عبد الله شهبون: يبدو جليا أن جهود المغرب في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ، الذي انتخب عضوا فيه مرتين، قد رسخت بوضوح التزامه الذي لا رجعة فيه بسيادة القانون ، وقبل كل شيء تملكه لآليات حقوق الإنسان الدولية.
فمنذ تأسيسه قبل أكثر من عشر سنوات بقليل، يشهد هذا الجهاز على دينامية الإصلاح في المملكة وانفتاحها السياسي وخبرتها المؤسساتية ، التي تضع التفاعل مع نظام حقوق الإنسان في الأمم المتحدة على رأس الأولويات.
إنه محفل أممي لا غنى عنه للدفاع عن إنجازات المغرب في هذا المجال ومكافحة المناورات وحملات التضليل التي يحيكها اولئك المهووسون بالمس بوحدته الترابية ، تحت غطاء دفاع مزعوم عن حقوق الإنسان في الصحراء المغربية.
وقد أثبتت الرباط، بالفعل، أنه ليس لديها ما تخفيه من خلال الانفتاح ، منذ سنوات ، على المقررين وفرق العمل وإجراءات الأمم المتحدة. وفي هذه المرحلة ، فقد اضطلعت دون أية عقدة بتنفيذ التوصيات المقدمة إليها في وقت لا يزال فيه هؤلاء الفاعلون الدوليون يعانون الامرين من أجل القيام بمهمتهم بشكل صحيح في البلدان المجاورة ، وبالاحرى الولوج اليها.
ويتضح ذلك من خلال السير الجيد للمراجعة الدورية الشاملة ، التي خصصت العام الماضي للمغرب ، وهي آلية رئيسية لمجلس حقوق الإنسان لمراقبة حالة حقوق الإنسان.
ومن المؤكد في هذه المرحلة من التعزيز الديمقراطي ، فإن المغرب، وتحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، يساير تطور الحقوق العالمية ويعمل من أجل ترسيخها ، ولكن مع وعيه بالتحديات التي لا يزال يتعين رفعها. وهو ما يؤكده رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إدريس اليزمي، مشيرا الى ان المملكة تعمل على توطيد وتحصين تجربتها.
وفي ما يتعلق بالرهانات ، أشار اليزمي الى تفعيل مقتضيات الدستور والمساواة بين الجنسين وحماية حقوق الأطفال والشباب والأشخاص ذوي الإعاقة.
وأبرز في لقاء – مناقشة في بروكسل تحت عنوان “الدستور وحقوق الإنسان : ماذا عن المغرب” إن “دورنا هو لفت الانتباه إلى الامور التي ليست على ما يرام وتقديم توصيات من أجل تصويبها”.
وإلى حدود الآن، استقبلت المملكة 11 زيارة تتعلق بالاجراءات الخاصة منذ عام 2000 ، وهو حدث يوضح التفاعل الإيجابي والمتواصل بين الرباط والآليات الدولية. وقد تم تعزيز هذه الديناميية منذ اعتماد دستور 2011 ، الذي يرسخ مسلسل الإصلاح الارادي والذي مكنه من قطع خطوة كبيرة نحو الديمقراطية وحقوق الإنسان.
وجدير بالذكر أن المغرب هو أول بلد على صعيد المنطقة يتوفر على خطة عمل وطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان ، والتي تتضمن 430 من الاجراءات التي تتوزع على أربعة محاور: الديمقراطية والحكامة ، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية وحماية حقوق الفئات ، بالإضافة إلى الإطار المؤسساتي والقانوني.
وقال ويلي فوتري، مدير المنظمة غير الحكومية الأوروبية (حقوق الإنسان بلا حدود) “في جميع هذه المجالات ، شهدنا الكثير من التقدم في السنوات الأخيرة”.
وخلال تقديمه لتقرير للمنظمة في مؤتمر عقد بمقر البرلمان الأوروبي في بروكسل ، أشاد فوتري بدينامية المجتمع المدني المغربي “الحيوي والنشيط للغاية في تنوعه الذي يساهم في هذ التقدم السريع والمرضي “.
وأعرب عن أسفه لكون بعض الفاعلين يسعون للأسف إلى حجب هذا الواقع من خلال التركيز على حالات معزولة تعطي “صورة مشوهة ” عن الوضع، مما يؤدي إلى عدم إبراز الإرادة السياسية وارادة المجتمع في المضي قدما وضمان احترام الحقوق.
ويركز هذا التقرير على تطور حقوق المرأة والطفل ، وحرية تكوين الجمعيات والتجمع ، في ضوء الإصلاحات المختلفة التي عرفتها المملكة ، وعلى رأسها دستور 2011.
وقد تعزز الإنجاز الهام لدستور 2011 بإنشاء المجلس الوطني لحقوق الإنسان ، الذي وصفته الوثيقة بأنه “القوة المحركة لتحسين حقوق الإنسان كهيئة تحترم مبادئ باريس. خاصة الاستقلال عن السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية “.
وفي مجال حقوق الإنسان ، يعزز المغرب من عام إلى عام رأسماله من الثقة والمصداقية مع الهيئات الإستراتيجية للأمم المتحدة. ولهذا السبب ما فتئ مجلس الأمن يشيد بمبادرات المملكة في قراراتها المتتالية ، لا سيما العمل الذي تقوم به لجان حقوق الإنسان الجهوية في العيون والداخلة.