توسعة ميناء الصويرة: مشروع هيكلي يتماشى مع المعمار التاريخي للمدينة

0

سمير لطفي: تعيش مدينة الصويرة منذ سنوات على إيقاع عدة مشاريع مهيكلة، في مقدمتها إعادة تأهيل ميناء المدينة، الذي يعد مشروعا يروم في الآن ذاته ارجاع هذا الموقع إلى سابق عهده باعتباره فضاء تجاريا مهما يساهم في دينامية الاقتصاد المحلي، مع الحفاظ على الطابع المعماري والحضاري والتاريخي لمدينة موغادور.

وتكتسي عملية إعادة تأهيل هذا الموقع، ذو الحمولة التاريخية، أهمية استراتيجية بالنظر الى تاريخ هذه المدينة الذي ارتبط دوما بمينائها الذي يطلق عليه اسم ” ميناء موغادور”، والذي صمم وفق هندسة متفردة، ليصبح رمزا للتاريخ التجاري والديبلوماسي للمغرب الأطلسي، خاصة خلال القرن السابع عشر.

ومن خلا هذا الميناء البارز من مدخل المدينة بفضل “سقالته” وأبراجه الرمزية وملحقات أخرى، سعى مؤسس موغادور السلطان سيدي محمد بن عبد الله منذ سنة 1764، إلى جعل هذه المدينة موطنا للسلام وفضاء للانفتاح والتلاقح الثقافي وملتقى للأديان، وأيضا فضاء للتجارة والأعمال.

وفي هذا الصدد، قام السلطان سيدي محمد بن عبد الله سنة 1765 بتهيئة المنطقة الصخرية لموغادور لتصبح قاعدة بحرية، حيث صممت لتكون نقطة وصول القوافل الصحراوية ومكانا لتجمع التجار الأوربيين.

وبفضل اشعاعها عبر التاريخ، صارت مدينة الرياح، خلال هذه الحقبة، تتوفر على الميناء المغربي الوحيد المنفتح على التجارة الخارجية، حيث شكل بوابة من خلالها تم استيراد الشاي الصيني في القرن ال 18 للمغرب.

وفي سنة 1915، تمت تهيئة ميناء موغادور ليصبح ميناء ترسو فيه قوارب الصيد، وتوسعته في الفترة مابين 1924 و1967، لتصبح هذه البنية التحتية المينائية في سنة 1982 مرتبطة بأنشطة الصيد البحري.

وهذا السياق، أكد مدير هذا الميناء أشباد مسعود، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه بالنظر إلى التحولات الملموسة ولإضفاء دينامية على هذا الميناء، كان من الضروري بالنسبة للوكالة الوطنية للموانئ، إعطاء انطلاقة دراسة لبحث سبل تحديث البنية التحتية سنة 2014، قبل البدء في توسعة ميناء الصويرة.

وشدد على أهمية ليس فقط تحديث وتعزيز هذه البنية التحتية، ولكن أيضا، المحافظة على هذا التراث الذي يعكس هوية مدينة الرياح، مشيرا إلى أنه خلال المرحلة الأولى، أتاح تشخيص وتحليل محيط الميناء من تحديد أهم الاكراهات من ضمنها العمق غير الكافي للحوض، وتقادم تجهيزات الدعامة، وتدهور بنية ” السقالة”.

كما يتعلق الأمر بأنشطة مختلفة غير منتظمة داخل الميناء، من بينها الصيد التقليدي، والصيد الساحلي وبناء واصلاح المراكب، وتواجد قاعة للأسماك خارج الميناء، الشيء الذي له أثر سلبي على الجودة وآلية التحكم في الصيد.

وبعد هذا التشخيص، ومن أجل ضمان السير الحسن لهذا الميناء، قامت الوكالة الوطنية للموانئ بوضع خطة للتشاور والتواصل حول المشروع مع مختلف المتدخلين ومستعملي الميناء، وذلك من أجل انخراط كافة الأطراف المعنية لانجاح المشروع.

وفي هذا الصدد، أشرفت لجنة إقليمية، متكونة من مختلف الفاعلين بالميناء، ببلورة خطة ركزت على الخصوص، على الطريقة التي ستتبع من أجل انجاز عملية التهيئة.

وأبرز السيد أشباد ، أن المرحلة الأولى لهذا المشروع انطلقت بشكل رسمي في فبراير 2015 وانتهت سنة 2017، وهمت توسعة البنية التحتية لميناء الصويرة، وتهيئة الأرصفة الجديدة، ومنحدر الدعامة، ووضع أرصفة عائمة، وحماية السقالة، وذلك بغلاف مالي اجمالي بلغ حوالي 127 مليون درهم.

أما المرحلة الثانية التي توجد قيد الانجاز، فتهم أشغال التوسعة للحوض على مساحة تصل إلى حوالي 2600 متر مربع، ومد الأرصفة المخصصة للصيد الساحلي، حيث رصد لهذه المرحلة غلاف مالي قدر ب 38 مليون درهم.

وأضاف أن هذه المرحلة تشمل أيضا، أشغال صيانة الأراضي بالمنطقة الجديدة لورش اصلاح المراكب، والتي تهم شبكة التطهير والتبليط، والكهربة والإنارة العمومية، وامدادات المياه الصالحة للشرب، ووضع سياج واحداث مباني إدارية، بغلاف مالي وصل إلى حوالي 13 مليون درهم.

وأضاف أن هذه المرحلة ستتوج لاحقا بتجهيز ورش اصلاح المراكب برافعة تستجيب للمعايير الدولية، والتي ستمكن من انجاز عمليات تجفيف القوارب وتعويمها ( حوالي 14 مليون درهم).

ويروم هذا المشروع، كذلك، الرفع من الطاقة الاستيعابية لرسو القوارب بالميناء على الرصيف، وتوفير ظروف السلامة الضرورية لمستعملي الميناء ( حماية السقالة، أرصفة للقوارب، رافعة لاصلاح القوارب…).

وباعتباره موقعا سياحيا بامتياز بمدينة الرياح يعد الأكثر زيارة كل يوم، يتواجد ميناء الصويرة في موقع جغرافي استراتيجي يتسم بقربه من المدينة القديمة، وبإمكانه مستقبلا، احتضان أنشطة متعلقة بالماء والترفيه، في إطار توجه يروم تعزيز جاذبية هذه المدينة الأطلسية ذات البعد السياحي.

كما سيمكن مشروع توسعة ميناء الصويرة، من جعل هذه المدينة تستجيب لبعدها السياحي، وتعزيز مكانة الأنشطة المتعلقة بالصيد البحري، التي تعتبر مصدر عيش الآلاف من الأسر بمدينة الصويرة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.