المعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء يحتفي بوديع سعادة..شاعر الأركانة العالمية لسنة 2018

0

في لحظات احتفالية، التقى زوار المعرض الدولي للنشر والكتاب في دورته ال 25 الشاعر اللبناني وديع سعادة، الفائز بجائزة الأركانة العالمية لسنة 2018، التي يمنحها بيت الشعر في المغرب، بشراكة مع مؤسسة الرعاية لصندوق الإيداع والتدبير وبتعاون مع وزارة الثقافة والاتصال.

في هذه الأمسية، كان لعشاق الشعر موعد مع صوت شعري مختلف، جعل من الغياب والارتحال عبر وديان الهجرة، أهزوجة إنسانية، تنعي الجمال في زمن صار يمجد الرداءة، من خلال رباعية شعرية أنشد فيها “أمي” و”الجمال العابر” و”الهجرة” و”استعادة شخص غائب”.

وديع يرى أن العابرين هم أكثر الناس جمالا، فـ ” العابرون سريعا جميلون// لا يتركون ثقل ظل// ربما غبارا قليلا// سرعان ما يختفى”، بل إن الأكثر جمالا، في قصيدته التي عنونها ب”الجمال العابر”، هو “المتخلي عن حضوره// التارك فسحة نظيفة بشغور مقعده//جمالا فى الهواء بغياب صوته// صفاء فى التراب بمساحته غير المزروعة// الأكثر جمالا بيننا : الغائب// العابر سريعا كملاك مهاجر”.

العبور والهجرة، تيمتان هيمنتا على شعر سعادة، وهو الشاعر المهاجر من وطنه لبنان إلى أستراليا حيث اختار أن يقيم مع أسرته، فالهجرة مؤلمة وموجعة، بالنسبة إليه، مرآة تعري الإنسان، وتبقيه مجردا إلا من ذكريات وصور، فالمهاجرون “حين ذهبوا لم يقفلوا أبوابهم بالمفاتيح// تركوا أيضا ماء في الجرن، للبلبل والكلب الغريب الذي تعود أن يزورهم// وبقي على طاولاتهم خبز، وإبريق، وعلبة سردين”.

المهاجر، قبل أن ينطلق في رحلته نحو المجهول، لا يتكلم، ولا يفصح عن عمق الجرح الكامن فيه، فالمر أن تهاجر، والأمر منه أن لاخيار إلا أن تهاجر، لذا المهاجرون “لم يقولوا شيئا قبل أن يذهبوا// لكن صمتهم كان كعقد زواج مقدس// مع الباب، مع الكرسي، مع البلبل والإبريق والخبز المتروك على الطاولة (…)ويذكر البحر// أن قافلة من السردين كانت تتخبط فيه وتمضي// إلى جهة مجهولة”.

في حضرة العبور والهجرة، يكون للغياب سطوته، فبين الهجرة والعبور والغياب، مسافات يتقن وديع سعادة رتقها، ففي قصيدته “أمي”، كان الشاعر بليغا في توصيفه للحظة صمت أبدي من شخص اعتاد أن يسقي من حوله حياة .

في قصيدة “أمي”، جمع بين الموت (موت الأم)، وبين الحياة في صورتها المتجددة (نقطة الماء التي كانت تسقي به الحبقة)، فقد “وضعت آخر نقطة ماء في دلوها على// الحبقة// ونامت قربها// عبر القمر وجاءت الشمس// وظلت نائمة”.

بعدها لم يسمع جيرانها صوتها مرة أخرى، “لم يسمعوا صوتها// وحين جاؤوا// كانت نقطة ماء لا تزال// ترشح من يدها وتزحف// إلى الحبقة”.

فشاعر الأركانة، للعام 2008، بالنسبة للجنة تحكيم الجائزة “يقطر نصوصه بلغة شديدة الصفاء، محاولا إعادة تركيب الحياة، ممجدا الغياب والعابرين، في قلق وجودي عميق، آسر، يضيئ العدم ويعانقه، ويؤنسن الطبيعة والأشياء”.

فيما أكد الشاعر نجيب خداري، في تقديمه لوديع سعادة، أن هذا الأخير “كان رائدا رغم أنفه لمسار جديد في قصيدة النثر العربية، غير أنه لا يشبه سوى قصيدته، يحصي شظايا ذاته فيها، يدمن المنفى ليصير الكون كله منفى”، مشيرا إلى أنه وهو يلقي الشعر في الحفل الذي تسلم فيه الجائزة في دورتها ال13، برحاب المكتبة الوطنية للمملكة المغربية بالرباط، “لم يكن يقرأ القصيدة، بل كان هو القصيدة”.

وولد الشاعر وديع سعادة، يوم 6 يوليوز1948 في رية شبطين، شمال لبنان، عمل في الصحافة العربية في بيروت ولندن وباريس و أثينا ونيقوسيا، قبل أن يهاجر مع أسرته إلى استراليا أواخر 1988. ومازال يمارس الصحافة في سيدني، ويكتب في عدد من الصحف والمجلات العربية.

صدرت له المجاميع الشعرية “ليس للمساء أخوة – 1981 “، و”المياه المياه – 1983 “، و”رجل في هواء مستعمل يقعد ويفكر في الحيوانات – 1985″، و”مقعد راكب غادر الباص – 1987″، و”بسبب غيمة على الأرجح – 1992”.

ومع

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.