ويتعلق الأمر في هذا المؤلف الصادر باللغة الفرنسية عن دار النشر “سوشبريس” بدعم من مجلس الجالية المغربية بالخارج، والذي يقع في 387 صفحة من القطع المتوسط، بمعجم عملي وشامل يضم أزيد من 460 مدخلا معجميا تشمل أسماء جميع المدن والقرى عبر التراب الوطني مع تبيان ارتباطاتها اللغوية والتاريخية والأنثروبولوجية.
وتسعى الكاتبة من خلال هذا العمل إلى عرض العناصر الأساسية لتمكين أكبر عدد من القراء من فهم تاريخ المغرب من منظور علم أسماء الأماكن، وذلك من خلال البحث في تاريخ التسميات والجغرافيا ونمط الحياة والذاكرة والحضارات المتعاقبة على تلك التجمعات البشرية. وقد أثثت المؤلفة كتابها بمجموعة من القصص الأسطورية والحكايات الشعبية الشيقة.
وأكدت منى هاشم، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، على “أن اهتمامها الكبير بمسألة الهوية في علاقتها بالتاريخ يعتبر دافعا أساسيا وراء الأبحاث التي تجريها في إطار مشروعها الفكري”، مشيرة إلى أن “مؤلف مدن وقرى المغرب يمثل خطوة إضافية في هذا المشروع الذي يهدف إلى إبراز العمق التاريخي للحضارة المغربية من خلال توثيق دقيق للأحداث التاريخية الواقعية وأبعادها الأسطورية”.
وأضافت الكاتبة أن المادة التي اشتغلت عليها في هذا الكتاب الذي تطلب تأليفه سنوات من البحث أتاحت لها فرصة استكشاف أوجه أخرى من تاريخ المغرب، موضحة أن “أسماء الأماكن، سواء تلك التي حافظت على صيغتها الأولى أو التي تعرضت للتغيير عبر العصور، تشكل جزءا مهما من عملية تكوين الهوية”.
وأبرزت في هذا السياق كيف أن الغوص في قصص تسمية المدن والقرى ومحاولة تحديد سياقاتها التاريخية والاجتماعية والجغرافية “يفتح آفاقا جديدة لإعادة فهم العقل المغربي من منظور ارتباط الإنسان بالأرض عبر الحضارات المختلفة، وبالتالي إعادة تأطير مسألة الهوية في قالب لا يستثني التأثير الوجودي للمكان”.
يشار إلى أن منى هاشم روائية وباحثة في التاريخ، حاصلة على شهادة الدراسات العليا في الأدب المقارن من جامعة الحسن الثاني في الدار البيضاء، وهي مؤلفة لعدة كتب منها “وليدات الشاوية”، و”قاموس الألقاب المغربية”، و”التاريخ المبهر للمغرب”، و”المخطوطات المفقودة”، و”ابن تومرت أو الأيام الأخيرة للملثمين”…
وشاركت منى هاشم في برامج إذاعية وتلفزية وثائقية تتمحور حول التراث الثقافي والمعماري وعلم الأنساب والألقاب في المغرب.
وتهدف مؤسسة أبو بكر القادري للفكر والثقافة، الحاصلة على صفة المنفعة العامة، إلى التعريف بدور أبي بكر القادري في حظيرة الحركة الوطنية المغربية وفي الميادين السياسية والاجتماعية والتربوية، والمساهمة في البحث والنقاش العمومي فيها. كما تروم عبر أنشطتها إيصال القيم التي طبعت سيرة أبي بكر القادري إلى الأجيال الشابة ونقل الذاكرة الجماعية إليها والمساهمة في تكوين فكر هذه الأجيال بانفتاحها على العالم وتهيئتها للتطورات المجتمعية.