وقال السيد فارس، في افتتاح أشغال الدورة الأولى لمؤتمر موثقي المغرب، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس تحت شعار “التعاون الأورو – إفريقي .. التوثيق قوة اقتراحية”، “إن مشاريع التنمية البشرية والاجتماعية والشراكات الاقتصادية الهامة التي تبادر إليها المملكة ستفتح المجال لتعاقدات مختلفة، ستتحرك معها النصوص القانونية الوطنية والدولية، وسيكون من الواجب على كل المؤسسات ومنها السلطة القضائية وكل الفاعلين في مجال العدالة أن يعملوا على تطوير آلياتهم وفتح آفاق حوار داخلي وخارجي، ليكونوا في مستوى هذه الدينامية والحركية”.
كما أبرز الدور الذي يلعبه الموثق والعقد التوثيقي في مجال استقرار المعاملات كمدخل أساسي لتحقيق التنمية، وضمان الأمن التعاقدي وذلك عبر حماية حقوق المتعاقدين والمساهمة في تجنب حدوث المنازعات أو في حلها من خلال مساعدة القضاء على إصدار أحكام عادلة استنادا على عقود مصاغة بطريقة مهنية متقنة.
وشدد الرئيس الأول لمحكمة النقض في هذا السياق على أن الأمن القضائي للأفراد والجماعات وحماية حقوقهم وحرياتهم يعد رسالة كبرى وأمانة عظمى، أضحت اليوم، أكثر تعقيدا وصعوبة، بسبب تداعيات الأزمات الاقتصادية العالمية وإكراهاتها، وتأثيرات العولمة على البنيات الاجتماعية والثقافية والسياسية للدول والتنامي المتسارع لتكنولوجيا الاتصالات، والتطورات العلمية الهائلة التي تعرفها الإنسانية في مختلف المجالات.
كل هذه الأمور، يضيف السيد فارس، جعلت أسرة العدالة في الألفية الثالثة تواجه مفاهيم ومؤسسات قانونية وواقعية معقدة وتغييرات في بنية العلاقات التعاقدية وضوابطها ومضامينها، سواء كان طرفها شخصا طبيعيا أو معنويا، أو شخصا من أشخاص القانون العام أو الخاص أو كان وطنيا أو أجنبيا أو شركة عابرة للقارات، وبدأ الخبراء والمهتمون يتحدثون عن “التوازن الاقتصادي للعقد” و”بوادر القلق العقاري” و”آليات حماية المستهلك” و”ضمانات العدالة التعاقدية” والوسائل البديلة لحل المنازعات ودور القضاء في الاستثمار.
ويهدف المؤتمر، الذي ينظمه المجلس الوطني للهيئة الوطنية للموثقين بالمغرب، إلى تبادل الخبرات والتجارب وإيجاد الحلول للمشاكل المرتبطة بهذا المجال، فضلا عن تطوير العلاقات مع الشركاء وإبراز إشعاع التوثيق المغربي على المستوى الوطني والدولي، وكذا دور الموثق كفاعل أساسي في مواكبة التحولات المجتمعية، خاصة في ظل الاصلاحات التي يعرفها المغرب تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
وتشكل هذه الدورة، التي يشارك فيها العديد من الموثقين المنحدرين من القارة الإفريقية والأوروبية إلى جانب نظرائهم المغاربة، فرصة لتبادل الآراء ومناقشة عدة مواضيع في إطار تطوير العلاقات العريقة والتاريخية ما بين دول القارتين، وكذا مختلف الاشكاليات المرتبطة بممارسة مهنة الموثق وايجاد أجوبة ملائمة لها.
ويتضمن برنامج المؤتمر العديد من المواضيع تهم بالأساس “التطوير الأخلاقي للتكنولوجيا الرقمية في مجال التوثيق”، و”حماية الاستثمار على ضوء الاجتهادات القضائية”، و”الموثق ومواكبة التحولات المجتمعية”، و”التوثيق بالمغرب: تطلعات ووجهات نظر”، و”من أجل تنسيق قانون الأعمال بإفريقيا”، و”نحو رؤية جديدة لمهنة التوثيق بالمغرب”.
كما يشمل مجموعة من الندوات والمحاضرات، ينشطها ثلة من القضاة والأساتذة الجامعيين والباحثين والخبراء المختصين في الميدان القانوني ومجال الاستثمار، إلى جانب تنظيم ورشات في مواضيع تتعلق ب”التشريع العقاري” و”قانون الشركات” و”القانون الجبائي المغربي ” و”العقود الابتدائية ” و”الوسائل البديلة لحل المنازعات” و”الزواج المختلط والنظام الأوروبي”.
الحدث/ و م ع