رغم أن البدايات كانت متواضعة بسبب الأسعار المرتفعة وندرة البنية التحتية، إلا أن سنة 2020 شكلت نقطة تحول حقيقية. بفضل حماس أوائل المستخدمين والحوافز المالية، ارتفعت مبيعات السيارات الكهربائية بشكل كبير في فرنسا.
ووفقا ل”منصة السيارات الفرنسية”، التي تجمع فاعلي قطاع السيارات في البلاد، قفزت المبيعات من 185 ألف و499 سيارة في عام 2020 إلى 491 ألف و866 في عام 2023. ولتسريع التحول نحو تنقل أكثر استدامة، وضعت الحكومة الفرنسية العديد من التدابير التحفيزية، مثل مكافآت الشراء، المساعدات على التأجير، القروض منخفضة الفائدة، والتوسع الكبير في البنية التحتية للشحن. في هذا الصدد، يقول حمزة زيدان، المسؤول عن الأعمال في مجال التنقل الكهربائي لدى (إيكانس فرنسا)، الفاعل الدولي في قطاع الطاقة والخدمات، إن “السيارات الكهربائية تمثل اليوم حوالي 15 بالمائة من مبيعات السيارات الجديدة في فرنسا، مدعومة بكل من زيادة الوعي البيئي والسياسات العامة والحوافز المالية، والقوانين الأكثر صرامة بشأن الانبعاثات المتعلقة بالنقل، مثل الهدف الأوروبي بحظر بيع السيارات الجديدة بمحركات حرارية بحلول عام 2035”.
وأضاف الخبير، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذا المناخ يشجع على نشر التنقل الكهربائي، وكل التوقعات تؤكد استمرارية هذا الاتجاه الإيجابي. وأشار إلى أن “البنية التحتية للشحن تتوسع، مع أكثر من مليون نقطة شحن منتشرة في فرنسا، منها حوالي 150 ألف مفتوحة للجمهور، مع التزام الحكومة بالوصول إلى 7 ملايين نقطة شحن بحلول عام 2030”.
وتوقف المتحدث عند الابتكارات في تكنولوجيا البطاريات، مثل “بطاريات الحالة الصلبة”، التي تعد بمدى أطول وزمن شحن أسرع، مؤكدا أن هذه التطورات، جنبا إلى جنب مع زيادة عدد نماذج السيارات الكهربائية التي تقدمها الشركات المصنعة، تظهر أن التنقل الكهربائي في فرنسا يوجد في توجه تصاعدي.
ومع ذلك، لا تزال هناك عقبات عدة. ووفقا للخبراء، يظل سعر شراء السيارة الكهربائية عقبة أمام العديد من الأسر، رغم أن الأسعار بدأت في الانخفاض.
وأوضح حمزة زيدان أنه “رغم انخفاض أسعار السيارات الكهربائية، إلا أنها لا تزال مرتفعة نسبيا مقارنة بالسيارات التقليدية. ورغم أن الدعم والتحفيزات تساعد، إلا أنه يجب أن يستمر انخفاض التكلفة الإجمالية لامتلاك السيارة الكهربائية لجذب الجمهور العام”.
وأضاف أن المناطق القروية في فرنسا تعاني من نقص في خدمات الشحن، قائلا: “رغم توسع البنية التحتية للشحن، إلا أن توزيعها لا يزال غير متساو”.
وفي السياق ذاته، لدعم هذا التغيير وتشجيع اعتماد السيارات الكهربائية على نطاق واسع، تخطط المفوضية الأوروبية للبنية التحتية للوقود البديل لتركيب نقاط شحن سريع كل 60 كيلومترا على الطرق السريعة الرئيسية، بهدف الوصول إلى مليون محطة بحلول عام 2025 و3,5 مليون بحلول عام 2030.
ويستعد المصنعون الأوروبيون أيضا لهذا التحول، ويرجع ذلك جزئيا إلى الضغوط التنظيمية الأوروبية. وتفرض بروكسيل تقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 55 بالمائة بحلول عام 2030، مع فرض غرامات كبيرة على الشركات المصنعة التي لا تلتزم بهذه الحدود.
ومن المتوقع أن يلعب دخول نماذج منخفضة التكلفة، وخاصة الآسيوية منها، دورا حاسما في تعزيز انتشار السيارات الكهربائية، مما يسمح للأسر ذات الدخل المحدود بالمشاركة في هذه الثورة، وفقا للمتخصصين.
وفي السياق الأوروبي، أشار حمزة زيدان إلى أن “المنافسة من قبل الشركات الصينية تعد سلاحا ذا حدين. من ناحية، هي تحفز السوق بجعل السيارات الكهربائية أكثر توفرا بفضل الأسعار المنخفضة (…) لكن هذه المنافسة تطرح تحديات كبيرة للشركات المصنعة الفرنسية والأوروبية، حيث يتعين عليها التنافس ليس فقط على مستوى الأسعار، ولكن أيضا على مستوى الابتكار التكنولوجي والجودة’.
وتسعى أوروبا إلى الحد من اعتمادها على الموردين الأجانب للمكونات الأساسية مثل البطاريات. ولهذا، يشجع الاتحاد الأوروبي مبادرات مثل “المصانع العملاقة” لتطوير إنتاج محلي للبطاريات. وقد تم افتتاح أول مصنع عملاق فرنسي مخصص لتصنيع البطاريات منذ أكثر من عام في إقليم “با دو كاليه” (شمال غرب).
كما يدرس الاتحاد الأوروبي تدابير تنظيمية لضمان منافسة عادلة. والتحدي أمام الشركات المصنعة الفرنسية والأوروبية لا يكمن في المنافسة على الأسعار فحسب، ولكن أيضا التركيز على الجودة ومعايير الأمان واستدامة منتجاتها.