ذكرى استرجاع سيدي افني: منعطف حاسم في مسار الكفاح الوطني في سبيل استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية

0

يشكل ااسترجاع سيدي إفني إلى حظيرة الوطن، التي يخلد الشعب المغربي وفي طليعته أسرة المقاومة وأعضاء جيش التحرير يوم غد السبت ذكراه ال49 في أجواء التعبئة الوطنية الشاملة والمستمرة تحت القيادة الرشيدة للعرش العلوي المجيد، منعطفا حاسم في مسار الكفاح الوطني في سبيل استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية

وفي هذا السياق أبرزت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير أن الشعب المغربي ومعه أسرة المقاومة وأعضاء جيش التحرير يخلد في أجواء التعبئة الوطنية العامة والمستمرة حول قضيتنا الوطنية الأولى قضية الوحدة الترابية المقدسة، الذكرى 49 لاسترجاع مدينة سيدي افني إلى الوطن، والتي تجسد معلمة وضاءة في مسيرة الكفاح الوطني من أجل استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية.

وباحتفائها بهذه الذكرى العظيمة، التي يحق لكل المغاربة الاعتزاز بحمولتها الوطنية ورمزيتها وقيمتها التاريخية، تستحضر أسرة المقاومة وجيش التحرير ملاحم الكفاح الوطني في سبيل تحقيق الاستقلال والوحدة الترابية، وتستلهم منها قيم الصمود والتعبئة الوطنية المستمرة والالتحام الوثيق بين أبناء الشعب المغربي من أقصى تخوم الصحراء إلى أقصى ربوع الشمال، وتؤكد مجددا تجندها الدائم والموصول صيانة للوحدة الترابية الراسخة التي لا تزيدها مناورات الخصوم إلا وثوقا وصمودا وثباتا.

ففي يوم 30 يونيو من سنة 1969، تم إجلاء قوات الاحتلال الأجنبي عن هذه الربوع الأبية التي أبلت البلاء الحسن في مواجهته ومناهضته ذودا عن حمى الوطن وحياضه وحدوده وحوزته، إذ قدمت قبائل أيت باعمران، وعلى غرار الانتفاضات الشعبية بالأطلس وبالريف وبسائر ربوع الوطن إثر فرض معاهدة الحمايـة على المغـرب يوم 30 مارس 1912، الأمثلة الرائعة على روحها النضالية العالية، وتصدت بشجاعة وإباء لمحاولات التوغل والتوسع الأجنبي، حيث خاضت عدة معارك بطولية مسترخصة الغالي والنفيس صيانة لوحدة الوطن ودفاعا عن مقدساته الدينية وثوابته الوطنية.

وذكرت المندوبية بأن منطقة سيدي افني بحكم موقعها الاستراتيجي كانت محط أطماع استعمارية وهدفا استراتيجيا لقواته باعتبارها بوابة بحرية مؤهلة للإنزال العسكري والعمليات الحربية ولطبيعة سيدي افني وأرضيتها الصالحة لهبوط الطائرات وتضاريسها التي تجعل منها حصنا يطل على امتدادات شاسعة في عمق تراب آيت باعمران والأقاليم الجنوبية عموما.

ولذلك حطت جيوش الاحتلال بكل ثقلها في المنطقة منذ سنة 1934 وعززت وجودها بكثافة وشنت عمليات عسكرية وحربية شاملة وكاسحة لأجزاء من التراب الوطني.

وفي مواجهة واقع الاحتلال والتقسيم، خاض المغرب بقيادة جلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه، حملة دبلوماسية متواصلة، واستطاع أن يجعل من مطلب المغرب في استرجاع أراضيه السليبة قضية تحظى بالأولوية في المحافل الدولية، محبطا كل المناورات المكشوفة والمبطنة لإثبات حقه المشروع في استعادة وحدته الترابية.

وكان لتحديات القوات الاستعمارية واستفزازاتها واعتداءاتها على مشاعر الباعمرانيين من خلال إعلانها “أسبنة المنطقة”، الأثر البالغ والحاسم في تفجير طاقاتهم النضالية لتحقيق الكرامة والنصر بالرغم من تواضع قدراتهم العسكرية قياسا بما كان يتوفر عليه المحتل الأجنبي من أحدث وأفتك الأسلحة والتجهيزات والآليات العسكرية.

وبعد أن أشارت الى تواصل مسيرة استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية حيث تم استرجاع منطقة طرفاية في 15 أبريل 1958 وعدم توقف معارك التحرير في سبيل تحقيق الوحدة الترابية، ذكرت المندوبية بتحقيق جيش التحرير انتصـارات باهرة أبان فيها المجاهدون عن أجل صور البطولة والشهامة والاستشهاد، لم يجد معها المحتل الإسباني بدا من إبرام تحالف مع الاستعمار الفرنسي.

