وقال صاحب السمو الأمير ألبرت الثاني، أمير موناكو، في كلمة خلال الدورة الثانية لقمة إفريقيا الزرقاء، المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، إن مصير إفريقيا، مثل مصير الكوكب بأسره، يرتبط ارتباطا وثيقا بمصير البحار والمحيطات، داعيا إلى اتخاذ إجراءات ملموسة لمواجهة التحديات المرتبطة بالمحيطات وحماية البحار.
وشدد أمير موناكو على أن “البحار هي في الواقع في صلب التحديات الكبرى لمستقبلنا”، موضحا أننا نتحدث عن النظم البيئية الساحلية لزنجبار، والشواطئ الممتدة في المغرب، وقوارب الصيد التي توفر الغذاء لسكان المناطق الساحلية في السنغال أو غامبيا، أو حتى السفن التي تغادر ميناء أبيدجان محملة بالفواكه أو الكاكاو.
وأبرز أمير موناكو أن “مستقبل إفريقيا يهم البشرية جمعاء، ومستقبل موارد المحيطات الإفريقية يحدد جزءا كبيرا من مستقبل كوكبنا”، مضيفا “خارج إفريقيا، يحتاج الاقتصاد الأزرق بأكمله إلى التمويل، ولهذا السبب أطلقت مؤسستي العديد من المبادرات التي تهدف إلى تعبئة وتوجيه الصناديق الخضراء للاستثمارات المستدامة”.
وأشار الأمير ألبرت الثاني إلى أن “منصة مبتكري المحيطات (Ocean Innovators Platform) تجمع بين العلماء ورجال الأعمال والمانحين لتقديم خبرة قوية للعديد من المشاريع التي فرضها تطور الاقتصاد الأزرق، ويعمل صندوق (ReOcean) على تعبئة 100 مليون يورو لتمويل مشاريع البحار وضمان مستقبلها، مذكرا بأن إمارة موناكو ستستضيف “منتدى الاقتصاد الأزرق والتمويل” في شهر يونيو المقبل، والذي سيسبق انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات (UNOC-3)، الذي ستحتضنه مدينة نيس الفرنسية.
وقال أمير موناكو: “آمل أن تسمح لنا هذه التعبئة بإعطاء الاقتصاد الأزرق الأهمية التي ينبغي أن يحظى بها في إفريقيا، كما في أي مكان آخر، لأنه بهذه الطريقة فقط نحافظ على محيطاتنا وكوكبنا”.
علاوة على ذلك، أكد صاحب السمو الأمير ألبرت الثاني أنه “لدينا اليوم إجابات فعالة، قادرة على ضمان تنمية الساكنة المحلية دون المساس بمستقبل بيئتهم”، مضيفا أن “هذه الإجابات الناجعة تستحضر الحياة اليومية للناس ومستقبل كوكبنا ومناخه وتنوعه البيولوجي”.
وأكد أمير موناكو أنه عاين، سنة بعد سنة، فعالية هذه الحلول في البحر الأبيض المتوسط وفي جميع أنحاء العالم، معتبرا أن “الإجراءات الحازمة تنجح في عكس مجرى الأمور”.
وفي هذا السياق، قدم الأمير ألبرت الثاني ثلاثة أمثلة، أولها صيد الأسماك “لإطعام كوكب يتزايد سكانه مع الوقت، وبالتالي لن تكون الموارد البرية كافية، وهذا يعني ضرورة التوقف عن دعم ممارسات الصيد التي تدمر البيئة، مثل الصيد بشباك الجر في المياه العميقة، وتحديد المناطق المحظورة اللازمة لتجديد المخزون والحفاظ على الكائنات البحرية، وبشكل عام تشجيع الممارسات المحترمة للبيئة.
وأشار أمير موناكو إلى مثال آخر يخص السياحة، حيث يتعلق الأمر بالتوفيق بين الزمن القصير للفاعلين والزمن الطويل للموارد، موضحا أن تدهور النظم البيئية، تحت تأثير السياحة غير الخاضعة للرقابة، يهدد هذا القطاع على المدى القصير، وعلى العكس من ذلك، فإن تطوير الأنشطة الصديقة للبيئة يحظى بشعبية متزايدة لدى السياح، الذين يدركون قضايا ورهانات الحفاظ على البيئة.
وكمثال ثالث، أشار أمير موناكو إلى المناطق البحرية المحمية، التي توفر إطارا مناسبا بشكل خاص لتطوير الأنشطة المستدامة التي تحترم البيئات الطبيعية، مشددا على أن منافعها معروفة ومثبتة، ولها فوائد لضمان وحماية التنوع البيولوجي مع دعم كثافة وتنوع وحجم الحيوانات المعنية، ولها فوائد تعود على المناخ بالنفع، لأن السلامة الجيدة للنظم الإيكولوجية البحرية تسمح للمحيطات بلعب دورها في التخفيف من تغير المناخ، والفوائد التي تعود على السكان المعنيين مع ضمان النمو المستدام.
وقال إنه “من الضروري أن يدرك الفاعلون الاقتصاديون أهمية هذه القضايا وهذه الحلول، وأن يفهموا أن الاستغلال غير المعقول والمدمر للموارد لا يمكن أن يكون أبدا مصدرا للنمو العالمي والمستدام، وأن يسخروا مواردهم وابتكاراتهم وإبداعهم في خدمة نموذج يضمن حقا مستقبل المحيطات، وبالتالي مستقبلنا”.
وتعتبر قمة إفريقيا الزرقاء 2024، المنظمة بمبادرة من أكاديمية المملكة المغربية بشراكة مع المنتدى العالمي للبحر وجمعية الموسم الأزرق، مرحلة تحضيرية أساسية في أفق انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات (UNOC-3) العام المقبل. وتمكن القمة من إرساء أساس متين للمساهمات الإفريقية وتحديد الأولويات الإقليمية التي سيتم التعبير عنها على الصعيد الدولي.
الحدث:وم ع