الجيل الجديد من برامج تثمين المدن العتيقة : رافعة حقيقية لتأهيل هذه الحواضر الألفية والنهوض بإشعاعها العمراني

0

يعد الجيل الجديد من برامج تثمين المدن العتيقة لكل من الرباط ومراكش وفاس والشطر الثالث من برنامج المباني الآيلة للسقوط الذي يشكل جزءا من برنامج إعادة تأهيل المدينة القديمة للدار البيضاء، رافعة حقيقية لتأهيل هذه الحواضر الألفية والنهوض بإشعاعها العمراني وتحسين معيش ساكنتها، ومن ثم جعلها أقطابا سياحية وازنة تمكن من إنعاش الحركة الاقتصادية.

وهكذا، فإن هذه البرامج الواعدة التي ترأس صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، حفل تقديمها وتوقيع الاتفاقيات المتعلقة بها، اليوم الاثنين بالرباط، ستتيح تأهيل هذه المدن العتيقة، وجعلها أقطابا سياحية بامتياز، بما سيمكن من تحسين ظروف عيش ساكنتها، والرفع من الاستثمارات بها قصد تحريك عجلة النمو الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وذلك وفق رؤية متبصرة ومقاربة تشاركية محكمة تروم النهوض بالموروث المادي واللامادي الغني والمتنوع. وبناء على الرؤية السديدة لجلالة الملك في هذا المجال، تم إعداد برامج إضافية لتثمين هذه المدن العتيقة وإبراز موروثها الثقافي والحضاري والإنساني والرفع من مستوى جاذبيتها السياحية، وتحسين ظروف عيش الساكنة، والرفع من مستوى دخل الحرفيين، وتنمية الاقتصاد الاجتماعي.

وفي هذا السياق، عرفت مدينة الرباط، على غرار مجموعة من مدن المملكة، الشروع في تأهيل مدينتها العتيقة، في إطار برنامج الرباط مدينة الأنوار عاصمة المغرب الثقافية، حيث تم إطلاق مجموعة من المشاريع أهمها ترميم الأسوار والأبواب التاريخية والمساجد والزوايا، وإعادة تأهيل الفنادق التقليدية مع الحفاظ على وظائفها، وترصيف الأزقة، وكذا إنشاء ملاعب للقرب وفضاءات عمومية خضراء، فضلا عن معالجة المباني الآيلة للسقوط.

وبالموازاة مع ذلك، تم إعداد برنامج لتثمين المدينة العتيقة للرباط يهدف إلى المساهمة في خلق منتوج سياحي متميز يهم عدة محاور أساسية، منها تهيئة ساحة باب الأحد والساحات المحيطة بالسوق المركزي، وتشوير الأزقة والمسالك والساحات وسط المدينة، من خلال وضع لوحات تشويرية وشاشات تفاعلية، وترصيف الأزقة والمسالك على طول 8 كيلومترات، وإحداث مرآبين تحت أرضيين بباب الأحد وباب شالة بسعة إجمالية تصل إلى 1090 موقفا.

وبخصوص المدينة العتيقة لمراكش، وبفضل العناية السامية التي يوليها جلالة الملك لتثمين موروثها التاريخي، استفادت هذه المدينة في إطار برنامج مراكش الحاضرة المتجددة وبرنامج معالجة الدور الآيلة للسقوط من عدة مشاريع تهم معالجة أكثر من 4000 من الدور الآيلة للسقوط وتأهيل أحياء الملاح والزرايب وقبور الشهداء. كما استفادت من مشروعي تأهيل المسار السياحي الممتد من دار الباشا إلى ساحة ابن يوسف والمسار الروحي سبعة رجال.

وفي نفس الإطار، تم أيضا إعداد برنامج من أجل مواكبة الطفرة السياحية التي تعرفها المدينة، وذلك من خلال تثمين المآثر التاريخية، وتحسين تشويرها مع تقوية إنارتها، وتأهيل مجموعة من الفنادق العتيقة، وتأهيل القيساريات القديمة وترميم الواجهات، إلى جانب وضع لوحات للعنونة والتشوير، ولوحات إخبارية ومنصات تفاعلية للمعلومات بمحاذاة المآثر التاريخية والساحات العمومية والممرات الموضوعاتية.

كما يشمل البرنامج ترصيف الممرات، وتهيئة الفضاءات العمومية من ساحات وحدائق وسقايات تاريخية، وتحسين الولوج إلى المدينة العتيقة عبر إحداث وتهيئة 6 مرائب للسيارات بطاقة استيعابية تصل إلى 1000 موقف، منها إثنان تحت أرضيين. أما المدينة العتيقة لفاس فقد شهدت طفرة متميزة من خلال إنجاز برنامجي ترميم المعالم التاريخية ومعالجة البناء المهدد بالانهيار. حيث همت ترميم 27 معلمة تاريخية من مدارس وفنادق تقليدية وقناطر تاريخية وأسواق ومدابغ وأبراج، مما ساهم في استعادة جل هذه المعالم لوظائفها الأصلية، بحيث استفاد منها أكثر من 1600 شخص من حرفيين وتجار تقليديين وطلبة علم. إضافة إلى معالجة أزيد من 2200 بناية كانت مهددة بالانهيار.

وإلى جانب ذلك، تم إعداد برنامج إضافي لتثمين المدينة العتيقة، بهدف استكمال برنامج إعادة تأهيل وترميم معالمها التاريخية وتعزيز البرنامج الجاري إنجازه حاليا، والذي يشمل تهيئة 8 مرائب للسيارات بسعة 3600 موقف، وترصيف الممرات، وتجديد نظام العنونة والتشوير، ووضع نظام إلكتروني للمعلومة السياحية، يهدف لتعزيز المنتوج السياحي بالمدينة العتيقة.

وللإشارة، فقد رصد لبرنامج تثمين المدينة العتيقة للرباط غلاف مالي تقدر قيمته بـ325 مليون درهم، بينما رصد للرنامج تثمين المدينة العتيقة لمراكش غلاف مالي قدره 484 مليون، في حين سيكلف البرنامج التكميلي لتثمين المدينة العتيقة لفاس غلافا ماليا بقيمة 583 مليون درهم.

والأكيد أن هذا الجيل الجديد من البرامج ترمي إلى استثمار المؤهلات الاقتصادية لهذه المجالات الحضرية الحيوية لتصبح أقطابا تساهم في إنعاش الأنشطة الاقتصادية، لاسيما المرتبطة بقطاعات السياحة والصناعة التقليدية، وكذا إحداث المزيد من فرص الشغل.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.