بعد استقالة كونتي إيطاليا تواجه شبح أزمة سياسية جديدة

0

سهام توفيقي: تواجه إيطاليا شبح أزمة سياسية جديدة، إثر إعلان رئيس الوزراء حوزيبي كونتي مساء أمس الاثنين عن استقالته من منصبه، لتزداد بذلك الت كهنات حول ملامح المشهد السياسي القادم في ثالث أكبر اقتصاد في منطقة الأورو ، الذي أنهكته الأزمات ويحاول جاهدا الخروج من أسوأ موجة ركود في تاريخ البلاد.

وكخطوة أولى لتدخل استقالته حيز التنفيذ، ترأس كونتي اليوم الثلاثاء أخر اجتماع لمجلس الوزراء ، أبلغ خلاله فريقه بحيثيات قراره ليتوجه بعد ذلك إلى مقر رئاسة الجمهورية من أجل إجراء محادثات ثنائية مع رئيس الدولة سيرجيو ماتاريلا، على أمل أن يحظى بتكليف لتشكيل حكومة جديدة ستكون في حال رأت النور هي الثالثة التي يتولى رئاستها منذ عام 2018 .

غير أن محللين سياسيين يرون أن قرار كونتي التنحي عن منصبه يفتح الباب على مصرعيه أمام أزمة “حالكة السواد” لا يمكن لأحد التنبؤ بنتائجها وقد تدخل البلاد على إثرها في نفق مظلم يزيد متاعب إيطاليا المنهكة جراء تداعيات وباء فيروس كورونا .

وفي تعليقها على التطورات السياسية المثيرة للمخاوف في إيطاليا وخارجها، اعتبرت صحيفة “لاريبوبليكا” أنه هذه الاستقالة تطرح سيناريوهات مختلفة سيتعين على رئيس الجمهورية تقييم ها والشروع بدء من غدا الأربعاء في مشاورات “سريعة” مع جميع القوى السياسية والتي قد تتوج بإعادة تعيين رئيس الوزراء المستقيل على رأس حكومة جديدة ، كما يرجح في الوقت ذاته سيناريو تكليف رئيس وزراء أخر.

ويرفض الائتلاف الحاكم المكون من الحزب الديمقراطي وحركة خمس نجوم سيناريو تعيين رئيس وزراء آخر، معلنا أنه يريد تشكيل حكومة جديدة برئاسة كونتي تكون موالية لأوروبا ومدعومة بقاعدة برلمانية واسعة، بما يضمن” المصداقية والاستقرار السياسي ويمكن من رفع التحديات الجسيمة التي تواجهها إيطاليا”.

بالمقابل، تعارض أحزب اليمين هذا التواجه وتطالب بحكومة “وحدة وطنية” ، إذ صرح سيلفيو برلسكوني زعيم حزب “فورتسا إيطاليا” أن مستقبل البلاد أمام خيارين لا ثالث لهما إما تشكيل حكومة موسعة أو العودة إلى صناديق الاقتراع .

و ترى الصحيفة أن الأزمة السياسية التي بدأت مع انسحاب حزب “ايطاليا فيفا” من الائتلاف الحاكم بعد خلافات مع رئيس الوزراء بشأن خطة الانتعاش الاقتصادي التي تبلغ قيمتها 222 مليار أورو وانتقاده طريقة إدارة كونتي للأزمة الصحية، قد تدفع البلاد نحو “خطر إجراء انتخابات مبكرة”.

ولا تصب الانتخابات المبكرة في مصلحة الأحزاب المكونة للائتلاف الحاكم، إذ تظهر استطلاعات الرأي أنها قد تتيح الفرصة لليمين بزعامة سيلفيو برلوسكوني (فورتسا إيطاليا) المتحالف مع حزب اليمين المتطرف الرابطة وحزب “فراتيلي ديطاليا”، بالفوز ومن ثمة تولي زمام السلطة.

وهو بالفعل الطموح الذي أعلنت عنه أحزاب اليمين في غمرة الأزمة التي تسبب فيها رئيس الوزراء الأسبق ماثيو رينزي زعيم حزب “إيطاليا فيفا” بانسحابه يوم 13 يناير الجاري من الائتلاف الحاكم الذي انضم إليه في صيف 2019 ، ودخول البلاد في نفق مظلم رغم محاولة كونتي جاهدا انقاد الحكومة عقب فوزه بثقة البرلمان خلال الأسبوع الماضي.

وأجرى كونتي منذ ذلك الحين مفاوضات عسيرة وراء الكواليس على أمل حشد برلمانيين مستقلين أو منشقين عن أحزاب اليمين، ليتمكن من البقاء في السلطة من خلال إجراء تعديل وزراي، لكن كل محاولاته باءت بالفشل.

وعلى إثر ذلك ، أضطر كونتي إلى تقب ل خيار تقديم استقالته على أمل أن يحظى مجددا بثقة رئيس الجمهورية ويكلف بتشكيل حكومة جديدة. وذلك بعد أن استنفد كل أوراقه و أصبح شبه مؤكد أن حكومته ستتلقى ضربة أخرى موجعة بسبب عدم تمرير في البرلمان مشروع قانون يتعلق بإصلاح القضاء كان وزير العدل يعتزم عرضه غد الأربعاء قصد مناقشته و التصويت عليه. وبحسب وسائل إعلام إيطالية فإن كونتي لن يدخر جهدا خلال الساعات ال48 القادمة للنجاة من هذه الأزمة “الشائكة”، لأنه يدرك أن أمامه يومان فقط ليحظى بثقة رئيس الجمهورية و يعمل على تيسير ميلاد تشكيلة حكومية جديدة قد تضم أحزاب معتدلة ، مؤيدة لأوروبا وليبرالية، من بينها حزب “إيطاليا فيفيا” ، ولكن ليس حزب الرابطة اليميني المتطرف الذي يتزعمه ماثيو سالفيني. غير أن بعض المراقبين السياسيين يرون أنه من السابق لآوانه الحديث عن نجاح كونتي في رئاسة حكومة جديدة، ولأنه في حال إخفاقه في تحقيق مساعيه قد تتخلى حركة نجوم نجوم والحزب الديموقراطي عنه لصالح رئيس وزراء جديد.

واعتبرت يومية “كورييري ديلا سيرا” أن الأسلم في ظل الوضع الراهن هو الشروع في تشكيل ائتلاف موسع لتجنب خطر عدم الاستقرار، الذي قد يعصف بالمستقبل السياسي والاقتصادي لإيطاليا.

وأشارت إلى الدور البارز الذي يمكن أن يضطلع به رئيس الجمهورية سيرجيو ماتاريلا في تحصين البلاد من “فوضى سياسية” لا يمكن التنبؤ بنتائجها من خلال منح “تفويض” لمن يعتبره قادرا على تحقيق الأغلبية في البرلمان.

وفي ظل ضبايبة المشهد السياسي واحتمال الدخول في مسلسل طويل وشاق لتشكيل حكومة جديدة، يبقى مصير خطة الانتعاش الاقتصادي والعلاقات مع الاتحاد الأوروبي ورهان إنجاح أكبر حملة تطعيم في تاريخ البلاد مفتوحا على كل الاحتمالات ويطرح العديد من التساؤلات ، لاسيما و أن إيطاليا هي ثالث أكبر اقتصاد في منطقة الأورو وأكثر الدول الاتحاد تضررا من تداعيات الجائحة.

الحدث. و م ع

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.