الصحافي عبد اللطيف أبي القاسم يفوز بالجائزة الوطنية الكبرى للصحافة في صنف صحافة الوكالة في دورتها الثامنة عشر

0

فاز الصحافي عبد اللطيف أبي القاسم من وكالة المغرب العربي للأنباء بجائزة أفضل عمل صحفي في صنف صحافة الوكالة برسم الدورة الثامنة عشر للجائزة الوطنية الكبرى للصحافة والتي جرى حفل توزيع جوائزها زوال اليوم الأربعاء بالرباط.

ونعيد في ما يلي بث المقال الفائز :

الأمريكية جينفر جراوت.. “سفيرة فوق العادة” لثقافة المغرب الأخاذة (بقلم: عبد اللطيف أبي القاسم)

الرباط 3 مارس 2020/ومع/ اسمها جينفر جراوت، فنانة أمريكية قد تكون مغمورة في بلدها الأم، لكن صيتها ذاع في العالم العربي والإسلامي بوصفها شابة طموحة دخلت غمار الموسيقى العربية من مستوى مبتدئ، وتدرجت في تعلم مقاماتها، قبل أن تجد نفسها وقد اعتنقت الإسلام بفضل تجربة “ممتعة” خاضتها في المغرب وأصبحت اليوم “سفيرة فوق العادة” لثقافة المملكة الأخاذة.

تعرف عليها العرب أول يوم سنة 2013 على شاشة قناة (إم بي سي) وهي تغني في تجارب الأداء ضمن برنامج المواهب (آرب غوت تالنت) أغنية “بعيد عنك” لأم كلثوم، وتردد على مسامعهم وأناملها تداعب آلة العود “نسيت النوم وأحلامه.. نسيت لياليه وأيامه”، وسرعان ما أدركوا أنهم أمام موهبة استثنائية جاءت من مكان بعيد ثقافيا وجغرافيا عن المنطقة العربية لترسم لنفسها مسارا بدأ بتعلم حروف الضاد ولم ينته بإجادة تلاوة القرآن وتقليد كبار مقرئيه، وترديد أغاني الطرب وأساطينه ومواليه.

بوجهها السمح الغامر بمسحة الجمال، وبوشاح خفيف يغطي شعر رأسها على استحياء، تبعث جينفر اليوم من مقامها بالولايات المتحدة رسائل الحب والتقدير للمغرب وأهله، وتنثر عبر كل البرامج التلفزية التي تستضيفها أوراق الورد على مملكة فتحت لها ذراعيها وفتحت أمامها أبواب الخير والجمال.

فمن قناة (الجزيرة) القطرية، إلى (بي بي سي) البريطانية، ومرورا بقنوات أخرى عديدة عربية وأجنبية، كانت جنيفر (29 سنة) ترسم الدهشة على وجوه المشاهدين من مختلف أنحاء العالم، وهي تتلو آيات القرآن الكريم وتغني مقطوعات من الطرب العربي، حتى إذا سألها الصحفيون عن متى وكيف جاءهم جوابها صريحا “السر في المغرب”.

“في المغرب اعتنقت الإسلام. وهناك تعلمت اللغة العربية. قضيت فترة مهمة من حياتي هناك.. وهو مكان يحظى بمكانة خاصة في قلبي”، تقول جينفر في إحدى المقابلات التلفزية، وتضيف في أخرى “الناس هناك كرماء. ويستضيفونني دون انتظار مقابل.. كنت ألمس في وجوههم شيئا غريبا.. نورا لم أكن أفهمه أول الأمر”.

تدين جينفر في تعزيز معرفتها بالإسلام بعد اعتناقه لمواطن مغربي من مدينة المحمدية يدعى محمد، صاحب مكتبة صغيرة، كان يراها في طريقها من بيتها إلى المركز اللغوي الأمريكي حيث كانت تدرس هناك اللغة الانجليزية، يهديها كتبا عن الإسلام بلغتها الأم ويدعوها هي وأسرتها الصغيرة إلى تناول وجبة الكسكس في منزله كل يوم جمعة في طقس أصبح يتكرر كل أسبوع.

تتذكر جينفر كيف أن الظروف لم تسعفها ذات جمعة لحضور هذا الموعد لتفاجأ مساء ذلك اليوم بزوجة محمد وهي تطرق بابها حاملة طبق كسكس. وتقول “لم يكن هؤلاء الجيران أغنياء، ولم يكن لدي ما أقدمه لهم. لم يكن لديهم أي سبب ليعاملونا بمثل هذا الكرم واللطف، إلا أنهم كانوا يفعلون ذلك من أجل الله. ولهذا عندما يسألني الناس لماذا أنا مسلمة، فهذه هي القصص التي تتبادر إلى الذهن”.

ولعها بالموسيقى بدأ منذ عمر الصبا سيما وأن أمها كاتبة كلمات وأباها عازف بيانو وكمان. في المستوى الجامعي ستتوجه ابنة بوسطن إلى جامعة (ميغيل) في كندا لدراسة الموسيقى الكلاسيكية، وهناك سيبدأ اهتمامها بالموسيقى العربية الطربية.

تقول جينفر: “عندما بدأت أهتم بالموسيقى العربية أول مرة، طلب أستاذي أن أنصت للقرآن الكريم بوصف ذلك تمرينا لأستأنس بتلك الفروق الدقيقة في التلاوة وفي الغناء العربي الأصيل. الاثنان يشتركان في طبيعة المقامات وخصائص الإيقاع والأداء الصوتي التقني، واللغة بطبيعة الحال. العديد من المطربين العرب كانوا في الأصل يتلون القرآن الكريم”.

