الفيلم الذي أخرجه مو هاراوي من ثمار “ورشات الأطلس”، برنامج الصناعة السينمائية وتطوير المواهب التابع للمهرجان، حيث حصل على جائزة ما بعد الإنتاج في الدورة الماضية. وهو نشيد حب وحلم ومقاومة في قلب البؤس وضيق الأفق داخل قرية صومالية تتكالب عليها مظاهر الفقر ودواعي اليأس.
الفضاء يحكي القصة قبل الحوار. مجال صحراوي مقفر، بحر أفرغته سفن الصيد الأجنبية، مدرسة وحيدة يغلقها توقف التمويل. يرافق ذلك شريط صوتي يلتقط هبوب الريح الذي يلفح الوجوه وضجيج الطائرات المسيرة التي تصطاد أهدافها من بعيد، ومجموعة أغان محلية تؤثث الأيام الحزينة.
لكن الفيلم أبعد ما يكون عن دراما مأساوية لاستجداء التعاطف، بل يراهن على حبك مفارقة بين الوضع القائم وإرادة إنسانية قادرة على صناعة الحلم في قلب الأزمة. يزاول “مامارغادي” وظائف ترقيعية متعددة ليضمن لطفله حياة أفضل في بيت انضمت إليه شقيقته “أراويلو”، المنفصلة عن زوجها بسبب عدم الانجاب.
كما لو أن الأمل ينبعث من تصميم الفئات المهمشة: النساء والأطفال. يغرق الأب في عجزه المالي المرتبط بمحدودية مهاراته، وتنفتح نوافذ المستقبل بالتحاق الطفل بمدرسة داخلية في المدينة ونجاح عمته في فتح محل صغير للخياطة، كعنوان لاستقلالية اجتماعية طالما سعت إليها.
يقدم الفيلم الذي أدار تصويره المصري مصطفى الكاشف، إطارات مرسومة بعناية فائقة لتشكيل الفضاء القروي الصومالي، ويراهن على اللقطات المقربة لرصد فعل الزمن في الوجوه، والمشاعر الكامنة خلف الصمت.
وقال المخرج الصومالي الشاب إنه ممتن كثيرا للدعم الذي قدمه برنامج ورشات الأطلس في إطار مهرجان مراكش، كتجربة رائعة للمواكبة والاحتكاك أنضجت المشروع.
وأبرز في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أن الفيلم كان عبارة عن تحد كبير على مدى فترة التصوير التي دامت ثلاثة شهور مشيرا إلى أنها المرة الأولى التي يخرج فيها فيلما بكامله في الصومال، “لكنه تحد كان محفزا على مستوى الإبداع”.
“ما نحتاجه هو الأمل. هو ضمانة البقاء في أوضاع مثلما عرفها الصومال”، يقول مو هاراوي الذي أوضح أن الأمر لا يتعلق فقط بتصوير جامد للأوضاع الصعبة في هذا البلد بل برصد كيف يفكر الناس من أجل تغيير حياتهم نحو الأفضل.
يذكر أن مو هاراوي كاتب ومخرج صومالي نمساوي ولد في مقديشو. درس الاتصال البصري والسينما في كلية الفنون الجميلة بكاسل بألمانيا. قبل فيلمه الطويل الأول “القرية المجاورة للجنة”، أخرج العديد من الأفلام القصيرة منها “الحياة في القرن الإفريقي” (2022) الذي حظي بتنويه خاص في مهرجان لوكارنو السينمائي، و”حين يأتي والدي لرؤيتي” (2022) الذي ترشح لجائزة الفيلم الأوربي التي تمنحها الأكاديمية الأوربية للسينما، كما فاز بالجائزة الكبرى لمهرجان كليرمون فيرون الدولي للفيلم القصير، وجائزة أفضل فيلم قصير في جوائز الفيلم الألماني، وجوائز الفيلم النمساوي.
ويشارك الفيلم الصومالي في المسابقة الرسمية المخصصة لسينمائيين من جميع أنحاء العالم، ببرمجة تتكون من 14 فيلما روائيا طويلا يعد الأول أو الثاني لمخرجه، ويتم تقديمه في أول عرض عالمي أو في الشرق الأوسط وإفريقيا.
الحدث:وم ع