سعد أبو الدهاج: باحتضانها لعدة تمثيليات قنصلية إفريقية، أكدت مدينة الداخلة، حاضرة إقليم وادي الذهب والوجهة السياحية والرياضية الدولية المتميزة، تجندها وانخراطها التام خدمة لقضية الوحدة الترابية للمملكة وتعزيز التعاون مع بلدان القارة الإفريقية.
فبعد أشهر معدودات على فوزها بجائزة المدينة الرياضية الأورو-متوسطية 2020 وحصولها على عضوية النادي الدولي “أجمل الخلجان في العالم”، أبت مدينة الداخلة، لؤلؤة الجنوب المغربي، إلا أن تكرس توهجها الدولي لتبصم على حضور دبلوماسي متميز يخدم القضية الوطنية ويوطد أسس الشراكة مع الجوار الإفريقي.
وهكذا، تحولت الداخلة، التي تمثل فضاء طبيعيا فريدا يمزج بين رمال الصحراء وزرقة البحر وروعة الخليج، ويحتضن العديد من الأحداث والتظاهرة الدولية والقارية الكبرى، إلى جسر للدبلوماسية والدعم السياسي دفاعا عن ملف الوحدة الترابية للمملكة، مستفيدة في ذلك من موقعها كبوابة للمغرب نحو عمقه الإفريقي.
وباحتضانها لأربع قنصليات إفريقية في ظرف شهرين، تبدو مدينة الداخلة اليوم عازمة على المضي قدما نحو الانخراط أكثر في هذه المبادرات الدبلوماسية، التي تمثل دعما رسميا صريحا من بلدان إفريقية لمغربية الصحراء وللمقترح المغربي الجاد للحكم الذاتي كحل سياسي وواقعي للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
ويتعلق الأمر بكل من القنصلية العامة لغامبيا التي افتتحت في سابع يناير الماضي، والقنصلية العامة لغينيا التي شرعت في تقديم خدماتها في 17 من نفس الشهر، والقنصلية العامة لجيبوتي التي افتتحت في 28 فبراير المنصرم، بالإضافة إلى القنصلية العامة لليبيريا التي افتتحت في 12 مارس الماضي.
وتعكس هذه المبادرات جدية وعدالة ومشروعية الموقف المغربي تجاه قضية الصحراء، كما تمثل نجاحا دبلوماسيا لافتا في خدمة القضية الوطنية الأولى، مما يؤكد أن هذه الأخيرة تحظى بتأييد دولي كبير، خاصة من طرف بلدان القارة الإفريقية.
كما يشكل هذا الحدث، الذي يأتي ثمرة لنجاح الدبلوماسية الملكية والرسمية والموازية، لحظة تاريخية تعزز الروابط التاريخية للمغرب مع عمقه الإفريقي، على اعتبار أن مدينة الداخلة، والأقاليم الجنوبية عموما، هي البوابة الاستراتيجية للمملكة نحو القارة الإفريقية.
وبالإضافة إلى رمزيته السياسية والقانونية والدبلوماسية، سيمكن فتح هذه التمثيليات القنصلية من تعزيز آليات التفاعل مع الجاليات الإفريقية المقيمة في جهة الداخلة – وادي الذهب، وكذا تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية والثقافية، ودعم حضور الطلبة الأفارقة في مؤسسات التعليم والتكوين بالجهة.
وفي هذا السياق، تتطلع الداخلة إلى الاضطلاع بدورها كاملا في تعزيز التعاون جنوب – جنوب في كل أبعاده، لمواجهة التحديات وكسب الرهانات التي تقتضيها التكتلات الاقتصادية لعالم اليوم، تعزيزا لفرص التنمية، وجلب الاستثمار ودعم تقدم القارة الإفريقية وأمنها واستقرارها، تنفيذا للرؤية الملكية السديدة في هذا الإطار.
ومن خلال المؤهلات التي تزخر بها والموقع الجيو-استراتيجي الذي تحظى به والمؤتمرات والتظاهرات الدولية التي تحتضنها، تسعى الداخلة إلى أن تتموقع كفضاء للحوار والنقاش وتبادل الخبرات والتجارب بشأن تعزيز العلاقات السوسيو-اقتصادية للمملكة مع بقية بلدان العالم، لاسيما الأشقاء الأفارقة، وكذا دعم سبل النهوض بالتعاون والشراكة في المجالات ذات الاهتمام المشترك.
وفي هذا الإطار، تعمل الجامعة المفتوحة للداخلة سنويا، من خلال ملتقياتها الدولية المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، على تنظيم جلسات وورشات لبحث ومناقشة مواضيع تهم القضايا الراهنة المرتبطة بالتنمية في إفريقيا، والإشكاليات الكبرى التي تعترض مسار تقدم القارة، فضلا عن قضايا وآفاق الاندماج الاقتصادي بين البلدان الإفريقية وغيرها.
وتسعى هذه الندوات الدولية إلى إيجاد الحلول الكفيلة بتقوية وتأهيل وتثمين الرأسمال البشري والمؤسسي والاجتماعي في إفريقيا، باعتباره دعامة أساسية لرفع التحديات المستقبلية أمام بلدان القارة، إن على صعيد التربية أو الصحة أو الحماية الاجتماعية أو البطالة وغيرها.
ويتزايد الاهتمام من دول عديدة لفتح تمثيلياتها بالأقاليم الجنوبية للمملكة، كتعبير منها، بشكل قانوني ودبلوماسي، على دعم ومساندة مغربية الصحراء، حيث من المتوقع فتح قنصليات أخرى بالداخلة والعيون من قبل بلدان إفريقية وغير إفريقية صديقة.
وشهدت الداخلة، خلال السنوات الأخيرة، طفرة سياحية كبرى ارتكزت، بالخصوص، على السياحة الرياضية (الرياضات المائية التي جعلت منها إحدى المحطات الكبرى على الصعيد الدولي)، والسياحة الاستكشافية (الرحلات الصحراوية)، والسياحة البيئية (المناطق الرطبة كخليج الداخلة)، مما جعل المدينة قبلة دولية لمؤتمرات وتظاهرات ومنافسات دولية من مستوى عال في مختلف المجالات.