Site icon الحدث جريدة ا خبارية

داء فقدان المناعة المكتسبة: ضرورة تعزيز الوعي بالتعايش مع حاملي الداء والقطع مع الوصم

عدنان عبوا: ما تزال الإصابة بداء فقدان المناعة المكتسبة، لصيقة بنظرة دونية لحامل الفيروس، تتسبب غالبا في عزلة “قسرية” للمصاب، تجعله يتوارى عن أنظار المجتمع خشية الوصم بالعار.

فالتمثل السلبي لهذا الداء داخل المجتمع يجعل من الإصابة به حكما قاسيا يصدر في حق المصاب، بالنظر للجهل الكبير بالأسباب المتعددة التي تجعل الشخص عرضة للمرض، وذلك رغم الجهود المبذولة، خاصة عبر وسائل الإعلام، للتوعية بأهمية التعايش مع الأشخاص المصابين، والقطع مع الوصم الذي يطالهم.

وخشية التعرض لتبعات النظرة السلبية للمجتمع، يرفض العديد من الأشخاص الخضوع للكشف عن المرض، مما يفاقم الوضع الصحي للمصاب، ويصعب التكفل المبكر بحالات الإصابة.

تفيد معطيات صادرة عن تقرير لبرنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز)، بأن 9.4 مليون شخص مصاب بفيروس نقص المناعة البشرية لا يعرفون وضعهم، مقابل 1.8 مليون شخص مصاب بالفيروس في عام 2017، كما أن 8.1 مليون شخص مصاب أبلغوا بإصابتهم بفيروس نقص المناعة البشرية بعد حصولهم على اختبار الحمل الفيروسي عام 2016.

وسعيا لنفي هذا الوصم بالعار، وضمانا لحسن الانصهار المجتمعي، وكذا إعمالا لروح وفلسفة الميثاق العالمي لحقوق الإنسان ودستور المملكة النابذ للتمييز، يأتي تخليد اليوم العالمي لمحاربة (السيدا)، والذي يصادف فاتح دجنبر من كل سنة. فعلى الصعيد الوطني، عملت وزارة الصحة، على إعطاء الانطلاقة الرسمية للحملة الوطنية للكشف عن فيروس نقص المناعة المكتسبة، تحت شعار “جميعا من أجل مغرب دون سيدا في أفق سنة 2030″، عبر إسهام شركاء وطنيين ودوليين، يشتغلون في مجال الاستجابة الوطنية لمكافحة فيروس نقص المناعة البشرية السيدا.

هذه الحملة الوطنية المنظمة من فاتح نونبر الجاري إلى فاتح دجنبر المقبل، والتي تروم رفع الوعي بأهمية الكشف عن المرض، تندرج في إطار تنفيذ المخطط الاستراتيجي الوطني لمكافحة السيدا 2017 – 2021.

وتستهدف الحملة الوطنية فحص 200 ألف شخص، خاصة النساء الحوامل للوقاية من انتقال الفيروس من الأم إلى الطفل، وكذا الأطفال والشباب والأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس، بتعاون مع جميع الشركاء الحكوميين وغير الحكوميين.

وتواكب هذه الحملة أنشطة تواصلية وتحسيسية بأهمية الوقاية والكشف عن فيروس نقص المناعة البشرية، كما تعرف تعبئة كل الفاعلين لمكافحة جميع أشكال الوصم والتمييز للأشخاص المتعايشين مع الفيروس، مع العلم أن 30 بالمائة من بين حوالي 20 ألف شخص مصاب بفيروس نقص المناعة البشرية بالمغرب، ممن يجهلون إصابتهم، وبالتالي لا يستفيدون من العلاج. ووضعت الوزارة، لهذا الغرض، مراكز للكشف تابعة لها ومؤسسات ووحدات متنقلة أخرى تابعة لمنظمات غير حكومية رهن إشارة الأشخاص الراغبين في القيام بالكشف عن فيروس نقص المناعة البشرية الذي توفره وزارة الصحة بالمجان، تتوزع وفقا للخريطة المتوفرة بالبوابتين الإلكترونيتين لوزارة الصحة وكذا صفحات “الفايسبوك” الرسمية للوزارة.

من جهته، يهدف برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز إلى تنسيق الجهود الجماعية لـ 11 وكالة من وكالات الأمم المتحدة والصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا، من خلال “تعزيز هدف عالمي يتمثل في حصول الجميع على الوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية، والعلاج والرعاية والدعم ووقف انتشار الفيروس”.

يذكر أن استراتيجية برنامج الأمم المتحدة المشترك للايدز حول حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين، تتوخى العدالة الاجتماعية والكرامة والمساواة والشمولية، كما أنها تنطوي على وضع أهداف طموحة من شأنها ضمان السرعة في تقديم خدمات الوقاية والعلاج عالية التأثير من الفيروس. كما يرمي إلى تحقيق التزام وطني لثلاثة أصفار، “صفر إصابات جديدة بالفيروس، صفر تمييز، و صفر وفيات مرتبطة بالإيدز”، كما يروم تسريع الوصول إلى العلاج لجميع المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية من خلال تنسيق الدعم الخارجي والتقني و المالي.