الجمعية العامة للأمم المتحدة: بوريطة يؤكد التزام المغرب بمواصلة مجهوداته السلمية والتضامنية مع أشقائه من أعضاء حركة دول عدم الانحياز

0

أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، في كلمة خلال الاجتماع الوزاري لحركة عدم الانحياز الذي انعقد الأربعاء بنيويورك على هامش الدورة الـ73 للجمعية العامة للأمم المتحدة، التزام المغرب بمواصلة مجهوداته السلمية والتضامنية مع أشقائه من أعضاء حركة دول عدم الانحياز.

وشدد بوريطة، في كلمته خلال هذا الاجتماع الذي تمحور حول موضوع “التمسك بميثاق الأمم المتحدة ومبادئ حركة عدم الانحياز: الطريق نحو ثقافة السلم”، على أن المملكة المغربية، ومن موقع المتشبث بميثاق الأمم المتحدة والمدافع عن مبادئ الحركة، ستظل وفية لالتزاماتها في مواصلة مجهوداتها السلمية والتضامنية مع أشقائها من أعضاء الحركة، كما ستظل مقتنعة بأن تحقيق الأهداف والطموحات المشتركة للحركة، رهين بتعزيز دور هذه الأخيرة، من خلال إسهام أعضائها الفاعل في رفع التحديات التي تواجه المسعى إلى عالم يكون أكثر سلما وتوازنا، وإنصافا وإنسانية، بما يكفل ويضمن لشعوب أعضاء الحركة حياة كريمة أكثر سلما وعدلا ومبعثا للأمل في مستقبل أفضل للأجيال الصاعدة.

وقال الوزير إن المملكة المغربية، والتزاما منها بمبادئ وأهداف الحركة، لم تذخر أي جهد، في إطار من التضامن، من أجل إشعاع ثقافة السلم واستتباب الأمن الدوليين، وذلك من خلال أدوارها ومواقفها السياسة الداعمة لإيجاد حلول للنزاعات الدولية ومحاولة التوفيق بين أطرافها، عبر التوصل الى تسوية عادلة وسلم شامل من خلال التقيد بقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.

وأبرز أن الانخراط المستمر للمغرب في عمليات حفظ السلام، والمكانة الهامة التي يوليها لها ضمن سياسته الخارجية والدولية، يعد أحد أوجه مساهمته في المجهودات الدولية للحفاظ على السلام وتشجيع الاستقرار، بناء على أهداف وتوجهات الأمم المتحدة ذات الصلة، ووفقا للمبادئ المسطرة في ديباجة دستور المملكة، وخاصة منها تلك التي تدعو الى احترام الوحدة الترابية للدول، علما بأن المغرب حريص على ان تكون مشاركته في عمليات حفظ السلام مشاركة ذات منحى وبعد إنساني.

وفي هذا الاطار، يقول بوريطة، يتشرف المغرب بمهمة تنسيق مجموعة عمل حركة عدم الانحياز المتعلقة بحفظ السلام ويثمن بهذه المناسبة انخراط ودعم كل الدول الأعضاء في عمل هذه المجموعة التي أصبحت تشكل اليوم مرجعية لا محيد عنها في كل النقاشات والمفاوضات المرتبطة بحفظ السلام.

وأكد أن المغرب، وبحكم انتمائه المسؤول الى مؤسسته القارية الإفريقية، وضع تعزيز السلم في القارة الافريقية في صلب سياسته الخارجية، وذلك تجسيدا لالتزاماته مع أشقائه الأفارقة، وفق قرارات الأمم المتحدة ومبادئ وأهداف الحركة، من خلال الإعانة على إيجاد حلول شاملة وواقعية لقضايا السلم والأمن للقارة الإفريقية.

وأشار، في هذا الصدد، إلى أن انتخاب المغرب لعضوية مجلس الامن السلم للاتحاد الإفريقي ما هو إل ا عربون على مدى الثقة التي وضعها فيه أشقاؤه على ما اكتسبه من خبرات تحظى بالاعتراف والتقدير على الصعيدين الإفريقي والدولي.

أما على مستوى الالتزامات العربية والإسلامية للمملكة، يضيف الوزير، فإن الدفاع عن القضية الفلسطينية يأتي على رأس الجهود التي ما فتئ يبذلها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بصفته رئيسا للجنة القدس، من أجل المحافظة على الوضع القانوني لمدينة القدس الشريف، وصيانة رموزها الدينية المقدسة، والدفاع عن هويتها الروحية والحضارية، كفضاء للتسامح والتعايش بين الديانات السماوية، وفاءا من جلالته ومواصلة لمجهودات المملكة من أجل نصرة القضية الفلسطينية العادلة، و حرصا من جلالته على “استتباب سلام عادل وشامل في المنطقة، وفقا لمبادئ الشرعية وللقرارات الدولية ذات الصلة”، وهو ما “يقتضي تفادي كل ما من شأنه تأجيج مشاعر الغبن والإحباط التي تغذي التطرف والإرهاب، والمساس بالاستقرار الهش في المنطقة، وإضعاف الأمل في مفاوضات م جدية لتحقيق رؤية المجتمع الدولي حول حل الدولتين”.