وشيئا فشيئا، ستولع جينفر بموسيقى فيروز وأم كلثوم واسمهان، وستقلد أداءهن حتى دون أن تفهم مدلول الكلام، قبل أن يقودها القدر إلى المغرب وتتعلم فيه مبادئ اللغة العربية والدارجة المغربية، وتتدرج فيها وتتمكن منها وتجيد أداء أغان طربية عربية ومغربية، وتلاوة القرآن الكريم بصوت عذب.

والذين يتابعون إطلالات الفنانة على القنوات التلفزية أو يتأملون إشراقاتها على صفحتها على فيسبوك يرون رأي العين كيف تتلو هذه “الأعجمية” القرآن الكريم ببراعة وتنشد المديح النبوي بمحبة غامرة. وعندما يطلب منها مقدمو البرامج تأدية مقاطع من هذا المديح ترد عليهم بأداء الأغنية المغربية “يا محمد صاحب الشفاعة والنور الهادي”.

في تعليقات على أدائها لهذه الأغنية بالذات، قالت إحدى متابعاتها “شكرا جينفر. صوتك نفحات من نور خلق ليغني الحب المحمدي”. وكتبت أخرى تقول “أنا لا أتقن اللغة العربية لكن غناءك مثير للإعجاب فعلا”، فيما علقت متابعة من تونس “هذه الأغنية روعة. وتاريخ المغرب حافل بإنجازاته تجاه دين الإسلام.. تحية من تونس”.

على موقع اليوتيوب وعلى صفحتها الفيسبوكية، يرصد المتابعون لها، وهم بمئات الآلاف من كل بقاع الأرض، أداءها للعديد من الأغاني المغربية الأخرى من قبيل “عطشانة”، و”للا فاطمة”، و”يا بنت المدينة”، و”ياك آجرحي.. جريت وجاريت”، إلى جانب محاولات للتغني باللغة الأمازيغية.

هذا الاحتفاء من جانب جينفر بالمغرب لم يقتصر على الغناء وحده، ذلك أنها تروج أيضا لتمظهرات أخرى من ثقافة المملكة لاسيما من خلال اللباس والطبخ.

ففي واحد من مقاطع الفيديو التي نشرتها على صفحتها على فيسبوك، تختال جينفر بقفطان مغربي أخضر اللون مرصع بحبات مجوهرة، فيما تأتلق في مقطع آخر بجلباب تقليدي مغربي وردي اللون و”شربيل” فاسي، وهي تعرض بعضا من الحلويات مغربية الصنع من قبيل “كعب غزال” و”الفقاص” مرفوقة بالشاي بالياسمين، مجتهدة في التعريف بها لمتابعيها.

وعن مجمل أداء جينفر لفائدة الثقافة المغربية، يقول مواطن مغربي يدعى خليل برادة عنها “أنت ديفا تروج للثقافة المغربية بكل أشكالها: أغان، موسيقى، فنون تقليدية.. سفيرة حقيقية أنت.. وأنت مفخرة لنا”.

الجالية المغربية في أمريكا لم تأل جهدا لشكر جنيفر على ما تقوم به من دور بارز في التعريف بثقافة المغرب حتى غدت بمثابة “سفيرة فوق العادة” لها. ففي حفل نظمته هذه الجالية في بوسطن في يونيو المنصرم، صعدت جينفر على منصة أقيمت في الهواء الطلق، وتسلمت على استحياء “مجسما لميكروفون ذهبي اللون” من اللجنة المنظمة كتب على قاعدته “باسم الجالية المغربية بأمريكا، تم إهداء هذا المجسم لجينفر جراوت لمساهمتها في ترويج الموسيقى المغربية في الولايات المتحدة”.

وبدارجة مغربية علقت جينفر يومها على هذه المبادرة قائلة “أنا فرحانة بزاف بزاف نكون معاكم. أنا عزيز عليا المغرب بزاف والمغاربة كاملين”.

الفرح نفسه عبرت عنه جينفر قبل بضعة أيام فقط وهي تعلن للمغاربة أنها ستزور المملكة قريبا للمشاركة في أمسية طربية ستنظمها جمعية “دار الطرب المغربية” يوم 25 مارس الجاري بالدار البيضاء. وهو فرح مشروع فعلا، ذلك أنه إذا كان تعلقها بالمغرب وليد الصدفة أول مرة، فإنه أصبح اليوم عروة غير منفصمة بعدما تزوجت فنانا مغربيا أمازيغيا، وأنجبت منه فتاة اختارت لها اسم “قمر”.

ولأن الحياة تحفل بالتجارب الجيدة وغير الجيدة أيضا، فإن العلاقة الزوجية لجينفر انتهت بالطلاق بعدما وجدت نفسها مدعوة للتراجع عن الغناء والتواري عن الأنظار استسلاما لتأويلات متعسفة للدين تجعل المرأة خلف الستار دائما.

لكن جينفر لم تستسلم، واستمرت بعد فترة توقف في مسيرتها الفنية، وأرسلت للعالم رسالة يبدو أنها أفضل ما يمكن مشاركته بمناسبة اليوم العالمي للمرأة تقول فيها لبنات حواء: إن “العالم لم يعد في حاجة لمزيد من النساء اللواتي يعشن في الظل، مستعر ات من كينونتهن ووجودهن”.

وفي الرسالة ذاتها، تتساءل جينفر التي يحدوها حلم أثير يقوم على تأسيس فرقة طربية تجوب بها أنحاء العالم، “هل خلق الله لنا قلوبنا المشرقة حتى نختار طريق الظلام والمعاناة خلف الأبواب المغلقة؟ (..) لا مشكل في التواري إلى الخلف عندما يكون ذلك ضروريا للتأمل وتحقيق التوازن، لكن انثرن النور الذي وهب الله لكن على هذا العالم الذي يبدو أنه يموت”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.