السنغال: حملة لـ”كسر الطابوهات” في مجال الصحة الإنجابية في أوساط المراهقين

0

دكار ـ عبد اللطيف أبي القاسم  : على ملصق من الحجم الكبير يزين واجهات عدد من حافلات النقل الحضري التي تجوب العاصمة السنغالية دكار هذه الأيام، كتبت عبارتان بالبنط العريض قصيرتان في مبناهما بليغتان في معناهما تقولان “الصحة الإنجابية.. لنتحدث مع شبابنا عنها” و”معا.. لنكسر الطابوهات”.

الملصق الذي يعرض أيضا لصورة أب وأم في وضعية حوار مع ابنتهما الشابة، يشدد على ضرورة فتح الآباء للنقاش مع أبنائهم في مواضيع الصحة الجنسية والإنجابية، ويشكل نشره واحدا من الإجراءات التحسيسية لحملة تواصلية واسعة النطاق للتوعية بهذه المواضيع في صفوف المراهقين والشباب.

هذه الحملة التواصلية التي يشرف على تنظيمها تجمع جمعيات يحمل اسم (أصوات من أجل الصحة)، بشراكة مع وزارة الصحة والعمل الاجتماعي السنغالية، تهدف، حسب القائمين عليها، إلى بلوغ رأي عام يحفز على ولوج الشباب والمراهقين إلى المعطيات والرسائل الخاصة بالصحة الإنجابية والجنسية، ولفت انتباه صناع القرار إلى مزيد من الاهتمام بالتكفل بهذه القضية بالغة الحساسية.

وفي واقع الأمر، فإن حساسية هذه القضية تجد مبررها في الإحصائيات المتعلقة بعدد حالات الحمل خارج نطاق الزواج في صفوف الفتيات والمراهقات بهذا البلد.

فحسب دراسة أجرتها “مجموعة الدراسة وتوعية الساكنة” بتنسيق مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، ونشرت نتائجها عدد من وسائل الإعلام المحلية، فقد تم تسجيل 1971 حالة حمل في الوسط المدرسي بالسنغال خلال الفترة ما بين 2010 و2014.

كما كشفت الدراسة أن حالات الحمل هذه تهم الفتيات اللائي تتراوح أعمارهن بين 13 و19 سنة، وأن 95ر70 في المائة من الذكور المتسببين فيها هم من التلاميذ والطلبة والشباب في القرى.

ويتسم الهرم السكاني للسنغال باتساع قاعدة الفئات العمرية الشابة، حيث تشير آخر الإحصائيات إلى أن 55 في المائة من ساكنة البلد تقل أعمارهم عن عشرين سنة.

وحسب ماري كورييا، رئيسة (الجمعية من أجل الرفاه الأسري)، عضو التجمع المنظم للحملة، فإن “نقص أو غياب المعلومات ذات المصداقية حول الصحة الجنسية والإنجابية، وممارسة العلاقات الجنسية في سن مبكر، كلها أمور تطرح مشكلا حقيقيا” في ما يتعلق بصحة المراهقين، وهو ما يبرر “هذه الحملة التي تستهدف هذه الفئة عبر كل القنوات التواصلية”.

وفي هذا الصدد، يؤكد القائمون على الحملة تجد جدواها في كون “المراهقين الذين صرحوا بأنهم أجروا محادثات مع آبائهم حول القضايا الجنسية ينتظرون لوقت أكبر قبل ممارسة علاقات جنسية”.

ولأن الحملة تواصلية بالأساس، فقد خصص تجمع (أصوات من أجل الصحة) حيزا مهما من خطة عمله للحضور على وسائل الإعلام التقليدية، كالصحف والبرامج الإذاعية والتلفزية، وكذا لوسائل التواصل الاجتماعي من قبيل (فيسبوك) و(تويتر) و(انستغرام)، إضافة إلى قناة خاصة على موقع (يوتيوب).

وتتعدد الرسائل التي يسعى القائمون على هذه الحملة إلى تبليغها، تماما مثلما تتعدد الجهات المستهدفة من هذه الرسائل. وفي الواقع الأمر فإن الحملة تسعى لإيصال صوتها لكل من صناع القرار والآباء ورجال الإعلام، علاوة على الفئة الرئيسية وفي هي فئة الشباب والمراهقين.

فإضافة إلى الرسالتين الواردتين في الملصق الرئيسي للحملة، تم نشر العديد من الرسائل سواء في العالم الافتراضي، أو في الأنشطة الميدانية. ومن ضمن هذه الرسائل التي تم طبع بعضها على “تي-شورت” يرتديه المشاركون في الحملة هناك عبارات من قبيل “لننقذ التلميذات من خطر الحمل المبكر”، و”سوية.. من أجل حماية أطفالنا”، و”الحوار مع ابنتي المراهقة حول المواضيع الجنسية، واجب علي باعتباري والدتها”.

وفي إحدى الرسائل التي نشرها على صفحته على موقع (فيسبوك)، يتوجه تجمع (أصوات من أجل الصحة) إلى الحكومة بالقول “إن الصحة الإنجابية للمراهقين والشباب أمر أساسي بالنظر إلى أن الشباب يمثلون غالبية ساكنة السنغال”.

وتضيف الرسالة أن “الاستثمار في الصحة الإنجابية في أوساط هذه الشريحة وسيلة آمنة بالنسبة للسنغال لتحقيق مكاسب اقتصادية وتنمية اقتصادية معززة”.

وفي تأكيده على وعي الحكومة السنغالية بهذا المعطى، قال مدير ديوان وزير الصحة والعمل الاجتماعي، ألويسي والي ضيوف، خلال حفل إطلاق الحملة، إن “انخراط السلطات العليا في السنغال من أجل النهوض بالصحة الإنجابية في صفوف المراهقين والشباب هو خيار ثابت ولا رجعة فيه بالنسبة للحكومة”.

والي ضيوف، الذي نقلت وسائل الإعلام المحلية تصريحاته، أكد أن “تحديين كبيرين يتعين رفعهما في هذا الصدد، وهما الولوج إلى خدمات صحية ملائمة، والولوج إلى معلومة ذات جودة”، مشددا على أنه “سوية، سنرفع التحديات من أجل تمكين السنغال من شباب متمتع بصحة جيدة ومسؤول ومواطن”.

وفي واقع الأمر، فإن الولوج إلى معلومة ذات جودة الذي طرحه مسؤول وزارة الصحة هو ما جعل مسألة انخراط رجال الإعلام في بث رسائل الحملة والترويج لها مسألة لا غنى عنها.

هذا الانخراط يتجسد على الخصوص في كون جمعية الصحفيين السنغاليين في مجال الصحة والساكنة والتنمية هي إحدى أعضاء التجمع القائم على الحملة. وتتجلى مساهمتها فيها في تنفيذ مشروع مخصص للنهوض برأي عام يحفز على ولوج فئة المراهقين والشباب والفئات الهشة لخدمات الصحة الجنسية والإنجابية عبر حملة إعلامية.

وفي هذا الصدد، نظم القائمون على الحملة لقاءات تحسيسية لفائدة الصحفيين بأهمية الانخراط فيها، وذلك بهدف تعزيز معارفهم بالقضايا المتعلقة بالصحة الإنجابية بما يمكن من تقليص معدل وفيات الأم والطفل وتحسين جودة عيش النساء.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.