عمالقة “وول ستريت” والتكنولوجيا يصمدون في وجه صدمة الجائحة

0

نوفل النهاري: أبانت البنوك الاستثمارية الأمريكية الكبرى، وكذا شركات التكنولوجيا المدرجة في بورصة (وول ستريت)، عن متانتها خلال سنة 2020 في مواجهة أزمة كوفيد-19، التي قلبت العالم رأسا على عقب، بالنظر إلى تداعياتها على الاقتصاد الأمريكي التي تضاهي انعكاسات كساد سنة 1929.

وهكذا، يبدو أن عمالقة (وول ستريت)، على غرار (JPMorgan)، و (Goldman Sachs)، و(Morgan Stanley)، يقاومون تأثير الجائحة على نحو جيد، مع الإعلان عن تحقيق نتائج مرتفعة، مما يضع حدا للمخاوف من حدوث أزمة جديدة في القطاع المالي.

وفي أكتوبر المنصرم، أعلنت البنوك الثلاثة عن زيادة الإيرادات بأكثر من 20 في المائة خلال الربع الثالث من سنة 2020، حيث أظهرت أحدث النتائج الصادرة عن (Morgan Stanley) أن أرباحها قفزت بنسبة 25 في المائة مقارنة بالسنة الماضية إلى 2,72 مليار دولار، وزيادة بنسبة 16 بالمائة في الإيرادات التي ارتفعت إلى 11,7 مليار دولار.

ويتوقع المحللون أنه حتى بعد النتائج المتواضعة التي أعلن عنها (بنك أوف أمريكا) و(ويلز فارغو) أوائل الخريف، فإن أكبر خمسة بنوك استثمارية في أمريكا تتجه نحو تحقيق 100 مليار دولار من عائدات التجارة هذه السنة.

وقد حققت هذه المؤسسات المالية بالفعل ما يقرب من 84 مليار دولار، أي أكثر من أي سنة كاملة أخرى منذ سنة 2010.

كما أعلن بنك (غولدمان ساكس) عن نتائج تظهر أن أرباح الربع الثالث تضاعفت تقريبا، على عكس التوقعات.

وعلى المنوال ذاته، تمكنت شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبيرة، هي الأخرى، من القيام بعمل جيد، حتى إبان ذروة الوباء.

وفي هذا الصدد، تم تداول الأسهم المدرجة في بورصة (نازداك)، ثاني سوق للأوراق المالية الأمريكية التي تضم غالبية كبرى من شركات تكنولوجيا، عند مستويات عالية منذ بداية الأزمة الصحية في مارس الماضي بالولايات المتحدة، وهو مؤشر جديد على متانة عمالقة (السيليكون فالي). ويراهن المستثمرون أكثر بصفة متزايدة على أن هذه الشركات ستخرج أقوى من الأزمة الناجمة عن كوفيد-19.

وفي هذا الإطار، أشار يوسف الصقلي، أحد أفضل المحللين الماليين في بورصة (وول ستريت)، إلى أن “الشركات من قبيل (آبل) و (مايكروسفت) و(أمازون) و (غوغل) و(ألفابيت) و(فايسبوك)، تمثل ركائز صناعة التكنولوجيا الأمريكية”.

وأوضح الصقلي، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن “الوباء أجبر المستهلكين على البقاء في منازلهم، ما اضطرهم إلى الاستهلاك عن بعد عبر منصات مثل (أمازون). بالإضافة إلى ذلك، ومع مكوث الأشخاص في منازلهم وتعذر التواصل مع الأقارب، بدت الحاجة الملحة إلى التواصل عبر شبكات (فايسبوك)و (واتساب) و(سناب شات) و(تويتر)”.

وبحسب قوله، فإن المستثمرين الذين تنبؤوا بهذا الأمر اغتنموا الفرصة بشراء الأسهم، الآمنة نسبيا، إبان ذروة الأزمة في نهاية مارس وأبريل الماضيين. وقال المحلل المغربي “اليوم نواصل التشجيع على هذه الأسهم على المدى الطويل مع تسليط الضوء على المخاطر المتزايدة للتقلبات قصيرة المدى”.

علاوة على ذلك، ذكر الصقلي بأن الأزمة الحالية هي أزمة صحية في الأساس وليست مالية أو اقتصادية. “لقد فرضت دول العالم الإغلاق شبه الكامل على اقتصاداتها، وأبطأت أنشطتها الاقتصادية، بينما كانت اقتصادات الدول الصناعية صامدة حتى بداية شهر مارس (باستثناء الصين)”.

غير أن هذه الأزمة ستفضي في النهاية إلى اختفاء صناعات معينة أو تغيرها هيكليا، كما هو الحال في البيع بالتقسيط.

من ناحية أخرى، يتوقع الخبير المغربي الذي يشغل أيضا منصب المدير العام لأبحاث الأسهم في (SunTrust)، سادس أكبر بنك في الولايات المتحدة، أن جوانب اقتصادية أخرى ستستفيد من هذا الاضطراب.

ومضى الصقلي قائلا “من الواضح أن الأزمات الاقتصادية تخلق فرصا للابتكار. لقد رأينا ذلك غداة أزمتي سنتي 2001 و2008، وأعتقد أن هذا الأمر سيتكرر بعد الأزمة الحالية”، مضيفا أنه “تم إنشاء (فايسبوك) و(تويتر) سنتي 2004 و 2006 تواليا، و(سناب شات) سنة 2011 (…) وصولا إلى (زوم)، التي لم يمض على إنشائها عشر سنوات (2011)، وباتت اليوم أحد المستفيدين الرئيسيين من الأزمة الحالية”.

وبخصوص التطورات الراهنة، يضيف الخبير المالي، يتعلق الأمر بابتكارات مثيرة للغاية في مجالات التطبيب عن بعد، والتعليم عن بعد والبرامج التعاونية، التي تمكن الموظفين من العمل عن بعد على نحو متناسق.

واختتم بالقول”ما أجده مثيرا للاهتمام هو أن أدوات العمل هاته متاحة بأسعار مخفضة للغاية، إن لم تكن مجانية، مما يجعلها، ليس في متناول الشركات الكبرى فقط، بل المتوسطة والصغرى أيضا، حيث تعد الأخيرة الأكثر مبادرة للابتكار. إن إمكانية الولوج هاته ينبغي أن تتيح لهذه الشركات الفتية أن تكون أكثر دينامية وابتكارا وانفتاحا على العالم”.

الحدث. و م ع

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.