أكد نور الدين بلحداد، الأستاذ الباحث بمعهد الدراسات الإفريقية التابع لجامعة محمد الخامس، أن المسيرة الخضراء المظفرة تجسد المقاربة السلمية التي ما فتئ ينهجها المغرب من أجل تسوية قضية الصحراء المغربية.
وأوضح السيد بلحداد في حديث خص به وكالة المغرب العربي للأنباء، بمناسبة تخليد الذكرى الـ 46 للمسيرة الخضراء، أن هذه المقاربة السلمية ما زالت حاضرة اليوم في جهود المغرب من أجل إيجاد حل لقضية الصحراء، مشيرا في هذا الصدد إلى مقترح الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية للمملكة، تحت السيادة المغربية.
و وصف السيد بلحداد، حدث المسيرة الخضراء ب “معجزة القرن العشرين، وبمسيرة الوحدة، والتشبث بأهداب مقدسات الوطن”.
وأضاف أن “العالم أجمع، تابع بانبهار كبير، تلك المسيرة الوحدوية والنهضوية التي تكللت باسترجاع جزء غال من هذا الوطن، دون إراقة قطرة دم واحدة”، مشيرا إلى أن السلاح الأوحد للمشاركين في هذه الملحمة كان كتاب الله والعلم الوطني.
وشدد الباحث على ضرورة استحضار هذا الدرس الفريد، كي يستنبط منه أبناء هذا الجيل العبر، ويعلموا أن هذا الحدث الوطني الملهم كان محكا مفصليا ونقطة تحول وحدثا في غاية الأهمية في تاريخ المغرب الحديث، أفضى إلى تحقيق نصر عزيز، وعودة الأقاليم الجنوبية للمملكة إلى حضيرة الوطن.
فحدث المسيرة الخضراء، يقول السيد بلحداد، “باعث فخر واعتزاز، وسيبقى منقوشا في الذاكرة الجماعية للمغاربة بمداد من ذهب، ليكون درسا بليغا في الوطنية والمواطنة الصادقة”.
وأبرز الأكاديمي أن فكرة جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني كانت “رائدة”، حيث فضل أسلوب السلم على منطق الحرب، سالكا طريق المفاوضات السلمية الرصينة والهادئة، إذ دخل المغرب المحافل الدولية بكل عزم وثبات وعرض قضيته الوطنية على أنظار قضاة وفقهاء القانون الدولي، الذين اعتبروا أن الصحراء لم تكن أرضا خلاء وأن ساكنتها منحت على الدوام بيعتها لملوك المغرب.
وذكر الخبير في القضايا الإفريقية بأن المغرب، بشهادة الجميع، كان على الدوام يفتح ذراعيه للسلم والمسالمة، حيث دأب المغاربة على مر العصور على فض نزاعاتهم مع الآخر بالطرق السلمية، مبرزا أن المغرب شارك في استتباب السلم والأمن في مختلف مناطق العالم وخاصة في إفريقيا.
وأضاف أن المغرب مازال يعتمد دبلوماسية رصينة تخاطب العقل والمستقبل بحكمة، حيث يدافع عن قضيته الوطنية في المحافل الدولية بشكل جدي وبطروحات ذات مصداقية، بعيدا عن “التشنج والترهات والأكاذيب”.
وأبرز أن مقترح الحكم الذاتي صار واقعا لا غبار عليه باعتراف وتثمين دولي، مشيرا إلى أن المغرب “بدأ يجني ثمار ما زرعه من بذور السلم، ويتجلى ذلك في اعتراف مجموعة من الدول بسيادته على صحرائه، وفتح العديد من التمثيليات الدبلوماسية بالأقاليم الجنوبية للمملكة.
ومن جهة أخرى، أكد الباحث أن المسيرة الخضراء المظفرة تلتها مسيرة من النماء والبناء حيث شهدت الأقاليم الجنوبية ميلاد عدد من المشاريع التنموية، بوأتها اليوم مكانة اقتصادية مهمة بين باقي جهات المغرب.
وأشار السيد بلحداد على الخصوص إلى النموذج التنموي الخاص بالأقاليم الجنوبية للمملكة، والذي يروم تعزيز البنيات التحتية، وتحفيز الاستثمار الخاص، ودعم مشاريع التنمية البشرية والاجتماعية، وتثمين الموارد الطبيعية للمنطقة، مبرزا أن ميناء الداخلة الأطلسي يعد واجهة بحرية للتكامل الاقتصادي، والإشعاع القاري والدولي.
وأضاف المتحدث، أن هذه المشاريع ستحول جهة الصحراء إلى قطب جاذب للاستثمار، ووجهة سياحية كبرى بالنظر للمؤهلات الطبيعية التي تزخر بها.
و م ع/هـ