وهكذا، احتضنت المدينة الحمراء طيلة سنة 2019 مجموعة من التظاهرات الإقليمية والدولية الهامة التي تلامس كافة المجالات، لاسيما تلك المتعلقة بالميدان الاقتصادي، لتتحول بذلك إلى فضاء متميز للتفكير وتقاسم التجارب والخبرات حول مواضيع تستأثر باهتمام المجتمع الاقتصادي الوطني والقاري والإقليمي والدولي.
فخلال يومي 21 و22 أكتوبر الماضي، احتضنت عاصمة النخيل أشغال الدورة الثانية لمؤتمر مراكش الدولي للعدالة، بمشاركة حوالي 800 شخص يمثلون أزيد من سبعين بلدا، من بينهم 40 وزيرا للعدل وعدد هام من كبار المسؤولين بالمجالس العليا للقضاء والوكلاء العامين، فضلا عن فاعلين بارزين بالمؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية المختصة.
ويندرج هذا المؤتمر، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حول موضوع “العدالة والاستثمار: التحديات والرهانات”، في إطار التوجيهات الملكية السامية الرامية إلى تحفيز الاستثمارات، وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني وتحسين مناخ المقاولات، لاسيما عبر اعتماد ثقافة الحوار والتشاور والتنسيق بين مختلف الفاعلين في قطاع العدل والفاعلين الاقتصاديين الرئيسيين بالمغرب وعلى الصعيد الدولي.
وتميز هذا المؤتمر الدولي بالرسالة السامية التي وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، إلى المشاركين، والتي أكد فيها جلالة الملك، أن العدالة تعتبر من المفاتيح المهمة في مجال تحسين مناخ الاستثمار وتشجيع المبادرة الحرة وحماية المقاولة، مسجلا جلالته أن توفير المناخ المناسب للاستثمار يقتضي توفير الضمانات القانونية والاقتصادية الكفيلة بتحقيق الثقة في النظام القضائي.
وغير بعيد عن مراكش، احتضنت جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية ببنجرير يومي 4 و5 نونبر الماضي، المؤتمر الوزاري السنوي الثاني لمبادرة تكييف الفلاحة الإفريقية مع التغير المناخي (تريبل أ).
وقد جمع هذا الموعد الدولي 28 وفدا أجنبيا، من بينهم 20 وزيرا إفريقيا وممثلون عن الحكومات الإفريقية ومؤسسات مالية دولية مثل البنك الدولي ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) ، والبنك الإفريقي للتنمية، والجهات المانحة، وكذا عدد من الباحثين الدوليين.
وعقب يومين من النقاشات المثمرة، شجع وزراء الفلاحة وممثلو المنظمات الدولية والإقليمية ومؤسسات التمويل في الإعلان الختامي، مؤسسة تكييف الفلاحة الإفريقية مع تغير المناخ على مواصلة وتوسيع مواكبتها للبلدان لصياغة مخططات استثمار وطنية في الفلاحة الذكية والمتكيفة مع التقلبات المناخية.
وارتباطا بالقطاع الفلاحي دائما، احتضنت مدينة مراكش يومي 11 و12 نونبر الماضي أشغال المؤتمر الأول للاتحاد الأوروبي- شمال إفريقيا حول الفلاحة البيولوجية، والذي دعا المشاركون فيه إلى تعزيز البحث العلمي في مجال الفلاحة البيولوجية والانفتاح على التكنلوجيات الحديثة.
كما كانت مدينة مراكش يومي 13 و14 فبراير الماضي على موعد مع أشغال الدورة الثانية للمؤتمر العربي الإفريقي لسيدات الأعمال، حيث مكن هذا الحدث الذي عرف مشاركة وزراء وشخصيات بارزة وأزيد من ثلاثين خبيرا، من 12 بلدا من إفريقيا والشرق الأوسط، من مناقشة الرهانات والتحديات التي يتعين رفعها لإنجاز أهداف التنمية المستدامة، وذلك من خلال دعم النساء المقاولات.
ودعا المشاركون في ختام أشغال هذا المؤتمر، إلى إحداث صندوق مخصص للنهوض بريادة الأعمال النسائية بإفريقيا والعالم العربي، من أجل المساهمة في تحرير الإمكانات المالية، مؤكدين على أهمية تنويع مبادرات الشراكة بين القطاعين العام والخاص على نحو يتيح التمكين للنساء المقاولات الإفريقيات والعربيات.
