موسم أصيلة : تكريم سعيد بنسعيد العلوي المفكر الذي انتقل من نبع الفلسفة إلى ضفاف الرواية

0

 حظي الفيلسوف والروائي المغربي سعيد بنسعيد العلوي، اليوم الثلاثاء ضمن فعاليات الدورة الرابعة والأربعين لموسم أصيلة الثقافي الدولي، بتكريم خاص ضمن فعالية “خيمة الإبداع”، عرفانا برحلته الفكرية من نبع الفلسفة إلى ضفاف الرواية.

شهادات تليت في حق المحتفى به من قبل نقاد وروائيين وأدباء ومفكرين مغاربة من مختلف المشارب، توقفت بكثير من التأني والتحليل عند مختلف المراحل المهنية لهذا الأستاذ الجامعي والباحث الرصين الذي أغنى المكتبة المغربية بدراسات وأبحاث مرجعية حول الفلسفة والسياسة والفقه، قبل أن تسوقه رياح الإبداع نحو عالم الرواية، الذي ترك فيه بدوره بصمة جمعت بين وهم الخيال وحقيقة التاريخ.

في كلمة بالمناسبة، نوه الأمين العام لمنتدى مؤسسة أصيلة، محمد بن عيسى، بأن سعيد بنسعيد العلوي يعتبر واحدا من بين “القامات الشامخة في سماء الفكر والأدب”، مبرزا أن هذا الاحتفاء بهذه الشخصية هو “تقدير من المؤسسة وامتنان لما راكمه من أعمال رصينة أثرت بشكل مباشر في إغناء الثقافة المغربية والعربية على حد سواء، فهو المفكر والباحث والدارس والمؤطر والمبدع الروائي، وهي صفات قلما اجتمعت في شخصيات بعينها”.

وأشار إلى أن الشهادات والدراسات حول مجموع أعمال بنسعيد العلوي، التي ستلقى ضمن فعالية “خيمة الإبداع”، شملت انشغاله الفكري والفلسفي والتراثي والسياسي وما أثاره من إشكالات تمس الراهن العربي، ومن قضايا ذات صلة بالحضارة والنهضة والحداثة وغيرها، أو في انجذابه الأدبي إلى عالم الرواية وما تستدعيه من آفاق فنية وتخيلية، مبرزا أن هذه الدراسات جمعت في كتاب جماعي لصون ذاكرة الاحتفاء.

من جانبه، اعتبر الكاتب والإعلامي ومنسق “خيمة الإبداع”، عبد الإله التهاني، أن سعيد بنسعيد العلوي يمتاز بعمق نظري ورصيد معرفي هائل، حيث أغنى المكتبة بسلسلة كبيرة من التآليف التي أسست لتراث فلسفي عربي وأعمال فكرية وإبداعية في صنف الرواية، التي له بها تعلق قديم، مبرزا أنه “قارئ نهم ذو شغف كبير للنصوص الروائية العربية والأجنبية، وله صبيب عطاء متدفق منذ روايته الأولى “مسك الليل”، إلى آخرها المرتقب صدورها هذا العام والموسومة ب “مجهول الحال”.

من جهته، سجل الكاتب والباحث وأستاذ الفلسفة، كمال عبد اللطيف، الذي جاور المحتفى به لأكثر من خمسة عقود، أن لبنسعيد العلوي حضور متنور في الفكر المغربي، حيث قدم منجزات هامة في مجال دراسة الفكر الأشعري، كما اعتنى بالفكر الإصلاحي المغربي، موضحا أنه انخرط في السنوات الأخيرة في العناية بشغفه الجميل بالأدب الروائي، حيث أصدر مجموعة من الروايات التي تعبر عن حساسيته الفنية والجمالية وعشقه القديم الراسخ للفارة والأدب، وأعماله الروائية المتواصلة تعكس صورة أخرى من صور سخائه وعطائه الثقافي المتجدد والمتنوع.

في السياق ذاته، قال الباحث أحمد المديني، إن سعيد بنسعيد العلوي ينتمي إلى الفئة الغاوية للرواية من جانب الهواية أولا أكثر من الاحتراف (..) ،لكن الرواية لم تعد عنده محطة استراحة من مشاق البحث المنهجي والنسقي الموضوعي، بل صار إنتاجه متواترا، حيث اتخذ من هذا الجنس الأدبي الرصين والتخيلي تعبيرا فنيا ومضمارا لتصوير عوالم محددة.

أما الباحث في السيميائيات، سعيد بنكراد ، فقد قدم قراءة في النسق الروائي المميز لسعيد بنسعيد العلوي والذي صنفه بالكتابات بين “وهم التخييل وحقائق التاريخ”، مبرزا في هذا الصدد أن رواية “حبس قارة” تصالح في السرد الروائي بين عوالم صيغت في تماس مباشر بينم التاريخ والتخيل، هي تقابل بين زمنية الواقع وزمنية أخرى في المساحات المستحدثة في الرواية.

بينما الناقدة الأكاديمية، حورية الخمليشي، فقد قدمت قراءة تحليلية لبنية الكتابة في رواية “حبس قارة” التي تعتمد على تعدد الفصول داخل متن حكائي متعدد بتقنية المونتاج السينمائي، مبرزة في هذا السياق تراسل الكتابة في هذه الرواية مع الفن التشكيلي وتعالق السرد مع التقنيات السينمائية أو مع الأغنية والشعر.

من جهته، تطرق الباحث في علم الاجتماع وأنتربولوجيا الثقافة، سعيد أبلال، إلى رهانات التفكير والكتابة عن سعيد بنسعيد العلوي، لاسيما ما يتعلق بإعادة قراءة التراث، والتحديث، والإسلام الحضاري، وما بعد الربيع العربي والألفية الثالثة، والدولة المدنية، والمواطنة.

في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أعرب سعيد بنسعيد العلوي عن سعادته بهذا التكريم والاعتراف النابع من المجتمع المدني الممثل في مؤسسة منتدى أصيلة التي تسهر ،بفعالية ، على استمرار موسم أصيلة الثقافي الدولي، ومن ثلة من الأكاديميين والباحثين الذين أثروا بمداخلات ودراساتهم فعالية “خيمة الإبداع”.

وتتطرق هذه الدورة من موسم أصيلة الثقافي الدولي وجامعة المعتمد بن عباد المفتوحة، المنعقدة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس بمبادرة من مؤسسة منتدى أصيلة بشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل وبلدية أصيلة إلى غاية 26 أكتوبر الجاري، من خلال سلسلة من الندوات وجلسات النقاش إلى مواضيع وقضايا راهنة، بمشاركة 300 شخصية ومتحدث رفيع المستوى.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.