ومع ذلك، يضيف بلاغ للمندوبية، ظل أبناء قبائل آيت باعمران والقبائل الصحراوية يقاومون الاحتلال الإسباني، واستطاع المغرب أن يحقق مكاسب عظيمة على درب استكمال التحرير باسترجاع مدينة سيدي افني من قبضة الاحتلال الإسباني.

ولم يكن تحرير مدينة سيدي افني إلا منطلقا لمواصلة وتعزيز جهود المغرب في استرجاع باقي الأجزاء المغتصبة من ترابه، وتكللت التعبئة الشاملة بملحمة أبهرت العالم أجمع، جسدت عبقرية جلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه التي أبدعت مبادرة رائدة في ملاحم التحرير بتنظيم مسيرة شعبية حضارية وسلمية استقطبت آلاف المتطوعين وساندها أشقاء من العالم العربي والإسـلامي ومن العديد من البلدان الصديقة، وسارت وفودهم في مقدمة وطليعة المتطوعين في المسيرة الخضراء يوم 6 نونبر 1975، فكان جلاء آخر جندي أجنبي عن الصحراء المغربية يوم 28 فبراير 1976، ورفرفت الراية المغربية خفاقة في سماء العيون إيذانا ببشرى انتهاء عهد الاحتلال الإسباني للصحراء المغربية، وإشراقة شمس الوحدة الترابية لبلادنا، من الشمال إلى الجنوب، ومن طنجة إلى الكويرة.

وخلصت المندوبية الى أن المغرب اليوم، وبقدر ما هو متمسك بمبادئ الحوار وحسن الجوار، “فإنه لن يفرط قيد أنملة في حقوقه المشروعة بتثبيت سيادته على الأقاليم الجنوبية المسترجعة، وسيظل على استعداد للتعاون مع المنتظم الأممي لإنهاء النزاع المفتعل حول أقاليمنا الجنوبية المسترجعة، ليتسنى للمنطقة المغاربية أن تسير في طريق التقارب والتعاون والعمل المشترك لبناء اتحاد المغرب العربي الكبير الذي تتطلع اليه شعوبنا التواقة لتوحيد صفوفها في مواجهة التحديات ولكسب الرهانات”.

وفي هذا الإطار ذكرت المندوبية ب”الانتصار الباهر والمستحق الذي حققه المغرب في القمة 28 للاتحاد الافريقي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبيبا، وبالعودة المظفرة للمغرب إلى أسرته الإفريقية، والتي جسدت ضربة قوية لخصوم وحدتنا الترابية، هذه القمة التي تميزت بالخطاب التاريخي الذي ألقاه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وكان صريحا وقويا وخارطة طريق للرؤية التنموية للمغرب بإفريقيا”.

وتبقى ذكرى استرجاع مدينة سيدي إفني معلمة وضاءة لاستحضار أرواح شهداء ملحمة الاستقلال والوحدة، وإحياءهذا المجد التاريخي بكل ما يليق به من إكبار وإجلال، والإشادة بالصفحات المشرقة لأبنـاء قبائـل آيت باعمران الذين يحق الافتخار والاعتزاز بما قدموه للوطن من أعمال جليلة سيظل التاريخ يحفظها لهم، كمعين دافق يفيض بنبض الروح الوطنية ويذكي الهمم والعزائم لمواجهة كل التحديات وكسب رهانات الحاضر والمستقبل من أجل تثبيت المكاسب الوطنية وتحقيق التنمية الشاملة والمندمجة والمستدامة على امتداد الوطن الواحد والموحد من طنجة إلى الكويرة.

وبمناسبة الاحتفاء بهذه الذكرى أعلنت المندوبية أنه وفي إطار الدورة التاسعة لمهرجان “قوافل” بسيدي إفني، ينظم (منتدى إفني آيت باعمران للتنمية والتواصل) بمدينة سيدي إفني، ندوة وطنية في موضوع: “سيدي إفني آيت باعمران: الذاكرة ورهانات المستقبل”.

وتنظم المندوبية يوم غد السبت بسيدي إفني مهرجانا خطابيا احتفاليا تلقى خلاله كلمات وشهادات تستحضر الدلالات العميقة وحمولة القيم الوطنية لهذه الملحمة الوطنية، وكذا الترحم على شهداء الاستقلال والوحدة بمقبرة سيدي محمد بن عبد الله بمير اللفت.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.