وشهدت مدينة مراكش أيضا سنة 2019، تنظيم أشغال الدورة ال26 لمؤتمر الاتحاد الأفرو-آسيوي للتأمين وإعادة التأمين، في الفترة ما بين 23 و25 شتنبر، وذلك بمشاركة أكثر من 900 من المسؤولين والفاعلين في هذا المجال.
ووفر هذا المؤتمر، الذي نظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، فضاء ملائما لتحديد السبل والبحث عن الحلول الملائمة لتمكين قطاع التأمين وإعادة التأمين من الاضطلاع بدوره كاملا، وعلى الخصوص في مجال تأمين الأشخاص والممتلكات وتعبئة الادخار لصالح المنطقة الأفرو-آسيوية.
وفي السياق ذاته، احتضنت مدينة مراكش يومي 4 و5 دجنبر المؤتمر الرابع لاتحاد الهيئات العربية للإشراف والرقابة الذي نظمته هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي بتعاون مع اتحاد الهيئات العربية للإشراف والرقابة على أعمال التأمين.
وشكل هذا اللقاء الهام، الذي جمع المقننين والفاعلين في قطاع التأمين بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، منبرا للنقاش حول القضايا ذات الصلة بتنظيم وتطوير أسواق التأمين بالمنطقة.
وكانت مراكش على موعد أيضا مع الدورة الثانية من قمة الاتحاد الأوروبي- إفريقيا للأعمال، يومي 28 و29 نونبر، حيث التأم خلال هذا الحدث الذي شكل أرضية متميزة للتبادل والنقاش بين إفريقيا والاتحاد الأوروبي، أكثر من 300 مشارك من ضمنهم فاعلون سياسيون مؤثرون ومسيرو مقاولات من إفريقيا وأوروبا، بالإضافة إلى خبراء مرموقين، لمناقشة فرص الاستثمار وإقامة شراكات مستدامة بين إفريقيا وأوروبا.
وأكد المشاركون في هذا الموعد السنوي، أن العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وإفريقيا مدعوة إلى الانتقال من نموذج الدعم إلى التنمية والدخول في عهد علاقة مبنية على منطق رابح-رابح، مبرزين أن من مصلحة الاتحاد الأوروبي وإفريقيا إعادة تحديد شراكتهما، سواء على الصعيد المؤسساتي أو العلاقات الاقتصادية من أجل المضي نحو علاقات أكثر توازنا.
كما تم على هامش هذه القمة، إطلاق تحالف أعمال إفريقيا، وهي مجموعة عمل قارية من أجل توحيد مجمل الفاعلين الاقتصاديين الأفارقة حول رؤية واستراتيجية تنمويتين مشتركتين، وذلك بمبادرة من الاتحاد العام لمقاولات المغرب.
وكانت مدينة مراكش مسرحا، لأشغال الدورة ال 44 للاجتماعات السنوية للبنك الإسلامي للتنمية، التي نظمت بين 03 و06 أبريل الماضي، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
وشكلت الرسالة السامية التي وجهها جلالة الملك إلى المشاركين، أقوى اللحظات التي عرفها هذا الاجتماع، حيث دعا جلالته في هذه الرسالة، إلى تحرك جماعي من أجل تعزيز أسس التضامن بين الدول الإسلامية وتفعيل الانتقال إلى نموذج اقتصادي كفيل بتحقيق التنمية على جميع المستويات وإضفاء دينامية قوية على العلاقات الاقتصادية البينية.
وفي السياق ذاته، احتضنت مدينة مراكش يومي 25 و26 مارس، أشغال الدورة ال 52 لمؤتمر وزراء المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية الأفارقة التابع للجنة الاقتصادية لإفريقيا، بعد أن نظمت بالمدينة نفسها، في الفترة ما بين 20 و22 مارس، أشغال الاجتماع ال38 للجنة خبراء المؤتمر سالف الذكر، وذلك لتدارس السياسات المالية الضرورية لتنفيذ مشروع منطقة التبادل الحر القارية الإفريقية، في إطار خطة الأمم المتحدة 2030 وخطة الاتحاد الإفريقي لسنة 2063، وكذا الدور المحوري للقطاع الخاص في عصر الاقتصاد الرقمي.
لقد أضحت المدينة الحمراء، بفضل خبرتها الواسعة وتجربتها الكبيرة في تنظيم أحداث وطنية وإقليمية وقارية مهمة، بما فيها الأحداث ذات البعد الاقتصادي، تشكل واحدة من أرقى وجهات سياحة الأعمال وأفضلها في العالم، والتي بمقدورها تعزيز مكانتها المرموقة على الساحة الدولية في ما يتعلق باحتضان الاجتماعات والندوات والمعارض.