إصدار النسخة الفرنسية لكتاب “الفتح المبين” لمؤلفه الصديق امعنينو

0
من خلال إصدار ه النسخة الفرنسية من كتابه “الفتح المبين”، سنة 2015 باللغة العربية، يكون الإعلامي والكاتب محمد الصديق معنينو قد فتح الباب أمام القراء الفرنكفونيين لاستعادة زمن المسيرة الخضراء من خلال شهادة قيمة حول هذا الحدث السياسي والشعبي غير المسبوق في تاريخ المغرب الحديث.

وتنبع أهمية هذا الكتاب، الذي أطلق عليها المؤلف “المسيرة الخضراء” باللغة الفرنسية (La Marche Verte)، من كونه يقدم شهادات لمصدر قريب من مراكز صنع القرار، والذي لم يعش فقط جميع مراحل هذه الملحمة المجيدة، من بدايتها إلى نهايتها، وإنما كان مسؤولا أيضًا عن تأريخ هذه اللحظة الحاسمة، التي ساهمت في تغيير التاريخ والجغرافيا بشكل نهائي، والتي ستظل ذكرى خالدة لأجيال بأكملها من المغاربة.

وتأتي الطبعة الثانية من سلسلة “أيام زمان” التي خصصت لمذكرات السيد معنينو، والمكونة من ستة أجزاء، “La Marche Verte”، الصادرة عن دار النشر أبي رقراق، لتستجيب للرغبة التي عبرت عنها للمؤلف هذه الفئة من القراء غير الناطقين باللغة العربية، لمعرفة المزيد عن “أكبر عملية لوجستية في تاريخ المغرب الحديث، والتي تستحق أن يتم تدريسها في أرقى الأكاديميات العسكرية”.

ويفسر الكاتب، في مقدمة هذا الكتاب الكبير الحجم ، والذي يقع في 185 صفحة، سر اختيار ترجمة مؤلفه إلى لغة موليير من خلال رغبته في “استهداف مجموعات كبيرة من الأشخاص الناطقين بالفرنسية، ومن ثم خلق تيار مؤيد لأطروحتنا، خاصة في الأوساط الجامعية والفكرية والفنية التي لم تشهد هذه الأحداث، وتمكينها من اكتشاف جزء من تاريخ ملف الصحراء بكل تضحياته وتقلباته”.

ويسرد الصديق معنينو، على صفحات هذا العمل، “تصوره للأحداث التي عاشها خلال المسيرة الخضراء، في وقت كان فيه صحفيا شابا مسؤولا، مع فريقه التلفزيوني، عن تغطية بداية وسير أكبر تعبئة شعبية في المغرب الحديث (350 ألف متطوع، من بينهم 35 ألف امرأة مغربية)، والتي أبهرت العالم بأسره.

ويتميز هذا المؤلف بدقته العلمية وقيمته التاريخية الكبرى، بالنظر إلى أنه يستحضر مقتطفات من خطابات جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني (خطابات إعلان، وانطلاق ونهاية المسيرة الخضراء)، كما يستعرض حوارات مع الملك الراحل، ووثائق تاريخية نادرة، ومقالات صحفية، وصور، إضافة إلى حكايات وشهادات لسياسيين وصحفيين ومواطنين عاديين، تقدم توضيحات للقراء حول مختلف مظاهر ورهانات هذا الحدث الكبير.

وبحس المراقب وروح التحليل والتأليف التركيبي الخاص بالصحفيين المتمرسين، ينقل الصديق معنينو ، بتفصيل كبير، اعتمادا على تواريخ وأرقام ، أجواء المناخ الجيو-سياسي المتوتر والمحتدم الذي دفع جلالة الملك الراحل الحسن الثاني إلى الإعلان في خطابه التاريخي ليوم 16 أكتوبر 1975 ، عن تنظيم المسيرة الخضراء، استنادا إلى حكم محكمة العدل الدولية في لاهاي الذي يؤكد وجود روابط ولاء بين سلاطين المغرب وقبائل الصحراء.

وهكذا، استحضر المؤلف ردود الفعل التي أعقبت إعلان المسيرة الخضراء، والتي كان تأثيرها على الرأي العام الوطني أو الدولي، أو في إسبانيا فرانكو وجزائر بومدين بمثابة “قنبلة إعلامية” حقيقية، مبرزا أن نجاح هذه المسيرة السلمية، هو ثمرة عبقرية ملك استراتيجي ورؤية متبصرة جسدها شعبه المخلص على أرض الواقع، كما أن المعركة الإعلامية أخذت بعدا استراتيجيا مثل تلك التي جرت على الأرض.

وكشاهد عيان، لكونه كان ضمن قافلة الصحفيين وتقنيي التلفزيون الذين توجهوا مع الحشود نحو محطة طرفاية أثناء انتظار إشارة الانطلاق، يروي معنينو العديد من التفاصيل والملاحظات حول سير العملية التي شكلت حدثا فريدا من نوعه، ولحظة تعايش بين المغاربة، من جميع الخلفيات الجغرافية والاجتماعية المختلفة، مع الإعراب عن إعجابه بشكل خاص بالدور الذي لعبته المرأة في هذه الملحمة.

وتوقف الصحفي معنينو عند لحظة إعطاء انطلاقة المسيرة والإعلان عن توقفها الذي أعلنه المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني، بعد أن حققت العملية جميع أهدافها.

ومن خلال هذا الانتصار المدوي على خصوم وحدته الترابية، وجد المغرب نفسه في موقع قوة للتفاوض بشأن إنهاء استعمار أراضيه في الصحراء.

وقدم المؤلف، الذي كان ضمن الفريق الإعلامي المرافق للوفد المغربي، معلومات قيمة عن هذه المعركة الدبلوماسية الحاسمة الأخرى، مستعيدا صدى المناقشات في الأروقة، والمناورات اليائسة لخصوم المغرب، وشهادات عدد من رجالات الدولة والصحفيين المشاركين.

وختم محمد الصديق معنينو قصته بمقاطع من الصحافة الجزائرية والإسبانية والفرنسية والأمريكية، تنقل فيها أجواء “الانتصار الساحق” للمغرب سواء على الأرض أو على الجبهة الدبلوماسية ، فضلا عن الارتباك وحالة الفوضى التي عاشها أعداء الوحدة في مواجهة هذه “المسيرة الشعبية السلمية التي غيرت موازين القوى في المنطقة بشكل لا رجعة فيه، وفاجأت بحجمها ومداها الأصدقاء قبل الخصوم”.

الحدث:ومع

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.