من جهة أخرى، اعتبر بوريطة أن الاختيار الوجيه لموضوع هذا الاجتماع يؤكد من جديد على مدى مركزية الحفاظ على السلم والأمن الدوليين ضمن اهتمامات حركة دول عدم الانحياز، مشددا على أن مصدر مركزية هذا الاهتمام لدى الحركة يعود بالأساس الى دورها المتنامي عبر مسارها التاريخي في هذا المجال، وإلى مراهنة أعضاءها على إشاعة ثقافة السلم، وذلك من خلال دعم دور الأمم المتحدة والحرص على احترام ميثاقها، انطلاقا من تشبتهم بمبادئ الاستقلال الوطني، واحترام السيادة والوحدة الترابية، والسلامة الإقليمية للدول، ومناهضة التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ورفض استعمال القوة أو التهديد باستخدامها في العلاقات الدولية.

وقال إن اهتمام الحركة بمسألة التمسك بميثاق الأمم المتحدة يعود أيضا الى راهنية هذا الموضوع، وإلى تماهيه مع فلسفة مبادئ باندونغ التاريخية المؤسسة لمقومات السياسة الخارجية لأعضائها، مبرزا أن هذه المبادئ كانت ولاتزال تشكل ركائز معالجة الحركة، بتضامن، للتهديدات المعيقة لاستتباب السلم والأمن الدوليين، والمتمثلة في القضايا السياسية الدولية وفي الأزمات الاقتصادية العالمية، بالإضافة الى انتشار أسلحة الدمار الشامل.

وما يزيد من راهنية هذا الموضوع ومدى أهميته، حسب الوزير، هو أن النظام المتعدد الأطراف الذي أرست أسسه منظمة الأمم المتحدة منذ نشأتها سنة 1945، لحل الأزمات الدولية، أصبح بدوره، مع الأسف الشديد، يعاني من اهتزازات تمس جوهر هذا النظام الجماعي وتتعارض مع روحه ومقاصده، مما يهدد بنسف أسسه وهدم كل البنيات التي وضعت من أجل تفعيله.

وسجل أن هذه الاهتزازات التي يعرفها التوجه العالمي الحالي حول النظام المتعدد الأطراف أظهرت مدى صواب اختيارات الحركة فيما يتعلق بالانتصار لثقافة السلم والحوار والمفاوضات لتحقيق ما تصبو اليه شعوبها وشعوب العالم من آمال في مستقبل أفضل في إطار من التعايش السلمي واستتباب للأمن الدوليين، متسائلا: “هل يمكننا اليوم القول باننا قد توصلنا ضمن محاولة حركتنا التكيف مع القضايا الأمنية والسلمية السياسية الدولية الراهنة، والتحديات الشمولية المرافقة لها، الى تحقيق ما نصبو اليه كأعضاء لجعل دول عدم الانحياز قوة دولية كفيلة بالإسهام الفعال في اشعاع ثقافة السلم، خدمة لشعوبنا وللبشرية جمعاء؟”.

وأوضح بوريطة أن الجواب عن هذه التساؤلات “يكمن في تداولنا اليوم لهذا الموضوع، كما انه يكمن في ثنايا وثائقنا الختامية التي تبرز حجم جهودنا المبذولة، وتعكس أكثر ما تعكس مدى تمسكنا متضامنين بميثاق الأمم المتحدة ومبادئ حركتنا وإيماننا بدورهما الفعال من اجل السير على الطريق الصحيح نحو توافق سلمي حول القضايا الدولية الشائكة التي نعاجها خلال اجتماعاتنا”.

وأشار، مع ذلك، إلى أن الحركة، ورغم ما حققته في هذا المجال من اجتهادات، فإنها مدعوة الى “بذل المزيد من المجهودات، وإبداء المزيد من المقترحات لسد الثغرات في نظامنا المتعدد الأطراف، تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة، التي ستظل في وجهة نظر المملكة المغربية الأداة التي لا محيد عنها لتطويق قضايانا الأمنية، ومواجهة تحدياتنا المعاصرة، فضلا على انها الأمل الواعد ونقطة الضوء الوحيدة التي تتطلع من خلالهما دول وشعوب المنتظم الدولي إلى مستقبل مشترك أفضل”.

وخلص الوزير إلى أن حركة دول عدم الانحياز مدعوة أيضا إلى التكيف مع مختلف أشكال التطورات السياسية الدولية السريعة، ومواكبة آليات فض النزاعات وتقنيات الوساطة ودعم مساعي عمليات السلام، ومناهج ووسائل توفير شروط نجاحها، مشددا على أن تكثيف التنسيق في هذا المجال فيما بين أعضاء الحركة، عبر تبادل الممارسات الفضلى، سيظل هو السبيل الناجع لتقوية مجهوداتنا نحو رفع هذا التحدي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.