دحض سفير المغرب بجنوب إفريقيا يوسف العمراني، على القناة الجنوب – إفريقية نيوزروم أفريكا، الأطروحات المغرضة لانفصاليي “بوليساريو” ورعاتهم، مبرزا المسعى الحميد الذي يبذله المغرب في سبيل بناء إفريقيا مزدهرة وسلمية.
وكان العمراني يتحدث في حوار لهذه القناة، وهي ثالث أهم قناة في جنوب إفريقيا وخارجها على امتداد الجنوب الإفريقي برمته.
وفضح السفير، خلال المقابلة التي تواصلت على مدار ساعة، كل الإدعاءات التي توظفها الطغمة الانفصالية وأعوانها من أجل الحفاظ على الوضع غير المقبول الذي يسود في مخميات تندوف (جنوب غرب الجزائر) حيث يحتجز، قسرا وضد إرادتهم، مواطنون صحراويون مغاربة على التراب الجزائري.
وبالاستناد إلى منطق استدلالي يرتكز على المنطق والوقائع الملموسة، استطرد الدبلوماسي متوقفا عند الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي يقترفها انفصاليو “بوليساريو” في مخيمات تندوف، لا سيما الحق في التعبير وتكوين الجمعيات وحرية التنقل.
وقال إن دخول منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان إلى المخيمات يخضع لقيود مشددة، مضيفا أن الجزائر، التي تحتضن المخيمات على أراضيها وانفصاليي “بوليساريو” يرفضون بشكل ممهنج القيام بإحصاء الساكنة المحتجزة في المخيمات.
وأضاف أنه لحدود اليوم، تشير المنظمات الدولية إلى تحويل المساعدات الإنسانية والغذائية الموجهة للساكنة المحتجزة، مؤكدا أنه حان الوقت لكي تطلب المجموعة الدولية أجوبة صريحة عن أسئلة تطرح بشأن عدد الأشخاص المحتجزين في المخيمات، وعن إرادة هذه الساكنة، وعن المساعدات الإنسانية التي يجري تحويلها.
وذكر العمراني أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لم يفتأ منذ 2011 يدعو إلى إحصاء لهذه الساكنة المحتجزة، متسائلا بشأن النوايا والغايات الحقيقية للانفصاليين ورعاتهم من وراء إخفاء الوضع الكارثي السائد بتندوف.
ولفت السفير إلى أن مسؤولية الجزائر عن الوضع الإنساني المتردي في مخيمات تندوف واضحة وثابتة.
من جهة أخرى، لم يفت الدبلوماسي أن يبرز النهضة الاقتصادية الكبيرة بالأقاليم الجنوبية حيث جرى إرساء استثمارات هامة لإنجاز مشاريع مهيكلة (البنيات التحتية الأساسية والطرق والمطارات والموانئ وما إلى ذلك) في أجواء من الحرية السياسية التي تضمن للساكنة المحلية، شأن باقي الأقاليم الأخرى للمملكة، التمتع الكامل بحقوقهم المشروعة.
وأشار العمراني، من جانب آخر، إلى أن حالة الفوضى والإحباط التي تتخبط فيها مخيمات تندوف تنطوي على العديد من المخاطر بالنسبة للمنطقة بأسرها.
وقال إن أوضاعا صعبة من هذه الشاكلة يتم استغلالها من طرف مجموعات متطرفة وإرهابية، منبها إلى الوضع الأمني الهش في المساحات الشاسعة للساحل.
وأضاف أنه لا أحد بمنأى عن هذه التهديدات، مبرزا جهود المغرب المقدرة، بوصفه فاعلا أساسيا، لمواجهة التهديدات التي تطال السلام والاستقرار والأمن بالمنطقة. يتعلق الأمر باستراتيجية مستندة، بشكل رئيسي، على التفكيك الحكيم والذكي للخطاب المتطرف بالارتكاز على خطاب أصيل يستلهم الحوار واحترام الحق في الاختلاف والعيش المشترك.
وتابع أن التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية تعد كذلك ركيزة هامة للمقاربة الفعالة للمملكة في هذا المجال.
وبالعودة إلى العلاقات بين المغرب وجنوب إفريقيا، أبرز الدبلوماسي الحاجة إلى تعميق الحوار مع جنوب إفريقيا على الصعيد الثنائي وفي إطار الاتحاد الإفريقي.
وذكر بأن جنوب إفريقيا تتولى حاليا رئاسة الاتحاد الإفريقي، مشيرا إلى أن المغرب يوجد في وضع جيد ليقدم إسهاما قيما لانبثاق إفريقيا سلمية ومزدهرة. يتعلق الأمر، بحسب الدبلوماسي، بأولوية في سياق السياسة الخارجية للمغرب.
وأضاف أن ثمة إمكانيات واسعة متاحة للشراكة المغربية – الجنوب إفريقية، لافتا إلى الأشواط البعيدة التي قطعتها شركات مغربية في العديد من القطاعات ذات القيمة المضافة بإفريقيا، بما في ذلك الاتصالات والخدمات المالية.
وتمنح منطقة التبادل الحر القارية الإفريقية، التي تحظى بالأولوية خلال فترة رئاسة جنوب إفريقيا للاتحاد الإفريقي، الفرصة لتثمين مؤهلات إفريقيا بغية النهوض بالتبادلات التجارية وإحداث فرص الشغل للأجيال الإفريقية الصاعدة التي سئمت إيديولوجيات زمن ولى، ومضت معه أسباب بقاء هذه الإيديولوجيات في عالم اليوم.
و”هنا تكمن رؤية المغرب بالنسبة لإفريقيا”، يقول العمراني، مشيرا إلى أن المغرب ماض في جهوده الرامية إلى الإسهام في انبثاق إفريقيا جديدة، قائمة على أساس متين.
وقال إن المغرب لم ينتظر الربيع العربي للسير قدما على درب التغيير بفضل ريادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، مذكرا بورش الإصلاح الكبير الذي تم إطلاقه، تحت قيادة صاحب الجلالة، في كافة الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وخلص العمراني إلى التأكيد أنه “في العالم الراهن، ليس ثمة مكان للدول المتداعية. مستقبل إفريقيا يعتمد على التكامل الإقليمي. والسؤال الأهم الذي بات يطرح على البلدان الإفريقية يعنى أساسا بكيفية حفز النمو الاقتصادي وإحداث فرص الشغل”.