انطلقت، أمس السبت بمراكش، فعاليات الأسبوع الثقافي الذي تنظمه منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) خلال الفترة ما بين 20 و26 أبريل الجاري، وذلك تحت شعار “مراكش مدينة التراث والفن والثقافة”.
وتندرج هذه التظاهرة، المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، في إطار فعاليات “مراكش عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي لعام 2024″، وتزامنا مع احتفالها بشهر التراث في العالم الإسلامي.
وتميزت انطلاقة هذه التظاهرة، التي تبرز تراث المدينة الحمراء وتفرد ثقافتها، بتنظيم زيارة لمتحف التراث اللامادي بساحة جامع الفنا الذي احتضن الجلسة العلمية الأولى بمشاركة، على الخصوص، رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف، المهدي قطبي، وتمثيلية لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة، وشخصيات من عوالم الفن والأدب والسياسة والإعلام.
وفي مستهل زيارة هذه المعلمة الثقافية العريقة المفتوحة بطل تها البديعة على ساحة جامع الفنا، أبرز السيد قطبي أن هذا الأسبوع الثقافي يبصم انطلاق مبادرة الاحتفاء بمراكش عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي لسنة 2024.
وأعرب عن سعادته الغامرة لإعطاء انطلاقة هذه المبادرة الثقافية من داخل متحف التراث اللامادي بساحة جامع الفنا الرائع والمتواجد في “قلب هذه الساحة الاستثنائية التي تجتمع فيها الألوان بالأضواء والأصوات ويتمركز فيها المغرب كله”.
وأضاف، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه المبادرة تجسد حقيقة أن المغرب حاضر في جميع الجبهات، مؤكدا أن الثقافة تعد عنصرا جوهريا لمد جسور التواصل ما بين الشعوب من أجل تفاهم متبادل أمثل.
من جهته، قال المدير العام لـ “الإيسيسكو”، سالم بن محمد المالك، في كلمة ألقاها نيابة عنه رئيس قطاع الثقافة والاتصال بالمنظمة ذاتها، محمد زين العابدين، إن المنظمة تولي عناية كبرى لمدينة مراكش، مشيرا إلى أن اختيارها عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي نابع من قوة إشعاعها في العالم بأسره، وتقديم ما لديها من تفرد حضاري وخصائص فنية وإشعاع سياحي جعل منها وجهة دولية متميزة.
وأشار إلى أن مراكش سجلت في لائحة التراث العالمي منذ 1985 بفضل تفرد مدينتها العتيقة، مضيفا أن الإيسيسكو سجلت عددا من العناصر الثقافية المراكشية على قوائمها للتراث بالعالم الإسلامي.
وذك ر، في هذا الصدد، بتسجيل “ساحة جامع الفنا” و”فن الملحون” و”مهارات تقطير ماء الزهر” و”الدقة المراكشية” وغيرها من العناصر الثقافية والتراثية الأصيلة، معلنا أن المنظمة تستعد لإطلاق منصة دولية لتثمين المتاحف المتعددة للمدينة الحمراء وتراثها غير المادي.
كما تم، بهذه المناسبة، تقديم شروحات مفصلة للحضور حول تاريخ متحف التراث اللامادي بساحة جامع الفنا من قبل محافظته، هناء جرجو.
إثر ذلك، تناول عدد من المتدخلين كلمات أبرزت القيمة التاريخية والحضارية لساحة جامع الفنا ومدينة مراكش، فضلا عن المجهودات المشتركة لمنظمة “الإيسيسكو” والمملكة المغربية بكل مؤسساتها المعنية لإشعاع المدينة الحمراء، وترسيخ مكانتها وإسهامها في بناء الحضارة العربية الإسلامية وتأثيرها العالمي.
وجرى، كذلك، تقديم مشروع كتاب ومنصة حول متاحف مدينة مراكش، الذي يقدم هذه المتاحف على أنها جغرافية تحاكي تاريخ المدينة وفضاءات عالمية للسلام والحوار بين الثقافات، إذ لم تعد تقتصر على دورها التقليدي المتمثل في حفظ التحف وعرضها للزوار، بل أضحت مؤسسات ثقافية ذات أبعاد حضارية تمس بالخصوص حوار الثقافات والتفاعل في ما بينها.
وأشار هذا الكتاب إلى أن المؤسسات المتحفية بمراكش تضطلع برسالة تربوية كونها تشكل مجالات للتنشئة الاجتماعية على التراث، وترسيخ مفهوم الهوية الثقافية، وتنمية القيم الفنية والجمالية، وبلورة الحس التاريخي والوعي الجماعي بأهمية المحافظة على الموروث الثقافي والحضاري، بهدف نقله للأجيال المقبلة.
وتميزت هذه التظاهرة، أيضا، بتنظيم جولة جماعية عبر المدينة القديمة لمراكش تروم التعرف على روح هذه المدينة ورونقها، كان منطلقها متحف التراث اللامادي بجامع الفنا مرورا بالحرفيين التقليديين في زقاق المدينة الملتوية ووصولا إلى متحف الروافد دار الباشا التاريخي، حيث استمع الحضور إلى شروحات مستفيضة قدمتها محافظة المتحف، سليمة آيت مبارك.
يشار إلى أن هذه التظاهرة، التي تتواصل فعالياتها الثقافية إلى غاية 26 أبريل الجاري، ستعرف تنظيم عدد من المحاضرات واللقاءات التي تتوخى البحث في التاريخ الحضاري لمدينة مراكش.
ويتضمن برنامج هذا الأسبوع الثقافي ندوات حول مواضيع “نشأة مفهوم التراث الثقافي الشفوي غير المادي بمراكش” و”مراكش زمن التأسيس” بكلية الآداب والعلوم الإنسانية التابعة لجماعة القاضي عياض، و”تأثيرات زلزال الحوز على التراث الثقافي والسياحة بمدينة مراكش” و”الفن الإسلامي والعمارة الطينية” بالمدرسة الوطنية للهندسة المعمارية.
وتعتبر منظمة الإيسيسكو مراكش “ليست مجرد مدينة تمتاز بمعالمها السياحية البارعة، مثل ساحة جامع الفناء والكتبية، بل هي مركز حضاري يعكس تلاقي الفنون والعلوم والتاريخ”، كما أنها واحدة من أبرز المدن التاريخية والثقافية في المملكة المغربية، حيث تجمع بين التراث القديم والحداثة بطريقة فريدة وساحرة.