Site icon الحدث جريدة ا خبارية

محسن عطاف عطاء لا ينضب في رياضة الجيدو

نادية الأحمر: عشق لرياضة الجيدو لا ينضب ولياقة بدنية عالية تتحكم في مفاتيح فنيات الفنون القتالية جعلت البطل المغربي محسن عطاف مصدر إلهام الشباب الرياضي ومحل تقدير منافسيه على الحلبة، في فئة أقل من 100 كلغ، سواء في ماليزيا، بلد الإقامة، أو خارجها.

يعود عشق البطل المغربي، الذي حاز العديد من الألقاب الدولية، لرياضات الفنون القتالية إلى سن مبكرة، حيث ورث شغف هذا النوع الرياضي من والده عبد القادر عطاف، حكم الجيدو الوطني والإفريقي الشهير الذي يحمل حزاما أسود من الدرجة الرابعة في نفس الرياضة.

وقال محسن عطاف في، حوار مع وكالة المغرب العربي للأنباء، “كان والدي مثلي الأعلى، رأيت فيه بطلا حقيقيا. فبالإضافة إلى دوره كرب أسرة، والذي أداه باقتدار ، كان حبه غير المشروط للرياضة وتحديدا للجيدو مصدر إلهام لي. وسأشعر دوما بأنني مدين له بذلك” .

واعترف لاعب الجيدو المغربي بأنه كان، خلال طفولته، معجبا بالممثلين بروس لي وجاكي شان، متذكرا الساعات الطويلة التي قضاها، دون ملل، أمام التلفزيون لمشاهدة أفلامهما التي كانت تبث عبر أشرطة الفيديو.

وأضاف عطاف، الذي ينحدر من مدينة القنيطرة، أنه كان “يميل لرياضة الجيدو من بين مختلف رياضات الفنون القتالية على الرغم من بداياتي في الكاراتي”، مبرزا أن هذه الرياضة تتيح التحكم الجيد في تقنيات الدفاع عن النفس بالإعتماد على اللياقة البدنية والروح القتالية.

وأوضح البطل المغربي، الذي فضل الاستقرار في كولالمبور منذ أكثر من سبع سنوات، أنه “اختار الجيدو لأنها رياضة متكاملة تتضمن الجوانب الفنية والتقنية والسلوك الإنضباطي”، مشيرا إلى أن شقيقه الأصغر صفوان عطاف، الذي اختار نفس المجال الرياضي، توج بطلا للمغرب وإفريقيا في الجيدو لعدة سنوات، في فئة أقل من 81 كلغ.

وتابع “عندما قرر أخي صفوان مواصلة مسيرته الرياضية في المغرب، اتخذت خيار الاغتراب في القارة الآسيوية، مهد الفنون القتالية، وتحديدا في ماليزيا”، معربا عن تقديره العميق لمدربيه اليابانيين للجيدو، تاكاهاشي ماسانوري وجونجي كاشيواغي، والبرازيليين روبنز كارلوس دي أوليفيرا وأباريسيدو كوجي ساتو، المتخصصين في رياضة جيو جيتسو البرازيلية.

وبما أن النجاح والتفوق ثمار وتعب كل مجتهد، لم يتأخر محسن عطاف في جني ثمار الليالي الطويلة التي قضاها في التداريب المكثفة، حيث فاز البطل المغربي بعدة ألقاب كان آخرها، في دجنبر 2019، ميدالية ذهبية في “بطولة بورنيو المفتوحة للجيدو” التي أقيمت في مدينة سانداكان بولاية صباح بماليزيا.

وأحرز البطل المغربي على هذه البطولة بعد فوزه ثلاث مرات بحركة “إيبون” على اثنين من المنافسين الصينيين وآخر من بروناي.

وكان محسن عطاف قد نال الميدالية الفضية، الأحد الماضي، في بطولة كوالالمبور المفتوحة (جيو جيتسو البرازيلية) التي أقيمت للمرة الاولى في العاصمة الماليزية.

كما ضم عطاف، وهو أحد المعجبين بأسطورة الجيدو الياباني، كوسي إينو، الى رصيده حزام بطل تقنية “الغرابلين” في الجيدو ، الذي يحتفظ به منذ عام 2017.

وعبر، في هذا الصدد، عن اعتزازه بهذا الإنجاز في هذا الفن القتالي الذي “يتطلب إتقانا جيدا لفنيات السيطرة على الخصم وشل حركته “، مشيرا إلى أن ذلك “يستدعي ذكاء اللاعب لاختيار حركات وتقنيات معينة وقدرة بدنية تتسم بالليونة الحركية”.

وأضاف أن ميله لرياضة الجيدو لم يمنعه من ممارسة الفنون القتالية الأخرى كالمصارعة اليونانية الرومانية ورياضة “جيو جيتسو” البرازيلية، مما سمح له بتطوير فنياته في الجيدو.

وفي ما يتعلق بمشاريعه بعد نهاية مسيرته، قال البطل المغربي، البالغ من العمر 43 عاما، إنه “يرغب في المشاركة في بطولة العالم للماسترز للجيدو والدفاع عن الألوان الوطنية، قبل أن يكرس اهتمامه بالكامل لرياضة الجيو جيتسو البرازيلية، ويدخل بعد ذلك غمار مهنة التدريب”.

وأضاف “آمل أن أنشئ ناديا خاص بي لتدريب أبطال العالم في المستقبل في جيو جيتسو البرازيلي”، معربا عن استعداده لتقاسم الخبرة الواسعة التي راكمها في هذا الفن القتالي مع الشباب الرياضي المغربي كمدرب.

غير أنه أعرب عن أسفه لعدم إدراج رياضات فنون الدفاع عن النفس في أنشطة شبه مدرسية في المغرب، مشيرا إلى أن هذه الرياضة تهذب النفس والجسد والروح وتكسب ممارسها القدرة على الصبر وتحمل الصعاب والأزمات.

لم يؤثر جدول المنافسات والتنقل بين المحطات الرياضية على حياة محسن عطاف الشخصية، فهو ينعم بحياة أسرية هادئة ومستقرة محاطا بابنته سماح (14 عاما) وعمر (7 سنوات)، وزوجته هيدر لوتون، التي كانت تدعمه على جميع المستويات.

وبما أن الاعتراف بالجميل سمة أصحاب النفوس السامية، قال عطاف في حق زوجته “إنها كاتمة أسراري وجامعتي الرياضية الصغيرة. فبفضل دعمها غير المشروط، تمكنت من تجاوز المثبطات والمضي قدما في مسيرتي الرياضية”.

وفي رحلة حنين إلى الماضي توحي عن بوح خواطر، تذكر البطل المغربي أيضا والدته المرحومة فاطمة بلحاج، التي نالت في التسعينيات لقب أفضل مشجعة منحتها إياها الجامعة الملكية المغربية للجيدو وفنون الحرب المماثلة.

وقال “كنا، أنا وأخي، محظوظين بأم مثلها. كانت كالشمعة التي تنير طريقنا. رافقتنا في رحلاتنا المختلفة. أعطتنا كل شيء دون مقابل، سنبقى مدينين لها بمسيرتنا الرياضية”.