراغبين في خسارة أوزانهم أو الساعين لاتباع نمط عيش صحي. كما تقدم نصائح لمتابعيها عبر موقع (انستغرام)، بل وتحرص على القيام باستشارات طبية عبر الانترنت لفائدة أشخاص مقيمين في مختلف أنحاء العالم.

الحدث/ و م ع

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.