أعلنت المحكمة التجارية بمدينة الدار البيضاء في اعلانها، عن فتح باب تلقّي العروض لشراء الشركة المغربية لصناعة التكرير “سامير”، الخاضعة للتصفية القضائية، بسعر افتتاحي يناهز 21 مليار درهم (نحو ملياري دولار).
تخضع “سامير” (SAMIR)، التي اشتراها الملياردير السعودي محمد العمودي عام 1997، للتصفية القضائية منذ 2016 بعد توقفها عن العمل، نتيجة تراكم ديونها إلى أكثر من 40 مليار درهم لصالح الجمارك والبنوك. وعُرضت للبيع لأول مرة عام 2017، لكن رغم تلقي عدد من العروض المحلية والأجنبية لم يتم قبول أي منها في حينه.
وحسب إعلان البيع، الصادر الثلاثاء الماضي، عن المحكمة التجارية بمدينة الدار البيضاء؛ “على الراغبين في شراء الشركة وأصولها بدون ديونها، أن يقدّموا عروضهم خلال فبراير الجاري إلى المحكمة، مع وثائق تخص توقعات النشاط والتمويل، والثمن وكيفية سداده وتاريخ إنجازه، ومستوى التشغيل وآفاقه، والضمانات المُقدّمة لتنفيذ العرض“.
وتضم شركة “سامير” المصفاة الوحيدة في المملكة لتكرير البترول بمدينة المحمدية بقدرة إنتاجية 10 ملايين طن سنوياً، وهو ما يكفي لتغطية 67% من حاجيات البلاد من المواد البترولية (الغازوال، البنزين، الفيول، وقود الطائرات، الإسفلت)، إضافة إلى قدرات تخزينية لمدة 71 يوماً من هذه المواد.
كما تضمّ قائمة أصول “سامير” أيضاً شركة توزيع الوقود والمحروقات (SDCC)، وشركة نقل المواد البترولية (TSPP)، وفندق “بيرس نيغ” (PERCE NEIGE)، و60% من شركة الجرف للتخزين (JPS)، و50% من شركة “سلام غاز” (SALAM GAZ)، و50% من شركة “أفريكبيتوم” (AFRICBITUMES)، و38% من “الشركة المغربية لتخزين الغاز” (SOMAS)، إضافة إلى مجموعة من العقارات والمنقولات.
تراكم الديون
يعود تأسيس شركة “سامير” إلى عام 1959، بالتعاون بين الحكومة المغربية وشركة النفط الإيطالية العامة (ENI). وفيما بعد اشترت الدولة حصة الإيطاليين ليتقرر إدراجها في بورصة الدار البيضاء عام 1996. وفي العام التالي، تمّ بيعها لمجموعة “كورال بتروليوم هولدينغ” (Corral Petroleum Holdings) السويدية، المملوكة لرجل الأعمال السعودي محمد حسين العمودي، والذي احتُجز في فندق “ريتز كارلتون” بالعاصمة السعودية الرياض لمدّة 14 شهراً، قبل إطلاق سراحه، ضمن حملة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لمكافحة الفساد، التي انطلقت في نوفمبر 2017 وطالت العديد من المسؤولين ورجال الأعمال.
فبعد خضوعها لإجراءات التصفية القضائية بسبب تراكم ديونها وعجزها على الوفاء بالتزاماتها عام 2016، تمّ تمديد قرار التصفية عام 2018 ليشمل الممتلكات الشخصية لمسؤوليها السابقين، وهم رئيس مجلس الإدارة محمد حسين العمودي، والمدير العام جمال محمد باعمر، وأربعة مديرين، هم: بسام فيليكس أبوردين، وجاسون ميلازو، ولارنس نيلسون، وجورج سالم، وكلهم كانوا متواجدين خارج البلاد، كما أيّد القضاء سقوط أهليتهم التجارية لمدة 5 سنوات.
ومنذ توقف المصفاة، أصبح المغرب يستورد كامل المنتجات البترولية المكرّرة من الخارج، وهو ما جعله عرضة لتقلبات أسعار السوق الدولية. وفي نهاية نوفمبر 2022 بلغت قيمة فاتورة استيراد الطاقة 141 مليار درهم، مقابل 67 مليار درهم لعام 2021.
عقب صدور التصفية القضائية، تأسست جمعية باسم “الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول”، تضمّ عمالاً ومحامين وبرلمانيين واقتصاديين يطالبون بتأميم الشركة، وأقنعوا مجموعة من البرلمانيين بتقديم مقترحات قوانين بهذا الصدد، لكن الحكومة رفضت هذه الخطوة.
وقد بررت الحكومة عدم رغبتها في التدخل لكون الملف معروضاً على المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار التابع للبنك الدولي، حيث يطالب المالك السابق لشركة “سامير” محمد العمودي بتعويض قدره 14 مليار درهم، مُعتبراً أن المغرب خرق مضامين الاتفاقية الثنائية لحماية الاستثمار بين المغرب والسويد لعام 1990.
الحدث/عن:الشرق