يحل دائمآ فصل الصيف على الإنسان و الطبيعة بعد شهور من العمل في دروب الحياة المختلفة و تحقيق إنجازات الذات و الأسرة و تمر ايامه سريعة سرعة الموسم الدراسي و الفلاحي و القضائي و الديني فحتى رمضان الكريم أراد أن يسبقه ليترك المجال له وحده للاحتفال بلياليه الجميلة و نسائمه الرقيقة و تثوق معه النفس إلى زرقة البحر و حرية اللباس و عشق السمر و لقاء الاحبة و الاستماع إلى الموسيقى و تذكر الذكريات الجميلة .
و ينهض الشعراء و الفنانون و الأدباء و الكتاب لينفضواعلى عبقريتهم غبار مشاغل الحياة و يوثقون لليالي الجميلة و حتى المرضى يسري أمل الشفاء في نفوسهم و المحرومين يشع نور السعادة في اوجههم و يبقى سحر هذا الفصل الجميل في أمل اشعة شمسه الدافئة و نسمة ليله الطويل و صباحه المشرق .
و اشراقة الشمس الهمت كبار الكتاب فإرنست هيمنجواي عندما كتب سوف تشرق الشمس
THE SUN ALSO RISES
و استحق بها جائزة نوبل عام 1954
و هي من أروع القصص التي صور فيها قصة الجيل الضائع الذي تخلف عن الحرب العالمية الأولى و قد تركت هذه الحرب مآسي في حياة الإنسان اخطرها الإصابات النفسية البالغة و تركته عرضة لكثير من الأمراض غير أن هيمنجواي بأسلوبه الفريد جعل الحياة نفسها بطلة القصة فهي تستقبل الخير و الشر على السواء و الاخيار يصنعون فيها الخير بكل أعبائه و الأشرار يقترفون فيها الشر و يتلذذون فيه بالإساءة للانسان لأنهم مرضى .
و الهمت اشراقة الشمس و نسمة الصيف كبار الفنانين و الشعراء فهذا محمد عبد الوهاب في كل ده كان ليه لما شفتي عينيه يشبه كلمات معشوقه بنسمة الصيف :
قال لي كم كلمه يشبهوا النسمه في ليالي الصيف
سابني وفقلبي شوق بيلعب بي وفي خيالي طيف
غاب عني بقى له يومين ما اعرفش وحشني ليه
احترت اشوفه فين وان شفته اقول له ايه
تشبه النسمة في ليالي الصيف .
و هذا فريد الاطرش يتألم و يتحسر على عدم الاستمتاع بضحكات الصيف و نسائمه بعدما فاته حبيبه مع كلمات الشاعر المبدع مأمون الشناوي سنة 1949
لمين بتضحك يا صيف لياليك وأيامك
كان لي في عهدك حبيب آليف عهدني قدامك
وكان لي في قلبه طيف يخطر في أوهامك
من يوم ما فاتني وراح
شدو البلابل نواح
والورد لون الجراح
و هذا عبد الوهاب الدكالي الذي جمعني لقاء به كعادتنا في ليالي الصيف و قد طلب منه أحد المعجبين صورة لم يرفضها له تقديرا منه للمعجبين و المعجبات بفنه الأصيل يدندن له في أذنه حجبوك لعدا و يتغنى بنسمة الصيف التي تأمن سلام المحب و حنانه
الرّوح تناغي والنّســـمة تأمّن سلام محبّك وحنانه
والدّمع راضي والكلّ يجهل نار فؤادي في حرمانه
عطفك عليه الصدّ يسلب مهجتي
حجبوك ليه وإنت آمالي في دنيتي
و كأنه يلتقي مع فريد الاطرش في التغني بنسمة الصيف في كلمات الشاعر الكبير بدروس في
يا نسمة تسري إلى ديار الحبيب
إحكي له سرّي وكيف أحيا غريب
يا أنهراً تجري إلى رياض الجمال
كم مدمعي يجري حتى غدوتُ خيال
يا أنجماً تدري حالي وحال الخليل
هلّا درى أمري وأمر قلبي العليل
تحدّثي بما أقاسي في هوايا
فليته معي أبثّه .. أسايا
تكلمي عني وعن هواني بعده
قولي له إني مازلت أذكر عهده
و يضيق المقام عند تكون ضيفا بحضور الموسيقار الكبير عبد الوهاب الدكالي بدعوة من رئيس جمعية فنون و ثقافة الدكتور القمري و تهب عليك نسائم الصيف و تناديك زوجتك في عز الليل خوفا من طول السهرة على صحتك و تستحضر ذكريات فنية رائعة جديرة بالتسجيل في مذكراتك فشكرا لكل من الهمني كتابتها.
9 يوليوز 2018