من باماكو إلى الرباط: تجربة الدكتور الحسن كوناتي مثال لنجاح مهني استثنائي

0

إيمان بروجي: بابتسامة تبث الاطمئنان في النفوس وبحس فكاهي لا مثيل له تتخلله كلمات مضحكة بالدارجة المغربية للتخفيف من المعاناة، يستقبل الدكتور المالي الحسن كوناتي مرضاه بقسم أمراض القلب التابع للمركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا بالرباط.

قبل 24 سنة، حل الدكتور كوناتي، المعروف بجديته وتفانيه في العمل، والذي نجح في الاندماج داخل المجتمع المغربي من خلال تقديم وجه جديد للهجرة من دول جنوب الصحراء، بالمغرب طالبا بالطب العام، قبل تخصصه في أمراض القلب والشرايين وبعد ذلك في أمراض القلب والشرايين التدخلية، وهو تخصص غير موجود إلى حد الآن بمالي.

“عندما وصلت إلى المغرب، تم استقبالي بحفاوة وتم احتضاني على مستوى التكوين الذي أعتبره ممتازا”، يقول الدكتور كوناتي في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، مضيفا أنه استفاد من تكوين ذي جودة عالية، “كما قدم لي كافة الأشخاص الذين التقيت بهم خلال مساري التكويني الدعم والمساعدة اللازمين”.

واعتبر أن المغرب أصبح اليوم الوجهة المفضلة للطلاب المنتمين إلى دول جنوب الصحراء، وذلك بفضل جودة التعليم العالي بالمملكة، وتنوع التخصصات المقترحة، والاستقبال المخصص للطلاب الأفارقة من أجل تمكينهم من الاندماج بشكل أفضل، ولكن كذلك بفضل اتفاقات التعاون المبرمة مع العديد من الدول الإفريقية، ولاسيما السنغال ومالي، مذكرا بعمليات تبادل زيارات الوفود العديدة وتلك التي تم القيام بها خارج إطار اتفاقيات التعاون الثنائية، بما في ذلك الاتفاقيات الحكومية أو التبادلات التي تتم بناء على طلب الدول الشريكة.

وأضاف أن المغرب، بالإضافة إلى جودة التكوين الذي يقدمه، يستقطب العديد من المرضى الأجانب الذين اختاروا المجيء إلى هذا البلد ليتم علاجهم، والانطباعات تكون دائما إيجابية، مؤكدا “بصفتي طبيبا من مالي بالمغرب، لم أشعر قط بأنني غريب بالبلاد. أنا متواجد بموطني. وأعتبر نفسي سفيرا للمغرب في الخارج”.

ويتابع الدكتور كوناتي، الذي يتقن العربية الفصحى، أن “اندماجي داخل المجتمع المغربي بدأ مع المجموعة التي كنت أنتمي إليها في الطب العام، كانت مجموعة متجانسة. كنا بمثابة عائلة واحدة. كما أن التحدث مع الزملاء بالدارجة المغربية سمح لي بأن أحظى بهذه السهولة في التواصل مع المرضى، ناهيك عن أنني شاركت في العديد من القوافل الطبية بجهات مختلفة من المملكة، مما جعلني أقرب من الساكنة المحلية”.

وأوضح طبيب أمراض القلب والشرايين “أبدأ يومي مبكرا وأنتهي في وقت متأخر، وموازة مع عملي في المستشفى، فإنني أقوم بإجراء استشارات طبية في أمراض القلب، وجلسات للفحص بالموجات فوق الصوتية، وكذا فحوصات وعمليات على مستوى العصبة الوطنية لمقاومة أمراض القلب والشرايين والوكالة المغربية للتعاون الدولي”.

وأشار كوناتي، وهو أب لطفلين، ردا على سؤال حول الأجواء الرمضانية، إلى أن “رمضان في المغرب له سحر خاص”. بالتأكيد، هناك اختلاف، لاسيما في ما يتعلق بالتغذية، لكن لا يمكننا الاستغناء عن الأطباق المغربية. إن طاولتنا الرمضانية تخلط بين الأطباق المالية والمغربية”، مضيفا أنه “على المستوى الروحي، فإن الدولتين يوحدهما الدين، وليس هناك فرق، فالإسلام يجمعنا”.

وعلى غرار الدكتور كوناتي، اختار العديد من الطلاب القادمين من جنوب إفريقيا، متابعة دراستهم العليا في الطب بالمغرب، من قبيل ابن عمه، الدكتور كوناتي ماساما، الذي يخوض تدريبا لمدة 6 أشهر بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا بالرباط للاستفادة من الخبرة والمعرفة المغربية في مجال طب أمراض القلب والشرايين التدخلية، والذي اعتبر في تصريح للوكالة أن التكوين في المغرب يعد ذا جودة يضاهي التكوين بالدول الأوروبية، على كافة المستويات. “إفريقيا ستستفيد كثيرا من التعاون مع المغرب”.

وساهم المركز الاستشفائي ابن سينا بالرباط، في إطار التبادل جنوب-جنوب، في تكوين 140 إطارا (من أطباء وممرضين وإداريين ومسيرين) من بلدان الجنوب، كما قام بإيفاد العديد من البعثات إلى شركائه.

واستطاعت هذه الأطر ذات التكوينات المختلفة، الاستفادة من أزيد من 60 تدريبا في المستشفيات الجامعية بالمملكة، يتعلق بزرع الكلى، وجراحة القلب، والتدبير القائم على النتائج، وسياسة الجودة، والمعلومة والتواصل الطبي، والصيانة الطبية الحيوية، وحالات الطوارئ المرتبطة بالتوليد، وطب حديثي الولادة وسرطان الأطفال.

وتندرج مقاربة مستشفى ابن سينا بشكل كلي في إطار برامج وزارة الصحة، انطلاقا من توجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي ما فتئ يؤكد تجذر المملكة في القارة الإفريقية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.