الفيلسوف إدغار موران: فاس.. حاضرة تشكل مثالا رائعا للإبداع

0

قال الفيلسوف وعالم الاجتماع الفرنسي إدغار موران، اليوم السبت، إن مدينة فاس التي تعيش على إيقاع فعاليات الدورة الـ 24 لمهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة، والتي تحتفي هذه السنة بـ “معارف الأسلاف”، تشكل “مثالا رائعا للإبداع”.

وأكد موران في مداخلة له خلال افتتاح منتدى مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، أن العاصمة الروحية للمملكة المغربية تشكل “نموذجا رائعا للإبداع وكنزا قيما من معارف الأسلاف التي تطورت وازدادت غنى على مر التاريخ”.

وأشار الفيلسوف موران الحائز على الدكتوراه الفخرية بأزيد من 30 جامعة عبر العالم، وذلك في مجالات شتى من قبيل علم النفس والعلوم السياسية وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا وعلوم التربية، إلى أن “معارف الأسلاف بمدينة فاس لا ينبغي أن ينظر إليها بمثابة آثار قديمة يزورها السياح فحسب، بل كنوزا حقيقية للإنسانية”.

ويرى عالم الاجتماع الفرنسي، الذي تناول في معرض مداخلته العلاقة الجدلية بين التقاليد والتطور، من خلال تحليل أصول المعارف القديمة ووقع النمو الاقتصادي والصناعي على المعاملات اليومية وأنماط عيش الأجيال الحالية والمستقبلية، بأن فاس تعد حاضرة مميزة “تدعونا إلى التفكير مليا في أهمية هذه الكنوز والحاجة الملحة إلى صيانتها والحفاظ عليها”.

من جهته، وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء حول المنتدى ، أوضح رئيس مؤسسة “روح فاس” عبد الرفيع زويتن ، أن هذا المنتدى يتناول في دورته الـ 24 موضوع معارف الأسلاف، لكون العاصمة الروحية تعرف تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس “تجديدا استثنائيا”، و”تغيرا عميقا”، لاسيما بفضل برنامجها لتأهيل وإعادة تجديد المدينة.

وقال زويتن إن هذا البرنامج لا يهم فقط “تجديد المعالم الأثرية لكنه يهدف أيضا إلى بعث الحياة من جديد في هذه الأماكن المميزة” ، مضيفا أن المنتدى الذي يجمع ثلة من الباحثين والأكاديميين من جميع أنحاء العالم، سيناقش العديد من المواضيع المتعلقة بمعارف الأجداد وسيحتفي بمواهب الحرفيين والمعلمين بفاس.

من جانبه، يرى ادريس خروز، المدير العام لمؤسسة “روح فاس” المنظمة للمهرجان، أن المعارف التقليدية لا تعني فقط الموروث والتراث والمعارف، بل تعني أيض ا الثقافات والممارسات والخبرات والفنون والحرف التي تشكل السلوكيات اليومية وأنماط الحياة، وقبل كل شيء، العلاقات التي تنتقل من جيل إلى آخر .

يشار إلى أن هذا المنتدى الذي يقام بالتوازي مع المهرجان من 23 إلى 25 يونيو الجاري، يعرف مشاركة العديد من الباحثين، الكتاب والفلاسفة الذين سيسلطون الضوء على روح التسامح والتعايش من خلال الفنون والموسيقى.

وخلال المنتدى، سيتناول المشاركون قضايا متنوعة من قبيل “التراث المكتوب في زمن التحولات التكنولوجية”، و”المعمار الأندلسي كمصدر إلهام للهندسة المعمارية المعاصرة”، و”الموسيقى المقدسة في العالم.. تراث لا مادي لحوار الثقافات”.

وستجمع البرمجة الموسيقية للمهرجان هذه السنة بين أزيد من عشرين بلدا: من التضامن الدولي مع غوران بيرغوفيتش ورسائله إلى سراييفو، إلى النسيج الموسيقي المنظم من طرف الأستاذ جوردي سافال في عرضه “ابن بطوطة، رحالة الإسلام”، إلى غوسبيل دو سوفيتو من جنوب إفريقيا في”إلى قلب إفريقيا الصوفية”، مع مجموعة متندوني مولد زنجبار، ومجموعة مصر العليا وغناء الخضر الصوفي من السنغال، والبرمجة الموسيقية لشتات طائفة السيفراد إلى المعبد اليهودي “صلاة الفاسيين”.

وتروم هذه الدورة العمل على استدامة روح المدينة، وذلك بفضل التقاطعات الموجودة بين مختلف العادات الثقافية التي تشكل بوتقة تاريخ المغرب، ولكن أيضا الحرفية التي تعد أصل النسيج الاجتماعي الذي يؤلفها.

ويندرج مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة ومنتداه، الذين تم إحداثهما على التوالي سنتي 1994 و2001، في إطار التقليد المعرفي، الفني والروحي للمدينة . فمنذ خروجه إلى حيز الوجود، عرف هذا الموعد الثقافي الفني نجاحا متناميا، حيث صنف المهرجان سنة 2001 من طرف الأمم المتحدة كواحد من التظاهرات الهامة التي تساهم في حوار الحضارات.

ماب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.